الصفحات

الاثنين، 30 سبتمبر 2013

موسوعة الاخرة في 10مجلدات - لماهر أحمد الصوفي - نسخة مصورة PDF- بروابط مباشرة


اسم الكتاب : سلسلة موسوعة الاخرة 

المؤلف : ماهر أحمد الصوفي 

قدم للموسوعة : الدكتور : محمد سعيد البوطي   ، والدكتور : محمد جمعه سالم ، والدكتور : عكرمه سليم صبري ، والدكتور : محمود عاشور ، والدكتور : فاروق حماده 

الناشر : المكتبة العصرية - بيروت

الطبعة : الأولى لسنة 2010 م

روابط تحميل الموسوعة المباشرة  : اضغط على الجزء المراد تحميله

الجزء الأول : علامات الساعة الصغرى والوسطى 

الجزء الثاني : علامات الساعة الكبرى 

الجزء الثالث : الموت وعالم البرزخ

الجزء الرابع : الحشر وقيام الساعة 

الجزء الخامس : البعث والنشور

الجزء السادس : بداية يوم القيامة - أرض المحشر - الحوض - الشفاعة العظمى

الجزء السابع : الحساب والعرض على الله سبحانه وتعالى

الجزء الثامن : الميزان - والصحف - والصراط - وأنواع الشفاعات

الجزء التاسع : النار أهوالها وعذابها

الجزء العاشر : جنان الخلد نعيمها ، وقصورها وحورها





رابط واحد لجميع المجلدات على الفور شيرد :



روابط أخرى للموسوعة على الميديا فاير:

1-أشراط الساعة-العلامات الصغرى والوسطى
 
 
2-أشراط الساعة-العلآمات الكبرى


3-الموت وعالم البرزخ
 
 
04-الحشر وقيام الساعة

 
5-البعث والنشور
 
 
6-بداية يوم القيامة-أرض المحشر-الحوض-الشفاعة العظمى

 
7-الحساب والعرض على الله سبحانه وتعالى

 
8-الميزان-الصحف-الصراط-أنواع الشفاعات
 
 
9-النار-أهوالها وعذابها

 
10-جنان الخلد-نعيمها وقصورها وحورها


السبت، 21 سبتمبر 2013

الاختلاط - الحكم والأدلة والنتائج والاثار


 

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
الاختلاط
الحكم والأدلة، والنتائج والآثار
من دلائل صدق إيمان العبد، وسلامة قلبه لله تعالى: الاستسلام لأمره سبحانه في الأمور كلها، وتعظيم نصوص الشريعة، والوقوف عندها، وتقديمها على أقوال الرجال مهما كانوا؛ كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ*وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ} [النور:51 – 52].

وإنما تقع الردة والضلال، ويتأصل الزيغ والنفاق في قلب العبد إذا عارض شرع الله تعالى؛ تقليدًا لغيره، أو لرأي أحدثه، متبعًا فيه هواه، معرضًا عن شرع الله سبحانه، كما في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].

ومع عظيم الأسى، وشديد الأسف فإن الإعلام المعاصر في أكثر فضائياته وإذاعاته، وصحفه ومجلاته، يُربِّي المتلقين عنه على التمرد على أوامر الله تعالى، وانتهاك حرماته، والاجتراء على شريعته، في كثير من القضايا التي يلقيها على الناس من سياسية واقتصادية، واجتماعية وثقافية، ولا سيما إذا كان الحديث عن المرأة وقضاياها.

تكريس الاختلاط بالقول والصورة:
 لقد اعتاد المتلقُّون عن الإعلام وبشكل يومي - بل وفي كل ساعة ولحظة - على مشاهدة سفور النساء، وظهورهن بأبهى حُلَّة، وأجمل زينة، متكشفات، مبتسمات، مختلطات بالرجال، تجلس المرأة بجوار الرجل، وتمازحه وتضاحكه، أمام ملايين المشاهدين والمشاهدات، ولا هي قريبته، ولا هو محرم لها، وليس بينهما رباط إلا رباط الإعلام والشيطان، ولا يكاد يخلو برنامج أو فقرة من رجل وامرأة في الأخبار والرياضة، والحوار والسياسة، والأزياء والطبخ، بل حتى برامج الأطفال لا بد فيها من فتى وفتاة.

وهذه الصورة المتكررة في كل لحظة تُهَوِّن هذا المنكر العظيم في نفوس المشاهدين، وتحوله من معصية وعيب إلى لا شيء؛ وتلك والله من الفتن التي يُرِّققَ بعضها بعضًا كما جاء في الحديث.

واعتياد الناس على هذه المشاهد الآثمة يجعل إنكارهم لها، وانصرافهم عنها ضعيفًا جدًا، بل لربما أنكر أكثرهم على من ينكرها ومشاهدتها، فانقلبت من كونها منكرًا وباطلاً إلى معروف وحق لا يجوز أن يجادل فيه أحد!!

وهذا التهوين للمنكر بالفعل والصورة الذي يتكرر في كل ساعة ولحظة، يصاحبه تسويغ له بالكلمة والمقالة؛ فينبري أجهل الناس بالشريعة، وأضعف الخلق ديانة لمناقشة مسائل الحجاب والسفور والخلوة والاختلاط، وسفر المرأة بلا محرم، وليس نقاشهم علميًا موضوعيًا لإحقاق حق، وإبطال باطل، وإنما هو نسف للشريعة، وإبطال للقرآن والسنة، وإلغاء لما سارت عليه الأمة المسلمة في قرونها السالفة، وإحلال للقوانين والعادات الغربية محل شريعة الله تعالى في التعظيم والطاعة والامتثال باسم الانفتاح والرقي والتقدم.

ومن آثار هذا التجييش الإعلامي للباطل، ونشر تلك الرذائل على أوسع نطاق نرى تغيرًا مستمرًا في كثير من بيوت المسلمين، يتجلى في مظاهر عدة، وأخلاق بديلة لم يكن المسلمون يعرفونها قبل هذا الغزو الإعلامي، من التساهل بالحجاب، وسفر الفتاة للدراسة بلا محرم، ومزاحمة المرأة للرجال في العمل، واختلاطها بهم في كثير من المجالات والأعمال، بلا خجل ولا حياء. وأهل الفسادُ يوسِّعُون دائرة الإفساد ليجتاح الأمة بأكملها، ويأتي على البيوت والأسر كلها، وإذا لم يَسْعَ المسلمون لإيقاف هذه الأمراض التي تفتك بالمجتمعات، ولم يأخذوا على أيدي دعاة الرذيلة وناشري الفساد؛ فإنه سيأتي اليوم الذي يفقد فيه الرجل سلطانه على نسائه وبناته، فيخرجن متى أردن، ويصاحبن من شئن، ويفعلن ما يحلو لهن، كما وقع في كثير من بلاد المسلمين التي غزاها شياطين الإنس بأفكارهم، ودمروها بمشاريعهم التغريبية التخريبية، وحينها لا ينفع ندم ولا بكاء على عفة فقدت، وقد كانت من قبل تستصرخ أهل الغيرة ولا مجيب لها، ونعيذ بالله تعالى بلادنا وبلاد المسلمين أن يحل بها ذلك.
 
إن الخطأ خطأ ولو كثر الواقعون فيه، وإن المنكر لا ينقلب إلى معروف بمجرد انتشاره، وهكذا الباطل يبقى باطلاً ولو زَيَّنه المزورون بزخرف القول، وروجوه بالدعاية، والواجب على أهل الإسلام إنكار المنكر ولو كان المتجافي عنه غريبًا في الناس، كما يجب عليهم إحقاق الحق ولو أعرض عنه أكثر الناس، فانتشار الباطل وانتشاء أهله، وغربة الحق وضعف حملته لا يسوغ السكوت والتخاذل.وإلا غرق المجتمع كله في حمأة الباطل، وطوفان الرذائل.

لماذا يسعون في نشر ثقافة الاختلاط؟ اختلاط المرأة بالرجال هي القضية الأساس التي يسعى المفسدون لنشرها في المجتمع، ويستميتون في إقناع الناس بها، ويُوجدون لها المسوغات، ويجعلونها من الضرورات، ويعزون كل بلاء في الأمة وتخلف وانحطاط إلى ما ساد من عزل المرأة عن الرجل في التعليم والعمل وغير ذلك.

ويعلم المفسدون في الأرض أنهم إن نجحوا في نشر الاختلاط، وقهر الناس عليه بقوة القرارات الدولية، والتخويف بالدول المستكبرة، واستغلال نفوذهم في بلاد المسلمين، والتفافهم على أصحاب القرارات والتوصيات، مما يجعلهم قادرين على إلجاء الناس إليه عمليًا في العمل والدراسة، وفرضه بقوة النظام - وهو ما يسعون إليه بجد وقوة - فإن ما بعد الاختلاط من الإفساد يكون أهون، والنساء إليه أسرع كالخلوة المحرمة، وسفر المرأة بلا محرم، وسفورها وتبرجها، وعرض زينتها، وغير ذلك من الإثم والضلال، وانتهاك حرمات الكبير المتعال.
 
ولن يوقف ذلك إلا إنكار الناس عليهم، ورفضهم لمشاريعهم التغريبية، وكشف خططهم ومآربهم لعامة الناس، والأمر يعني الجميع، ولا يختص بأحد دون أحد، ومن حق الناس أن يسعوا إلى ما فيه حفظ بيوتهم وأسرهم، وبناتهم ونسائهم من أسباب الفساد والانحراف، وأن يأخذوا على أيدي المفسدين والمفسدات، من أتباع الغرب وعباد الشهوات.

من أدلة تحريم الاختلاط:
من نظر في شريعة الله تعالى يجد أنها أوصدت كل الأبواب المؤدية إلى الاختلاط، وسدت الذرائع لذلك، وحمت المجتمع من الفاحشة والرذيلة بتشريعات ربانية تبقي على المجتمع عفته وطهارته ونقاءه، واستقامة أسره، وصلاح بيوته ما دام أفراده قائمين بأمر الله تعالى، ممتثلين لشرعه، مستسلمين لنصوص الكتاب والسنة، ولم يسمحوا للمفسدين أن ينخروا ذلك السياج الربَّاني بين الرجال والنساء، ومن الأدلة على منع الاختلاط ما يلي:

1- قول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: 53].
وهذا الخطاب الرباني هو لأطهر هذه الأمة قلوبًا وهم الصحابة رضي الله عنهم، وفي أعف النساء وهن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، فما بالك -أخي المسلم- بمن هم دونهم من الرجال، وبمن هُنَّ دونهن من النساء؟!
{فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}؛ فالخالق الرازق المدبر سبحانه يأمر في كتابه بالحجاب بين الرجال والنساء، والمفسدون يريدون تحطيمه وإزالته، وينهون الناس عنه!!

2- قول الله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30]، ثم قال سبحانه: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31].

فلو كان الاختلاط سائغًا في الشرع لكان في هذه الأوامر الربانية تكليف بما لا يطاق؛ إذ كيف تختلط المرأة بالرجل، وتجلس بجواره في العمل أو الدراسة، ولا ينظر كل واحد منهما للآخر وهما يتبادلان الأعمال والأوراق والدروس؟!

3- حديث أبي سعيد رضي الله عنه وفيه ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن من حق الطريق: ((غضُّ البصر)).

فإذا كان غض البصر واجبًا على الرجال إذا مرت بمجلسهم في الطريق امرأة، فكيف يسوغ لبعض الناس أن يزعموا أن شريعة الله تعالى لا تُمانع من اختلاط الرجال بالنساء؟!

4- حديث جَرِيرِ بن عبدالله قال: "سَأَلْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن نَظَرِ الْفُجَاءَةِ؛ فَأَمَرَنِي أَنْ أَصْرِفَ بَصَرِي".

وإذا كانت المرأة بجوار الرجل في الدراسة أو العمل أو غير ذلك فكيف يصرف بصره عنها وهو يتعامل معها طيلة وقت الدراسة والعمل؟!

5- حديث بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: ((يا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ؛ فإن لك الْأُولَى وَلَيْسَتْ لك الآخِرَةُ)).
وفي هذا الحديث نهي صريح عن اتباع النظرة النظرة، والنهي يقتضي التحريم، فلو قيل بجواز الاختلاط لكان في الشريعة تناقضًا - تعالى الله عن ذلك- إذ كيف تنهى الشريعة عن اتباع النظرة النظرة، ثم تجيز اجتماع الجنسين في مكان واحد بلا حجاب بينهما ساعات عدة، وكل يوم، ولا ينظر بعضهم إلى بعض.

6- حديث عُقْبَةَ بن عَامِرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم - قال: ((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ على النِّسَاءِ)).

فإذا كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يحذر الرجال من الدخول على النساء فكيف إذًا بالمكث عندهن وأمامهن وبجوارهن في ساعات العمل والدراسة وغيرها كل يوم؟!

7- أن النبي – صلى الله عليه وسلم - عمل على منع الاختلاط في الطريق أثناء الخروج من المسجد، وما هو إلا لحظات، وعقب عبادة عظيمة، والرجال فيه والنساء من المصلين والمصليات، وهم وهن أقرب للتقوى، وأبعد عن الريبة، فكيف بغير تلك الحال؟!

روت أم سلمة - رضي الله عنها -: "أَنَّ النِّسَاءَ في عَهْدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ إذا سَلَّمْنَ من الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ وَثَبَتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ صلى من الرِّجَالِ ما شَاءَ الله فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرِّجَالُ".

8- أنه ذات مرة وقع في الخروج من المسجد اختلاط غير مقصود فبادر النبي عليه الصلاة والسلام إلى إنكاره، وأوصى بما يزيله؛ كما روى أبو أُسَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ سمع رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو خَارِجٌ من الْمَسْجِدِ فَاخْتَلَطَ الرِّجَالُ مع النِّسَاءِ في الطَّرِيقِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِلنِّسَاءِ: ((اسْتَأْخِرْنَ؛ فأنه ليس لَكُنَّ أَنْ تَحْقُقْنَ الطَّرِيقَ عَلَيْكُنَّ بِحَافَّاتِ الطَّرِيقِ))؛ فَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَلْتَصِقُ بِالْجِدَارِ، حتى إِنَّ ثَوْبَهَا لَيَتَعَلَّقُ بِالْجِدَارِ من لُصُوقِهَا بِهِ.

فالنبي - عليه الصلاة والسلام - في هذا الحديث ينهى النساء وهن خارجات من المسجد إلى بيوتهن عن سلوك وسط الطريق، ويأمرهن بحافتيه لئلا يختلطن بالرجال، مع أن المسافة قصيرة، والوقت قليل؛ لقرب بيوتهن من المسجد، فكيف بالدعوة إلى اختلاط في العمل والدراسة طيلة وقت الدوام؟!

9- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - منع الاختلاط في المسجد، وهو أجلُّ مكان وأشرفه، وهو محل العبادة، وفيه يُطهر القلب من الرجس والشهوة، والقلوب فيه متعلقة بالله تعالى، بعيدة عن الفساد والشر، ومع ذلك حسمت فيه مادة الشر، وسدت فيه ذرائع الفساد، فكيف إذن بسواه؟!

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا)).

10- في الطواف بالبيت، وهو من أجل العبادات وأشرفها - مُنع الاختلاط؛ كما أخبر التابعي الجليل عطاء بن أبي رباح - رحمه الله تعالى - أن النساء فيه لم يكن يخالطن الرجال وقال: "كانت عَائِشَةُ - رضي الله عنها - تَطُوفُ حَجْرَةً من الرِّجَالِ، لَا تُخَالِطُهُمْ".

وقال - عليه الصلاة والسلام - لزوجه أم سلمة - رضي الله عنها -: ((طُوفِي من وَرَاءِ الناس وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ)).

ولما وقع في عهد عمر - رضي الله عنه - شيءٌ من اختلاط الرجال بالنساء في الطواف؛ نهى أن يطوف الرجال مع النساء، فرأى رجلاً معهن فضربه بالدِّرْة .

فهذه عشرة أدلة واضحة في منع الاختلاط، والمؤمن المستسلِم لأمر الله تعالى يكفيه منها دليل واحد؛ ليمتثل أمر الله تعالى وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام ليفوز بالرضوان والجنان، وليسلم من العقوبة والنيران.

وهذا هو حكم شريعة الله تعالى في قضية الاختلاط، التي يَسْعَى المنافقون والشهوانيون لإقناع الناس أن الاختلاط لا يُعارض الدين، وأنه من أسباب الرقي والتقدم.

أَبَعْدَ هذهِ النصوص المحكمة الواضحة يليق بالمؤمنين والمؤمنات أن يصدقوا أكاذيبهم، ويرضوا بمشاريعهم، ويستسلموا لإفسادهم، وإخراجهم لنساء المسلمين وبناتهم، وقتلهم لحيائهن وإحصانهن وعفافهن، ويتركوهم ينخروا في المجتمع، ولا ينكرون ذلك عليهم؟! وقد استبان لهم الحق بأدلته، وبان لهم الباطل بدجله وعورته، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟!

الاختلاط معارض للفطرة السوية:
إن عزل الرجال عن النساء، واختصاصهن بأعمال المنزل وحضانة الأطفال، واختصاص الرجال بالعمل والاكتساب - متوائمٌ مع الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها، وسارت عليها البشرية طوال تاريخها في الشرق والغرب، وعند سائر الأمم، قبل أن تأتي الحضارة المعاصرة بضلال الاختلاط، ومن قرأ تواريخ الحضارات والأمم السالفة أيقن بحقيقة ذلك.

ونزلت شرائع الله تعالى على أنبيائه ورسله - عليهم السلام - بما يوافق هذه الفطرة، وقد أجمعت الشرائع كلها على حفظ النسل من الاختلاط، وعلى حفظ المجتمعات من الفساد والانحلال؛ ولذا كان الزنا محرمًا على لسان كل المرسلين عليهم السلام، ويجمع كل العقلاء من البشر على أن الاختلاط أكبر سبب للزنا، كما يجمع البشر على أن الزنا سبب للأمراض والطواعين التي تفتك بالناس، والواقع يدل على هذه الحقائق. ولا يُماري في شيء من ذلك إلا جاهل أو مكابر، فمن دعا للاختلاط ورضيه فهو يدعو للزنا وانتشار الفواحش، وهو يدعو كذلك لنشر الطاعون في الناس، وإهلاكهم به، شاء ذلك أم أبى؛ إذ إن هذه الأمراض الخبيثة هي نَتَاج دعوته الخبيثة.
وإن تعجب - أيها القارئ - فعجب لأناس يدعون للاختلاط، وينشرون الرذيلة في الناس، ثم يحذرون من انتشار مرض الإيدز، ويعقدون المؤتمرات والندوات لمكافحته، فهل هم صادقون في تحذيرهم؟ وهل يعقلون ما يقولون وما يفعلون؟ وهل هم إلا كمَنْ يسقي الإنسان سُمًّا ثم يصيح به محذرًا إياه أن يموت مما سقاه؟!

إنه لن تجدي المؤتمرات والندوات والتوعية الصحية والاجتماعية في التخفيف من الأمراض المستعصية، الناجمة عن الممارسات الجنسية المحرمة، إذا كان المفسدون يخلطون بين الرجال والنساء، ويوسعون دائرة الاختلاط يومًا بعد يوم؛ وينشرون في إعلامهم ما يسعر الشهوات، ويدعو إلى الرذيلة؛ ولذا نوصيهم أن لا يكذبوا على الناس ويخدعوهم، ويحذروهم من انتشار الإيدز؛ لأنهم أكبر سبب من أسبابه حين شرعوا للاختلاط، وأفسدوا الإعلام، وفرضوا على الناس آراءهم الفكرية الشهوانية.

يقول العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى -: "ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصلُ كل بلية وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة.. وهو من أسباب الموت العام والطواعين المهلكة. ولما اختلط البغايا بعسكر موسى - عليه السلام - وفشت فيهم الفاحشة؛ أرسل الله تعالى عليهم الطاعون؛ فمات في يوم واحد سبعون ألفًا، والقصة مشهورة في كتب التفسير.

فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا؛ بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات". اهـ .

وكلام ابن القيم - رحمه الله تعالى - لا يعجب أهل الشر والفساد، ودعاة الرذيلة والانحلال؛ لأنهم مستعبدون في أفكارهم لما يمليه عليهم أهل الحضارة المعاصرة، ومشرَبون بحبِّ كتابات الغربيين، فلا بأس من نقل شيء من أقوال الغربيين، من باب قول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ} [الأنعام: 55].

أقوال نساء الغرب في الاختلاط:إن المفسدين يزعمون أنهم بمشاريعهم التغريبية التخريبية يَنْصُرون المرأة ويدافعون عن حقوقها في الاختلاط والفساد، ولكنهم كاذبون أو جاهلون، وسأنقل بعض أقوال النساء الغربيات؛ حتى نعرف رأيهن في الاختلاط وقد جرَّبْنَه، وسبقن نساء العالمين إليه، ولسن متهمات بأنهن (مُؤَدْلَجَات) أو متطرفات، أو يعشن عصور الظلام والحريم كما يقول المنافقون والمنافقات:

1- تقول الصحفية الأمريكية هيليان ستانبري: "أنصحكم بأن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، امنعوا الاختلاط، وقيدوا حرية الفتاة؛ بل ارجعوا لعصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوربا وأمريكا.. امنعوا الاختلاط، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعًا مليئًا بكل صور الإباحية والخلاعة. إن ضحايا الاختلاط يملؤون السجون، إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبي قد هدد الأسرة وزلزل القيم والأخلاق".

2- تقول كاتبة أخرى: "إنه لعارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مَثَلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال".

3-في بريطانيا حذرت الكاتبة الإنجليزية (الليدي كوك) من أخطار وأضرار اختلاط النساء بالرجال، فقالت: "على قدر كثرة الاختلاط؛ تكون كثرة أولاد الزنا"، وقالت: "علموهنَّ الابتعاد عن الرجال".

فهل يبقى لدعاة الاختلاط والفساد قول وقد عارضوا شريعة الله تعالى، وخالفوا الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وكذبوا على الناس فزوروا الحقائق، وأخفوا النتائج المخزية للاختلاط في البلاد التي اكتوت بذلك.

حمى الله تعالى بلادنا وبلاد المسلمين من المفسدين والمفسدات، والمنافقين والمنافقات، وردهم على أعقابهم خاسرين، إنه سميع قريب.

كمال الشريعة ويسرها:
من رحمة الله تعالى بعباده رفعه الحرج عنهم، وتكليفهم بما يطيقون، والتخفيف عنهم فيما يرهقهم ويشق عليهم، والأدلة في القرآن على ذلك كثيرة جدًا، منها:
1- قول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286].

2- قوله سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].

3- لما ذكر سبحانه التخفيف في أحكام الصيام قال عز من قائل: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ} [البقرة: 185].

4- في شرعية التيمم عند عدم الماء قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6].

5- وصف رسوله عليه الصلاة والسلام بأنه: {يَأْمُرُهُمْ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف:157].

ومن مظاهر الرحمة واليسر في شريعة الله تعالى: أن كُلف العباد بما يطيقون من الواجبات، وخُفف عنهم ما لا يطيقون، وهذا المظهر من مظاهر التخفيف بَيِّنٌ واضح لكل من يقرأ القرآن، ويعرف الأحكام.

وثمة مظهر آخر للتيسير يغفُل عنه أكثر الناس وهو لا يقل أهمية عن الأول، وهو أن الله تعالى لما حرم المحرمات على العباد أوصد سبلها، ومنع وسائلها، وسدَّ الطرق المفضية إليها؛ رحمة بالعباد، وعونًا لهم؛ وذلك لئلا توجد في نفوسهم دواعيها، وقد حرمت عليهم فيرهقهم الامتناع عنها.
فالزنا حرَّمه الله تعالى في كل شرائع الرسل عليهم السلام؛ لما فيه من انتهاك العرض، وتدمير النسل، والشرائع الربانية جاءت بحفظ الضرورات التي منها العرض والنسل.

ولما كان من فطرة الإنسان وجِبِلَّتِه التي خلقه الله تعالى عليها ميل كل جنس من الرجال والنساء للجنس الآخر، ومحبته له، والأنس به، وتمني معاشرته؛ فإن الشرائع الربانية نظمت ذلك بالزواج، وحرمت السفاح، وأوصدت الطرق المسببة للزنا، فأمرت الشريعة السمحة بغض البصر، ومنعت الخلوة بالنساء، وسفرهن بلا محارم، كما منعت سفورهن وتبرجهن واختلاطهن بالرجال.

ولو كانت هذه الأسباب والوسائل مباحة مع تحريم ما تُفضي إليه من الزنا لكان في ذلك من الرهق والعُسر والمشقة على العباد ما لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكان حالهم كحال الجائع الذي يوضع أمامه ما لذَّ من الطعام ثم يقال له: لا تأكل!!

والجائع يصبر عن الطعام إذا كان لا يراه ولا يَشْتَمُه، ولكن إذا رآه أو اشتمه لم يصبر عنه، والرجل يصبر عن المرأة في حال غيابها وتسترها، ولكنه لا يصبر عنها في حال سفورها وتبرجها واختلاطها به، واستعراضها أمامه.

وحيثما كَثُر الاختلاط والعُري والتفسخ في بلد من البلدان؛ مرضت القلوب، وفسدت الأخلاق، وازداد السعار الجنسي، وانتشرت جرائم الزنا والاغتصاب وأنواع الشذوذ.

وإذا أُوصدت أبواب الفتنة والشر والفساد، وفصل النساء عن الرجال؛ صلحت القلوب، واستقامت الأخلاق، وانتشر في الناس الطهر والعفاف، والواقع يشهد لتلك الحقائق.

من مفاسد الاختلاط:إن اختلاط النساء بالرجال هو البوابة التي ما فتحتها أمة من الأمم إلا ولجت إليها الجرائم الأخلاقية، وانتشر فيها الشذوذ الجنسي، وصارت عرضة للطاعون والأوبئة الفتاكة.

إن الاختلاط يفتح أنواعًا من البلاء والشرور على الناس منها:
1- أن حياء المرأة الذي لا زينة لها إلا به يَضْعُف شيئًا شيئًا كلما اقتربت من الرجال، وعاملتهم وخالطتهم.. وما قيمة المرأة بلا حياء؟! تكلم الواحد منهم وتضاحكه وتمازحه أشد مما تفعل ذات المحرم مع محارمها، وما كانت بجاحتها وجرأتها إلا بسبب قلة حيائها.

2- أن المرأة تعتني بحجابها لئلا يراها من لا يحل لهم رؤيتها من الرجال، فإذا كانت تقيم الساعات الطوال أمامهم، وتعايشهم في أماكنهم ومقرات أعمالهم فإنها تتخفف من حجابها الشيء بعد الشيء؛ لأنها ألفتهم، ولا تراهم في منزلة من لا تعرفهم من الرجال.

ومع كثرة المخالطة لا ترى حرجًا في إلقاء حجابها أمامهم بحجة الزمالة، وقدم المعرفة، وثقتها بأخلاقهم، وغير ذلك من الحجج الواهية التي يزينها الشيطان لها، وتعصي بها ربها الذي أمرها بالحجاب في قوله عز وجل: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31].

3- أن المرأة تعتني بزينتها، ويهمها شكلها ومظهرها، وتضعف أمام المادحين لها، فإذا اختلطت بالرجال أبدت لهم ما يثنون به عليها، وتنافست هي وزميلاتها في هذا المجال، حتى يخيل لبعض من يراهن أنهن في دور عروض الأزياء، من كثرة أصباغهن، وعُري ملابسهن، فيقعن في ما نهى الله تعالى عنه بقوله عز وجل: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31].

4-لضعف المرأة أمام عواطفها, فإنها قد تعلق في مجال عملها برجل لجمال خلقته، أو حسن معاملته، أو قوة نفوذه، وهو لا يحل لها لأنها ذات زوج، أو لا تستطيع الوصول إليه، وقد وقع ذلك لكثير من النساء، ولا سيما من لها مشاكل مع زوجها أو أهلها، فتفضي بمن أعجبت به بمشاكلها لحلها وتقديم المشورة لها، حتى تُفتن به، ويُفتن هو بها.

فتكون بين نارين: إما أن تشبع عواطفها ورغباتها بما حرم الله تعالى عليها، أو تكبت مشاعرها فتشقى بها.

5-لا تسلم المرأة العاملة في مجالات مختلطة من الخلوة بزميل أو مدير لأي ظرف كان؛ فتقع بذلك في مخالفة النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال: ((لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إلا مع ذِي مَحْرَمٍ)).

6- أن الاختلاط خطر على المرأة؛ إذ قد تتعرض للإغراء والإغواء والمراودة والابتزاز، وقد يصل ذلك إلى التحرش والاعتداء بالقول أو بالفعل من زملائها أو أساتذتها أو رؤسائها، ولا سِيَّما إذا كانت ذات جمال، وكانت درجاتها وترقياتها بأيديهم، ولا دين يردعهم، ولا خلق يمنعهم.

وفي الدول التي تقدمت في الاختلاط، وزاحمت المرأة فيها الرجال تكثر الفضائح والمشكلات بين العاملين والعاملات، والطلاب والطالبات. حتى وصلت نسبة الاعتداءات والتحرشات إلى تسعين في المئة في بعض البلاد الغربية.

وكم من فتاة عفيفة تركت دراستها، أو غيرت تخصصها، أو نقلت وظيفتها؛ لما تلقاه من ابتزاز في عرضها وعفافها؟!

7- أن الاختلاط سبب للعزوف عن الزواج؛ لأن الرجل إذا قدر على إرواء غريزته بغير زواج ولا نفقة ولا بيت ولا مسئوليات فلماذا يتزوج؟! وعزوف الشباب عن الزواج في المجتمعات المختلطة من أَبْيَنِ الدلائل على ذلك، وفي البلاد الغربية أرقام مخيفة في ذلك.

8- أن الاختلاط من أكبر أسباب الخيانات الزوجية، وهو يوقد نار الخصام والجدال بين الزوجين؛ فلا الرجل يقنع بزوجته وهو في كل صباح يجالس الجميلات ويمازحهن. ولا المرأة تقنع بزوجها وهي ترى من زملائها من هم أجمل خِلقة، وأرقى تعاملاً من زوجها، ولا بد أن تقع المقارنة من الزوجين، كل واحد منهما يقارن الآخر بما يراه في عمله.

9- أن الاختلاط سبب لكساد المرأة، وعزوف الرجال عنها، وعدم رغبتهم فيها؛ لأن غيرتهم تمنعهم من قبول امرأة تعامل الرجال وتحادثهم وتجالسهم، فالرجل السَّوِي يريدها له وحده ولا يريد أن يشاركه فيها أحد.

وعزوف الشباب عن الزواج بالعاملات في المجالات الطبية المختلطة دليل على ذلك.

وكلما توسعت دائرة الاختلاط زادت الشكوك بين الزوجين، فهو يشك فيها مع زملائها، وهي تشك فيه مع زميلاته، فيكثر الخصام بين الزوجين، وفي كثير من الأحيان يؤدي هذا الخصام إلى الطلاق.

10- أن الاختلاط سبب لانشغال كل جنس بالآخر عن العمل أو الدراسة؛ فهو أبدًا يفكر فيه، ويكرس عقله وجهده في كيفية الوصول إليه، وقد أثبتت كثير من الدراسات الحديثة أن من أهم أسباب ضعف التحصيل الدراسي في المدارس المختلطة انشغال كل جنس بالجنس الآخر.

يقول أحد الأطباء الغربيين: "عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان تُفرز بعض الغدد هرمونات تتسرب في الدم إلى أن تصل إلى الدماغ فتخدره فلا يصبح قادرًا على التفكير والتركيز الصافي".

والغرائز الجنسية تتحرك بشكل أكبر حين يجتمع الرجال بالنساء في مكان واحد.

فَعُلم بذلك أن الاختلاط داء وبيل، وشر مستطير، لا يفتح على أمة من الأمم إلا أصاب دينها وأخلاقها في مقتل، وكان سببًا لانتشار الرذائل والفواحش التي تنتج أولاد الحرام، وتسبب كثرة الإجهاض، وتنشر الطواعين والأمراض، وتفكك روابط الأسر، وتوجد الشكوك بين الزوجين.

والمفسدون في الأرض من المنافقين والشهوانيين يسعون جهدهم في توسيع مجالات الاختلاط في البلاد؛ فبعد أن فرضوه واقعًا في كليات الطب والمستشفيات والمراكز الصحية، ثم في البنوك وكثير من الشركات والمؤسسات؛ يريدون توسيعه في مجالات أخرى، ويعقدون المؤتمرات والمنتديات المختلطة لا لشيء إلا لتكريس هذه الصورة المنحرفة في أذهان الناس، والتقرب إلى الدول المستكبرة بالجهر بمعصية الله تعالى، وتعدي حدوده، وانتهاك حرماته. وَوَدَّ المفسدون في الأرض لو اجتاحت حُمَّى الاختلاط كل المجالات حتى تصل إلى المدارس والجامعات!!

وما يصيحون به في صحفهم وفضائياتهم يشي بما في نفوسهم نحو البلاد والعباد من محاولة الفساد والإفساد، وفرض المناهج الغربية المنحرفة على المجتمع، وقسر الناس عليها بالقوة والإرهاب، ولن يستكينوا أو يتوقفوا عن فسادهم وإفسادهم حتى يروا الحرائر العفيفات يبذلن أعراضهن بالمجان وبأبخس الأثمان.
ومن حق الناس أن يغاروا على نسائهم وبناتهم، وأن يقفوا في وجوههم، وينكروا على المفسدين خطواتهم المستفزة التي هي من خطوات الشيطان، ولا سيما أنهم في كل يوم يأتون بقارعة جديدة، ويجسون نبض الناس بخطوة يقدمون عليها في باب الاختلاط.

فإذا لم ينكر الناس عليهم كل منكر في حينه تقدموا خطوة أخرى، وهكذا.. حتى يصلوا إلى مرادهم من إفساد البلاد والعباد، وخلط النساء بالرجال.

مجربو الاختلاط يحذرون منه:
يرى المتبصر أن العالم بشرقه وغربه قد تجرع آلام الاختلاط ومفاسده، وأثبتت الدراسات تلو الدراسات أن عزل النساء عن الرجال، والطلاب عن الطالبات، خير للنساء وللرجال وللمجتمع بأسره، ونادى كثير من الباحثين والباحثات في الدول التي شرعت للاختلاط بعزل النساء عن الرجال، وقام بعض الزعماء وأصحاب القرار في البلاد الغربية بخطوات عملية في هذا السبيل، إلا أن كثيرًا من بني قومنا لا زالوا متخلفين، يعيشون بعقليات ما قبل مئة سنة من الآن، حين اجتاحت موجات الاختلاط كثيرًا من الدول، وقامت كثير من الحركات التحررية النسوية بالمطالبة به وتشريعه، ولما بانت لهم أضراره بعد قرن رجع كثير من مفكريهم إلى مقاومته، والمطالبة بإلغائه ، وتغير العالم ولم يتغير بنو قومنا، فهم أحق بوصف التخلف والرجعية من غيرهم.
شبهة وردها: لقد افترى المنافقون والشهوانيون فرية صدقوها ثم نشروها فانطلت على بعض الناس، وهذه الفرية هي قولهم: إن عزل الرجال عن النساء سبَّبَ سُعارًا جنسيًا في المجتمعات المنغلقة فأصبح الرجل لا يرى في المرأة إلا المعاني الجنسية، بخلاف المجتمعات المنفتحة المتحررة التي يختلط فيها الرجال بالنساء، وتتعرى النساء كما يحلو لهن، وتصاحب المرأة فيها من تشاء لا يوجد فيها هذا السُعَارُ لأن الرجل قد تعود على المرأة وألفها. هكذا يقولون!!

والسؤال هنا: إذا كان الأمر كما يقول المفترون فلماذا يكثر اغتصاب النساء بل الأطفال في المجتمعات المنحلة؟ أليس الوصول إلى المرأة سهلاً؟ فالبغايا يملأن الحانات والخمارات، وينتظرن زبائنهن على نواصي الطرقات؟!

أليس الحصول على المتعة في بلادهم أسهل من شراء الخبز؟! فما على الرجل إلا أن يصادق من تعجبه فيأخذ منها ما يريد!! إذن فلماذا يكثر الاغتصاب في بلادهم؟! حتى إن الواحدة من نسائهم لا تخلو حقيبة يدها من سلاح تدافع به عن نفسها، وترد عدوان المعتدين عليها، ولماذا تظهر الفضائح تلو الفضائح للسياسيين وأصحاب النفوذ في بلادهم بتحرشاتهم بنساء يعملن عندهم، أو يتدربن في مكاتبهم؟!

بل لماذا يكثر الشذوذ والزواج الِمْثِلي وأنواع التقليعات الجنسية التي تأباها الحيوانات ويرضاها بشرهم؟

أليسوا غير معقدين ولا مكبوتين جنسيًا كما يقول بنو قومنا! ومن قرأ أرقام الاغتصاب والشذوذ علم أن مجتمعاتهم تسير إلى الهاوية، وسبب ذلك هو الاختلاط، ولو قال المنافقون والشهوانيون غير ذلك.

وكل الدراسات الاجتماعية، والإحصاءات الجادة في كل البلاد التي ينتشر فيها الاختلاط سواء كانت بلادًا غربية أم شرقية، وسواء كانت بلادًا مسلمة أم غير مسلمة تجمع على حقيقة مفادها: أن خلط الرجال بالنساء شر على الرجال والنساء والمجتمع بأسره، ويخلف كثيرًا من المشكلات والأمراض الجنسية والاجتماعية التي تستعصي على العلاج.

فمتى يترك الكذابون كذبهم، ويتوقفون عن افترائهم، ويقلعون عن إفسادهم، ويقفون موقف صدق مع أنفسهم، ونصح لمجتمعهم وأمتهم فيسألون أنفسهم: لماذا ينشرون الفساد والاختلاط في بلاد حُفظت منه طيلة العقود الماضية، وقد غرقت أكثر البلدان في مصيبته، وتجرعت مرارته، ورأى القريب والبعيد ما خلفه الاختلاط فيها من آثار سلبية، ومشكلات كثيرة مستعصية؟ ولم يعد ذلك خافيًا على أحد فهل هم ناصحون غافلون؟ أم فاسدون مفسدون؟ أم هم أُجَرَاء حاقدون على مجتمعاتهم، لهم مهمة محددة في إفساد البلاد والعباد بأجر يقبضونه من منظمات مشبوهة، ودول متنفذة طامعة في المنطقة، لها مشاريعها وخططها؟!

فليردعهم دينهم عن إفساد نسائنا وبناتنا وأخواتنا المسلمات، فإن لم يكن لهم دين فلتردعهم الوطنية التي يزعمونها ويتغنون بها في كل وقت وحين؛ فإن الناصح لوطنه لا يورده المهالك، واختلاط النساء بالرجال هو أوسع باب يقود إلى فساد الناس وهلاكهم.

وإلى متى يقف العقلاء والحكماء والصالحون، وأولو النصح لبلادهم وولاتهم، وأهل الغيرة على نسائهم وبناتهم مواقف المتفرجين السلبيين؟! الذين يتربصون وينتظرون حتى تنزل القوارع بمجتمعاتهم، ويتمكن أهل الفساد والإفساد من بيوتهم ونسائهم؟! فلا هم ينكرون عليهم، ولا يناصحونهم، ولا يحولون بينهم وبين إفسادهم، ولا يبينون للناس خطر الاختلاط وقد فتك بكثير من الدول التي انتشر فيها.

أسال الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يستر على نسائهم وبناتهم، وأن يكبت الكافرين والمنافقين والمفسدين، إنه سميع قريب.

أسئلة يوم القيامة



الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
 
الحمد لله العليم الحليم؛ يُضاعِف الحسنات، ويَعفو عن كثيرٍ من السيِّئات، ولا يُؤاخِذ العِباد إلا بما كسبوا؛ ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 40]، نحمده على وافر نِعَمِه، ونشكُره على جَزِيل عَطاياه.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له؛ يُعطِي ويمنَع، ويرفَع ويضَع، ﴿ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ﴾ [الرعد: 8]، ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2].

وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله؛ بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصَح الأمَّة، وبلَّغ البَلاغ المُبِين، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

أمَّا بعد:
فاتَّقوا الله - تعالى - وأطِيعُوه، وخُذُوا العبرة من مُضِيِّ أعماركم، وتقلُّب أحوالكم؛ لتعلَمُوا أنَّ الدنيا لا تَدُوم على حال، وأنها إلى زَوال، وأنَّ الآخِرة هي دار القرار؛ ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ [النساء: 77].

أيها الناس:
في تقلُّب الليل والنهار، ومُرور الأيَّام والأعوام، وسرعة انقِضاء الأعمار - عبرةٌ لأولي الألباب، تَقُودُهم إلى استِثمار أوقاتهم فيما يَنفَعهم، وعمارة ما بقي من أعمارهم في طاعة ربِّهم؛ فكم من الأيَّام والشهور ضاعَتْ على الإنسان ولم يُنجِز فيها شيئًا ينفعه، وكم نهدر من الساعات واللحظات في غير الذِّكْر والطاعات، وربنا - جلَّ جلاله - يُحاسِبنا على مثاقيل الذر؛ ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [الأنبياء: 47]، وقال نبيُّنا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فكلُّ تسبيحةٍ صدقةٌ، وكلُّ تحميدة صدقةٌ، وكلُّ تهليلة صدقةٌ، وكلُّ تكبيرة صدقةٌ))؛ رواه مسلم.

والمسلم يستطيع في لحظةٍ أن يسبِّح أو يحمَد أو يهلِّل أو يكبِّر، فكم فرَّطنا في الخير بسبَب الغفلة عن ذلك!

معاشر المؤمنين:
ترَوْن في هذه الأيام تحفُّز أولادكم لاختبارات نهاية العام، وفيهم المجتَهِد المُحسِن الذي ينتَظِر عاقبة جدِّه وسهره نجاحًا وفرحًا، ومنهم المفرِّط المُسِيء الذي يكرَه هذه الأيام؛ لما ينتَظِره بعدها من الفشل والندم، والتقريع والتوبيخ.

ألاَ وإنَّ ما هو أعظم من ذلك سيقع يوم القيامة ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ﴾ [التغابن: 9]، فإمَّا فوزٌ أبديٌّ فيما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر من النعيم والحبور، وإمَّا حسرة أي حسرة، وخسارة أي خسارة ﴿ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ﴾ [الحج: 11].

إنَّنا - يا عبادَ الله - سنُسأَل غدًا كما يُسأَل أولادنا اليوم، وشتَّان بين الموقفَيْن، فلنأخُذ من الأدنى عبرةً للأعلى، ولنعتَبِر برهبة العرض الأصغر للعرض الأكبر.

وقد دلَّ القرآن والسنَّة على جملةٍ من الأمور سنُسأَل عنها يوم القيامة، وأعظم ذلك وأكبرُه هذا الدِّين الذي حُمِّلْنَاه، ماذا تعلَّمنا منه؟ وماذا أدَّينا من فرائضه؟ وهل قمنا بواجب الدعوة إليه؟ وهل صبرنا على الأذى فيه أو لا؟

سيَسألنا الله - تعالى - عن الرُّسُل؛ هل بلَّغونا رسالات ربِّنا، وسيُسأَل الرُّسُل عَنَّا؛ هل أجبناهم واتبعناهم؛ ﴿ فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [الأعراف: 6]، ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ ﴾ [المائدة: 109]، ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 65]، ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 44].

وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في خطبة الوداع: ((وأنتُم تُسأَلون عنِّي، فما أنتُم قائِلُون؟))؛ رواه مسلم.

والمشركون يُسأَلون عن شركهم بالله - تعالى - وكذبهم عليه - سبحانه - وافترائهم على ملائكته - عليهم السلام - ﴿ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ ﴾ [النحل: 56]، ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾ [الزخرف: 19].

وهكذا كلُّ مَن كذب على الله - تعالى - ونسَب إلى دينه ما ليس منه، أو أخرَج منه ما هو منه، فأحلَّ المحرَّمات، أو حرَّم المُباحات؛ اتِّباعًا لأهواء الناس وأذواقهم، فويلٌ له من يومٍ يُسأل فيه عن ذلك كله.

ومَن قرَأ قول الله - تعالى -: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36]، هابَ أن يَتلاعَب بشريعَة الله - تعالى - فيقول فيها بهوى أو بجهل، إلا مَن حُرِم التوفيق فقدَّم العاجِلة على الآجِلة، وآثَر الدنيا على الآخِرة، فويلٌ له، وويلٌ لِمَن استَمَع إليه فاتَّبَعَه في ضلاله، وسيُسأَل عن سمعه وبصره وفؤاده.

بل السؤال عنها أعمُّ من ذلك؛ لأنها أدوات علمٍ رزقنا الله - تعالى - إيَّاها، ولولاها ما علمنا شيئًا، فوَجَب علينا أنَّ نشكر الله - تعالى - بتَسخِيرها فيما يُرضِيه - سبحانه -: ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [النحل: 78].

ومن شكْر الله - تعالى - علينا ألاَّ نسخِّر عقولَنا فيما يُوصلنا إلى المعصية، ولا نُبصِر ما حرَّم الله - تعالى - علينا ولا نستَمِع إليه؛ ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

إنَّنا نُسأَل في ذلك الموقف العظيم عن أعمالنا، خيرها وشرها، صغيرها وكبيرها؛ ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الحجر: 92 - 93].

وقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في خطبة يوم النحر بمنًى: ((وستَلْقَون ربَّكم فسيَسألكم عن أعمالِكم))؛ رواه الشيخان.

وقال أبو العالية - رحمه الله تعالى -: "يسأل العباد كلهم عن خلَّتَيْن يوم القيامة: عمَّا كانوا يعملون، وعن ماذا أجابوا المرسلين".

وأوَّل عملٍ نُسأَل عنه يوم القيامة صلاتنا؛ كما في حديث أبي هُرَيْرة - رضِي الله عنْه – قال: سمعت رسُول الله يقول: ((إنَّ أوَّل ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلَحتْ فقد أفلَح وأنجَح، وإنْ فسَدَتْ فقد خاب وخَسِر، فإن انتَقَص من فريضته شيءٌ قال الرب - عز وجل -: انظروا هل لعبدي من تطوُّع، فيكمل بها ما انتَقَص من الفريضة، ثم يكون سائر عمله على ذلك))؛ رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

ومن الأعمال التي يُسأَل عنها العِباد يوم القيامة: موقفُهم من المنكرات، وهل أدوا حقَّ الله - تعالى - في إنكارها أو لم يؤدُّوه؛ كما روى أبو سعيدٍ الخُدريُّ - رضِي الله عنْه - قال: سمعت رسُول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنَّ الله لَيَسأَلُ العبدَ يومَ القيامة حتى يَقُول: ما منعك إذ رأيتَ المنكر أن تُنكِره؟ فإذا لقَّن الله عبدًا حجَّته قال: يا رب، رجوتك وفرقت من الناس))؛ رواه ابن ماجه.

وهذا ما جعل أبا سعيدٍ يبكي؛ فإنَّه روى عن رسُول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قوله: ((ألاَ لاَ يمنعنَّ رجلاً هيبةُ الناس أن يقول بحقٍّ إذا عَلِمَه))، فبكى أبو سعيد وقال: "قد والله رأينا أشياء فهِبنَا"، وفي روايةٍ قال أبو سعيد: "ودِدْتُ أني لم أكُن سَمِعتُه"؛ رواه أحمد.

ويُسأَل العبد يوم القيامة عن وفائه بما عقَد على نفسه من عقود ونذور، وما قطَع عليها من وعود وعهود، سواء كانت لله - تعالى - أم كانت لخلقه، فويلٌ لِمَن أخلَف وعدَه، ونكَث عهدَه، ولم يَفِ بعقده؛ ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا ﴾ [الإسراء: 34]، وفي آية أخرى ﴿ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولًا ﴾ [الأحزاب: 15].

وما نرفل فيه من نعيم العافية، والصحَّة والأمن، والشبع والجدة، سنُسأَل عنه يوم القيامة؛ ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8]، قال قتادة - رحمه الله تعالى -: "إنَّ الله - تعالى - سائلٌ كلَّ ذي نعمةٍ فيما أنعم عليه"، وقال الصحابة - رضِي الله عنْهم - للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "عن أيِّ نعيمٍ نُسْأَلُ؛ وإنما هما الأَسوَدان: الماء والتمر، وسيوفنا على رِقابنا، والعدوُّ حاضرٌ؟ فعن أيِّ نعيم نُسأَل؟!"، قال: ((إن ذلك سيكون))؛ رواه أحمد.

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لَيَلقينَّ أحدكم ربَّه يوم القيامة فيقول له: ألم أسخِّر لك الخيل والإبل؟ ألم أذَرك ترأس وتربع؟ ألم أزوِّجك فلانة، خطبها الخطَّاب فمنعتُهم وزوَّجتك؟))؛ رواه ابن حبان.

ومن أعظم النِّعَم: العمر والصحة والمال والعلم، وكلُّ هذه يُسأَل عنها العبدُ يومَ القيامة؛ كما في حديث أبي برْزة الأَسلميِّ - رضِي الله عنْه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((لا تزول قَدَمَا عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأَل عن عمره فيمَ أَفنَاه، وعن علمِه فيمَ فعَل، وعن ماله من أين اكتَسبَه وفيمَ أنفقه، وعن جسمه فيمَ أبلاه))؛ رواه الترمذي، وقال: حسَن صحيحٌ.

وكلَّما زاد مال العبد طالَ حسابُه؛ لأنَّ الحساب عليه في الكسب والإنفاق، وروى محمودُ بن لَبِيدٍ - رضِي الله عنْه - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((اثنتان يكرهُهما ابن آدَم: المَوْتُ، والموت خَيْرٌ للمؤمن من الفِتنَة، ويَكرَه قلَّة المَال، وقلَّة المالِ أقلُّ للحساب))؛ رواه أحمد.

وقال أبو ذر - رضِي الله عنْه -: "ذو الدرهمين يومَ القيامة أشد حسابًا من ذي الدرهم".

نسأل الله - تعالى - أن يخفِّف عنَّا الحساب، وأن يُلقِّننا إجابةَ السؤال، وأن يُعِينَنا على ما يُرضِيه، ويجنِّبنا ما يُسخِطه.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7 - 8].

بارَك الله لي ولكم في القرآن.

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربنا ويرضى، نحمَده فله الحمدُ في الآخِرة والأُولى، ونستغفره لذنوبنا فمَن يغفر الذنوب إلا الله؟ وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أمَّا بعد:
فاتَّقوا الله - تعالى - وأطيعوه؛ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

أيُّها الناس، مَشهَد القيامة عظيم، وموقف الحساب شديد، ومَن نُوقِش الحسابَ عُذِّبَ، ولا بُدَّ للسؤال من إجابة.

هذا، ومن أعظم ما يُسأل عنه العبدُ يوم القيامة ما تولَّى من رعيَّة، قلَّتْ رعيَّته أو كثُرت، قربت منه أو بعدت؛ كما في حديث ابن عُمَرَ - رضِي الله عنْهما - أنَّه سمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((كلُّكم رَاعٍ ومسؤول عن رعيَّته؛ فالإِمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيَّته، والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتها، والخادم في مال سيِّده راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيَّته، فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته))؛ رواه الشيخان.

وسؤاله عنهم يتضمَّن قيامه بحقوق الله - تعالى - فيهم، وحقوقهم على راعِيهم، فيشمَل جوانب الدِّين والدنيا، قال ابن مسعود وابن عمر - رضي الله عنهم -: "إنَّ الله - عز وجل - سائلٌ كلَّ ذي رعيَّة فيما استرعاه: أقام أمر الله فيهم أم أضاعَه، حتى إنَّ الرجل ليُسأَل عن أهل بيته".

وهذا ما يُزهِّد في الولايات ولو اشرأبَّت لها أعناق الرجال، وباعَ كثيرٌ منهم دينَهم لأجلها، ودفقوا ماء وجوههم لنيلها، فالسلامة منها لا يَعدِلها شيء؛ لعظيم أمرها، وثقل حملها.

روى أبو هريرة - رضِي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ويلٌ للأمراء، ويلٌ للعرفاء، ويلٌ للأمناء، (ويلٌ للوزراء)، لَيتمنَّى أقوامٌ يوم القيامة أنَّ ذوائبهم كانت معلَّقة بالثريا يتذبذبون بين السماء والأرض، وأنهم لم يلوا عملاً))؛ رواه أحمد.

وليس ذلك لشيءٍ إلاَّ لأنها أمانات تحمَّلوها يُسأَلون عنها، وحقوق للعباد عليهم ويلٌ لهم إن ضيَّعوها، كما قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهم الأنبياء؛ كلَّما هلك نبي خلَفَه نبي، وإنه لا نبيَّ بعدي، وستكون خلفاء فتكثر))، قالوا: فما تأمرنا؟ قال: ((فُوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقَّهم؛ فإنَّ الله سائلهم عمَّا استَرعاهم))؛ رواه الشيخان.

ألاَ فاتَّقوا الله ربَّكم - أيها المسلمون - وأعدُّوا لأسئلة القيامة عدَّتها، وحضِّروا لها إجابتها؛ بأداء ما حُمِّلتم من أمانات، سواء فيما يتعلَّق بحقوق الله - تعالى - أو بحقوق عباده عليكم، وخذوا العِظَة من امتِحانات الدنيا وربحها وخسارتها للامتحان الأعظم في القيامة، حين يُوقَف الناس للسؤال، فلا نصير ولا ظهير إلا العمل الصالح؛ ﴿ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ * مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ ﴾ [الصافات: 24 - 26]، ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴾ [النبأ: 38]، ﴿ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [المطففين: 4 - 6].

مؤلفات الشيخ محمد متولي الشعراوي - نسخة مصورة PDF- بروابط مباشرة

للمرة الثانية نقوم بإعادة رفع مؤلفات العلامة الشيخ : محمد متولي الشعراوي " رحمه الله تعالى رحمة واسعة "

عن الشيخ محمد متولي الشعراوي " رحمه الله تعالى "

ولد محمد متولي الشعراوي في 15 أبريل عام 1911م بقرية دقادوس مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية بمصر، وحفظ القرآن الكريم في الحادية عشرة من عمره. في عام 1922 م التحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وأظهر نبوغاً منذ الصغر في حفظه للشعر والمأثور من القول والحكم، ثم حصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية سنة 1923م، ودخل المعهد الثانوي، وزاد اهتمامه بالشعر والأدب، وحظى بمكانة خاصة بين زملائه، فاختاروه رئيسًا لاتحاد الطلبة، ورئيسًا لجمعية الأدباء بالزقازيق، وكان معه في ذلك الوقت الدكتور محمد عبد المنعم خفاجى، والشاعر طاهر أبو فاشا، والأستاذ خالد محمد خالد والدكتور أحمد هيكل والدكتور حسن جاد، وكانوا يعرضون عليه ما يكتبون. كانت نقطة تحول في حياة الشيخ الشعراوي، عندما أراد والده إلحاقه بالأزهر الشريف بالقاهرة، وكان الشيخ الشعراوي يود أن يبقى مع إخوته لزراعة الأرض، ولكن إصرار الوالد دفعه لاصطحابه إلى القاهرة، ودفع المصروفات وتجهيز المكان للسكن.
فما كان منه إلا أن اشترط على والده أن يشتري له كميات من أمهات الكتب في التراث واللغة وعلوم القرآن والتفاسير وكتب الحديث النبوي الشريف، كنوع من التعجيز حتى يرضى والده بعودته إلى القرية. لكن والده فطن إلى تلك الحيلة، واشترى له كل ما طلب قائلاً له: أنا أعلم يا بني أن جميع هذه الكتب ليست مقررة عليك، ولكني آثرت شراءها لتزويدك بها كي تنهل من العلم.
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وانشغل بالحركة الوطنية والحركة الأزهرية، فثورة سنة 1919م اندلعت من الأزهر الشريف، ومن الأزهر خرجت المنشورات التي تعبر عن سخط المصريين ضد الإنجليز المحتلين. ولم يكن معهد الزقازيق بعيدًا عن قلعة الأزهر في القاهرة، فكان يتوجه وزملائه إلى ساحات الأزهر وأروقته، ويلقى بالخطب مما عرضه للاعتقال أكثر من مرة، وكان وقتها رئيسًا لاتحاد الطلبة سنة 1934م.

تخرج عام 1940 م، وحصل على العالمية مع إجازة التدريس عام 1943م. بعد تخرجه عين الشعراوي في المعهد الديني بطنطا، ثم انتقل بعد ذلك إلى المعهد الديني بالزقازيق ثم المعهد الديني بالإسكندرية وبعد فترة خبرة طويلة انتقل الشيخ الشعراوي إلى العمل في السعودية عام 1950 ليعمل أستاذاً للشريعة في جامعة أم القرى.
اضطر الشيخ الشعراوي أن يدرِّس مادة العقائد رغم تخصصه أصلاً في اللغة وهذا في حد ذاته يشكل صعوبة كبيرة إلا أن الشيخ الشعراوي استطاع أن يثبت تفوقه في تدريس هذه المادة لدرجة كبيرة لاقت استحسان وتقدير الجميع. وفي عام 1963 حدث الخلاف بين الرئيس جمال عبد الناصر وبين الملك سعود. وعلى أثر ذلك منع الرئيس جمال عبد الناصر الشيخ الشعراوي من العودة ثانية إلى السعودية ، وعين في القاهرة مديراً لمكتب شيخ الأزهر الشريف الشيخ حسن مأمون. ثم سافر بعد ذلك الشيخ الشعراوي إلى الجزائر رئيساً لبعثة الأزهر هناك ومكث بالجزائر حوالي سبع سنوات قضاها في التدريس وأثناء وجوده في الجزائر حدثت نكسة يونيو 1967، وقد سجد الشعراوى شكراً لأقسى الهزائم العسكرية التي منيت بها مصر -و برر ذلك "في حرف التاء" في برنامج من الألف إلى الياء بقوله "بأن مصر لم تنتصر وهي في أحضان الشيوعية فلم يفتن المصريون في دينهم" وحين عاد الشيخ الشعراوي إلى القاهرة وعين مديراً لأوقاف محافظة الغربية فترة، ثم وكيلاً للدعوة والفكر، ثم وكيلاً للأزهر ثم عاد ثانية إلى السعودية ، حيث قام بالتدريس في جامعة الملك عبد العزيز.
وفي نوفمبر 1976م اختار السيد ممدوح سالم رئيس الوزراء آنذاك أعضاء وزارته، وأسند إلى الشيخ الشعراوي وزارة الأوقاف وشئون الأزهر. فظل الشعراوي في الوزارة حتى أكتوبر عام 1978م.
اعتبر أول من أصدر قراراً وزارياً بإنشاء أول بنك إسلامي في مصر وهو بنك فيصل حيث إن هذا من اختصاصات وزير الاقتصاد أو المالية (د. حامد السايح في هذه الفترة)، الذي فوضه، ووافقه مجلس الشعب على ذلك.
وفي سنة 1987م اختير عضواً بمجمع اللغة العربية (مجمع الخالدين).
وفيما يلي التدرج الوظيفي الكامل للشيخ الشعراوي:
المناصب التي تولاها:
  • عين مدرساً بمعهد طنطا الأزهري وعمل به, ثم نقل إلى معهد الإسكندرية, ثم معهد الزقازيق.
  • أعير للعمل بالسعودية سنة 1950م. وعمل مدرساً بكلية الشريعة, بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
  • عين وكيلاً لمعهد طنطا الازهري سنة 1960م.
  • عين مديراً للدعوة الإسلامية بوزارة الأوقاف سنة 1961م.
  • عين مفتشاً للعلوم العربية بالأزهر الشريف 1962م.
  • عين مديراً لمكتب الأمام الأكبر شيخ الأزهر حسن مأمون 1964م.
  • عين رئيساً لبعثة الأزهر في الجزائر 1966م.
  • عين أستاذاً زائراً بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الشريعة بمكة المكرمة 1970م.
  • عين رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الملك عبد العزيز 1972م.
  • عين وزيراً للأوقاف وشئون الأزهر بجمهورية مصر العربية 1976م.
  • عين عضواً بمجمع البحوث الإسلامية 1980م.
  • اختير عضواً بمجلس الشورى بجمهورية مصر العربية 1980م.
  • عرضت علية مشيخة الأزهر وكذا منصب في عدد من الدول الإسلامية لكنه رفض وقرر التفرغ للدعوة الإسلامية.

مؤلفات الشيخ محمد متولي الشعراوي بروابط مباشرة :

1- كتاب معجزة القران الكريم 10 مجلدات 

صفحة تحميل الكتاب على أرشيف : اضغط هنا

روابط التحميل المباشرة للكتاب :

معجزة القران الكريم المجلد الأول        - المجلد الثاني          
- المجلد الثالث          -المجلد الرابع      - المجلد الخامس        - المجلد السادس        - المجلد السابع              - المجلد الثامن          - المجلد التاسع         - المجلد العاشر 


2- تفسير الشيخ الشعراوي 20 مجلدا 

صفحة تحميل التفسير على أرشيف : اضغط هنا

روابط التحميل المباشرة للكتاب :

تفسير القران الجزء الأول      - الثاني      - الثالث    
 - الرابع     - الخامس     - السادس       - السابع   
    - الثامن        - التاسع   - العاشر       - الحادي عشر        - الثاني عشر       - الثالث عشر        - الرابع عشر     
  - الخامس عشر         - السادس عشر       - السابع عشر        - الثامن عشر       - التاسع عشر       - العشرون والأخير   
 

3- موسوعة قضايا العصر 5 مجلدات 



صفحة التحميل على أرشيف : اضغط هنا



روابط التحميل المباشرة للموسوعة :

المجلد الأول      - المجلد الثاني          - المجلد الثالث        

 - المجلد الرابع              - المجلد الخامس 


4- الفقه الميسر وأدلته الشرعية على طريقة سؤال وجواب 2 مجلد

صفحة التحميل على أرشيف : اضغط هنا

روابط التحميل المباشرة للكتاب :

المجلد الأول                       - المجلد الثاني 


5-  الشيطان والإنسان رابط التحميل المباشر : اضغط هنا 

6- السحر والحسد            اضغط هنا

7-  كتاب الغيب            اضغط هنا

8-  كتاب الفتاوى           اضغط هنا

9-  كتاب الفضيلة والرزيلة      للتحميل اضغط هنا


10 -  كتاب الخير والشر        للتحميل اضغط هنا 

 11- كتاب الحياة والموت       للتحميل اضغط هنا

12- كتاب  الأحاديث القدسية " الجزء الأول "     
    للتحميل اضغط هنا 

13- كتاب الأحاديث القدسية " الجزء الثاني "  
        للتحميل اضغط هنا

 14- كتاب الأسماء الحسنى         للتحميل اضغط هنا

15-  كتاب الأدلة المادية على وجود الله  للتحميل اضغط هنا

16- كتاب التوبة            للتحميل اضغط هنا



17-كتاب  المعجزة الكبرى        للتحميل اضغط هنا



18- كتاب النصائح الذهبية للمرأة العصرية    

    للتحميل اضغط هنا


19- كتاب الوصايا        للتحميل اضغط هنا



20 - كتاب أنت تسأل والإسلام يجيب        للتحميل اضغط هنا



21- كتاب سورة الكهف                       للتحميل اضغط هنا



22- كتاب فقه المرأة المسلمة               للتحميل اضغط هنا



23- كتاب فيض الرحمن                   للتحميل اضغط هنا



24- كتاب قصص الأنبياء ومعها سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم                 للتحميل اضغط هنا 



25- كتاب نهاية العالم                    للتحميل اضغط هنا



26- كتاب هذا ديننا                       للتحميل اضغط هنا


صفحة تحميل الكتب السابقة على أرشيف  : اضغط هنا



27 - كتاب الشعراوي بين السياسة والدين            
  للتحميل المباشر اضغط هنا

 
28- كتاب الشعراوي الذي لا نعرفه


29- كتاب عذاب النار واهوال يوم القيامة  


30- كتاب الشعراوي تحت قبة البرلمان


31- كتاب الشعراوي الداعية المجدد للتحميل المباشر اضغط هنا


32- كتاب قضايا اسلامية حائرة تبحث عن جواب   


33- كتاب أسئلة حرجة وأجوبة صريحة           

 
34- كتاب الغارة على الحجاب    للتحميل المباشر اضغط هنا


35- كتاب السحر                 للتحميل المباشر اضغط هنا  


36- كتاب البعث والجزاء والحساب للتحميل المباشر اضغط هنا


37- كتاب الاسلام عقيدة ومنهاج   للتحميل المباشر اضغط هنا


38- كتاب التربية في مدرسة النبوة


39- كتاب الحج المبرور            للتحميل المباشر اضغط هنا


40 - كتاب الزمن                 للتحميل المباشر اضغط هنا


41- كتاب الحلال والحرام       للتحميل المباشر اضغط هنا


42- كتاب أضواء حول اسم الله الأعظم 


43- كتاب الايات الكونية           للتحميل المباشر اضغط هنا

  



44- كتاب حوار ساخن مع الشعراوي   للتحميل اضغط هنا


45- كتاب سورة الكهف       للتحميل اضغط هنا


46- كتاب دعاء الأنبياء والصالحين      


47- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات  12   


48- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات  1   
       للتحميل المباشر اضغط هنا 

 
49- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات    2     


50- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 3    


51- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 4      


52- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 5       


53- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 6    


54- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 7   


55- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 8     


56- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 9       


57- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 10  


58- كتاب جامع البيان في أحكام العبادات 11   



59- كتاب قصص الصحابة والصالحين
 
60- كتاب مائة سؤال وجواب مع الشيخ الشعراوي  

61- كتاب شبهات وأباطيل خصوم الاسلام والرد عليها    للتحميل المباشر اضغط هنا


62- كتاب تلك هي الأرزاق    للتحميل المباشر اضغط هنا

63- كتاب يوم القيامة      للتحميل المباشر اضغط هنا

64- كتاب فتاوى العصر 1    للتحميل المباشر اضغط هنا 


65- كتاب فتاوى العصر2     للتحميل المباشر اضغط هنا


66- كتاب الحكمة الالهية للمرض والشفاء     

67- كتاب اراء الشيخ الشعراوي في حرب الخليج 

68- كتاب الانسان الكامل محمد صلى الله عليه وسلم        للتحميل المباشر اضغط هنا

69- كتاب القضاء والقدر       للتحميل المباشر اضغط هنا

70- كتاب المرأة والرجل وخصوم الاسلام للتحميل المباشر اضغط هنا

71- كتاب المرأة في القران      للتحميل المباشر اضغط هنا

72- كتاب الله والنفس البشرية     للتحميل المباشر اضغط هنا

73- كتاب أنا من سلالة أل البيت   للتحميل المباشر اضغط هنا

74- كتاب الكبائر         للتحميل المباشر اضغط هنا

75- كتاب أنبياء الله         للتحميل المباشر اضغط هنا
 

        



76- كتاب محاكمة الشعراوي ماله وما عليه للتحميل المباشر اضغط هنا

77- كتاب مذكرات إمام الدعاه       للتحميل المباشر اضغط هنا
 
78- كتاب هنا رأيت سيدنا إبراهيم  للتحميل المباشر اضغط هنا
 
79- يسألونك عن الدنيا والاخرة     للتحميل المباشر اضغط هنا



 روابط للمؤلفات على فور شيرد :