شرح أحاديث عمدة الأحكام – ح 22
للشيخ عبد الرحمن السحيم
الحديث ال22
عن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – قال : أتيت النبي صلى الله عليه على آله وسلم وهو يستاك بِسِواك قال : وطرف السواك على لسانه ، وهو يقول : أُع أع ، والسِّـواك في فيه ، كأنه يتهوّع .
في بعض النسخ زيادة [ رطب ] بعد " بِسِواك " .
فيه مسائل :
1 = في رواية البخاري : فوجدته يستنّ بسواك بيده .
وفي رواية مسلم : دخلتُ على النبي صلى الله عليه على آله وسلم وطرف السواك على لسانه .
من قوله : وهو يقول : أُع أع . إلى آخر الحديث تفرّد به البخاري .
2 = في الحديث قصة :
قال أبو موسى : أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين ، أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ، فكلاهما سأل العمل ، والنبي صلى الله عليه وسلم يستاك . فقال : ما تقول يا أبا موسى ؟ ، أو يا عبد الله بن قيس ؟ قال : فقلت : والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما ، وما شعرت أنهما يطلبان العمل . قال : وكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته ، وقد قَلَصَتْ فقال : لن – أوْ لا - نستعمل على عملنا من أراده ، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى ، أو يا عبد الله بن قيس ، فبعثه على اليمن ، ثم أتبعه معاذ بن جبل ، فلما قدم عليه قال : انزل ، وألقى له وسادة ، وإذا رجل عنده موثق . قال : ما هذا ؟ قال : هذا كان يهوديا فأسلم ، ثم راجع دينه دين السوء ، فتهوّد . قال : لا أجلس حتى يقتل . قضاء الله ورسوله . فقال : اجلس . نعم . قال : لا أجلس حتى يقتل . قضاء الله ورسوله – ثلاث مرات – فأُمِرَ به فقتل ، ثم تذاكرا القيام من الليل ، فقال أحدهما ، معاذ : أما أنا فأنام وأقوم ، وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي . رواه البخاري ومسلم .
3 = أُع . أُع . بضم الهمزة ، وروي بفتحها ( أَع )
وضُبِطت : عأ . عأ
و : إهـ . إهـ
و : إخ . إخ
وكلها حكاية صوته صلى الله عليه على آله وسلم عند الاستياك لما جعل السواك على لسانه .
وهذا الصوت يصدر إذا بلغ السواك آخر اللسان وأول الحق .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – :
كأنه يتهوع : التهوّع التقيؤ ، أي كصوت المتقيئ على سبيل المبالغة ، ويستفاد منه مشروعية السواك على اللسان طولا ، أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضا ... وفيه تأكيد السواك ، وأنه لا يختص بالأسنان ، وأنه من باب التنظيف والتطيب لا من باب إزالة القاذورات لكونه صلى الله عليه وسلم لم يَخْتَفِ به ، وبوّبوا عليه : استياك الإمام بحضرة رعيته . انتهى .
وهذا التبويب الذي أشار إليه ابن حجر رأيته في السنن الكبرى للنسائي . قال :
هل يستاك الإمام بحضرة رعيته ؟
5 – فيه رد على من كَرِه السِّـواك أمام الناس
وقد رأيت لبعضهم مقالاً يعيب فيه على من يستاكون في المساجد أمام الناس !
وهذا الحديث يردّ على صاحب المقال
وكذلك حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – ، وهو الحديث التاسع عشر من أحاديث عُمدة ألأحكام ، وسبق شرحه .
وتقدّم الكلام على أن إظهاره من إظهار السنة .
4 = لا يصح في الاستياك عرضاً حديث .
5 = كُنت قرأت نشرة طبية تؤكد أن أغلب روائح الفم من الأسنان واللسان .
وهذا يؤكد على هذه المسألة ، وهي تنظيف اللسان ، وإمرار السواك عليه ، وأن الاستياك ليس مختصا بالأسنان .
والله أعلم .
ويليه : باب المسح على الخفين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق