بـــاب : (( من عدّ على خادمه مخافة سوء الظن ))
** يقول الشيخ الألباني :
روى المصنف - أي البخاري - بسند صحيح عن سلمان قال :
[ إني لأعد العُرّاق على خادمي مخافة الظن ّ] و في رواية : [ خشية الظنّ ]
نفس الحكمة السابقة لكنه ما ذكر الكيل ولا الفلوس ولكنه ذكر العُرّاق وهو جمع عرق
وهي العظمة التي أخذ منها اللحم وما بقي فيها شيء له قيمة من اللحم
يظهر أن هذه العظام كان لها قيمة يومئذ فتباع. وكان سلمان عنده خادم يسلمه
هذه العظام يعدها عليه مخافة الظن أيضا .
وسلمان هنا هو: سلمان الفارسى وهو أحد أصحاب الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-
الذين آمنوا به حينما هاجر –عليه الصلاة والسلام-إلى المدينة وأصله من فارس,فهو آمن بالرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-
وكان عبداً مملوكاً ثم جرت له قصة طويلة فيها عبرة بالغة:
ذلك أن سلمان كما ذكرنا كان من فارس وكان أبوه من رجال الدين يوقد النار
لعُبَّادِ النار في فارس، وبحكم كونه ابن هذا الوالد الذي يخدم النار لعبادها
كان يتردد مع أبيه على مكان النار لإشعالها وإيقادها في الأوقات المقدسة عندهم ,
ثم أراد الله-عزوجل- هداية سلمان فمرَّ ذات يوم فى طريقه برجل راهب نصراني ،
فمال إليه وسمع إليه فدخل كلامُه إلى قلبه
والحقيقة أن النصرانية ولو أنها كانت قد طرأ عليها التغيير والتبديل ولكنها
مع ذلك بقى فيها بقايا من شريعة عيسى -عليه السلام الأولى - فكانت بسبب هذه البقايا
الصادقة الصالحة كانت مُتميزة فى صلاحها وفي قربها من قلوب المخلصين أكثر من دين المجوس
والوثنية ، فحينما سمع سلمان كلام ذلك الراهب ومواعظه تبيَّن له أن دين أبيه دينٌ باطلٌ
ولذلك آمن بالنصرانية دين عيسى - عليه السلام- وكفر بدين أبيه ومنذ ذلك اليوم
بدأ النزاع بينه وبين أبيه شأن كل حق وباطل فى كل زمانٍ ومكان ،
لابد أن يظهر الخلاف بين أهل الحق والباطل ولذلك اضطر سلمان أن يهجربلاد أبيه
ومجوسيته ويُهاجر إلى بلاد أخرى لكي يتفقه فى الدين الذي تبناه من جديد ألا وهو دين النصارى.
-فجاء إلى العراق واتصل برجل من كبار أحبار النصارى كان ذلك الراهب الذى
أسلم على يديه, أقول أسلم لأن الدين عند الله الإسلام سواء الدين الإسلامى اليوم
أو دين عيسى أو دين موسى؛ فكلها إسلام ولكن بشرط قبل أن يُصاب بشىء من الانحراف
، فذلك الراهب الذى أسلم سلمان على يديه دله على حبر من أحبار النصارى
وعلمائهم فى العراق فذهب إليه وجلس عنده أياماً طويلة يتفقه ويتعلم من دين
النصارى ثم دله هذا العالم النصرانى على عالم آخر ، فانتقل إليه فلم يزل
ينتقل من مكان إلى مكان حتى دُلَّ على عالم - هنا- فى الشام فهاجر إلى الشام
ثم جلس إليه والذي اكتشفه أن هذا العالم النصراني الشامي يختلف كل الاختلاف
عن ما كان اطلع عليه من هؤلاء القسيسين الذين تعلم على يديهم ،
فقد وجد منهم الزهد والإخلاص لدينهم وربهم بخلاف هذا العالم النصراني الشامي
فقد تكشف له أنه يجمع المال من أتباعه باسم توزيعه على الفقراء ومع ذلك فهو
يدخره فى جرارٍ من فخار لديه وهو يتظاهر بأنه زاهد وهو يجمع المال ،ثم كتب الله
الموت على هذا الراهب المزعوم الموت ، فمات فكشف سلمان حقيقة أمره للناس.
فقال هذا الرجل كان يُدَجِّل عليكم وهذه أموالكم التي خلفها فخذوا هذه الأموال .
–ثم إنه هاجر وكان قد أُخْبِر من كل علماء النصارى هؤلاء من واحد إلى آخر
بأن هذا الزمن يا سلمان الذي تعيش أنت فيه هو زمن بِعْثَة آخر نبي من الأنبياء
وهو محمد أو أحمد-عليه الصلاة والسلام-جاء عندهم فى كتبهم أو زبرهم أنَّه
سيُهاجر إلى أرضٍ ذات نخيل ، فحضوه على أن يتتبع هذه البلدة التي تتحقق فيها
الصفات التي ذُكرت للبلد مهجر الرسول صلى الله عليه وسلم وهي :
"ذات نخيلٍ وبين حرتين":يعنى بين ساحتين كبيرتين لا زرع فيها ولا نبات،
وإنما فيها الحصباء والحجارة السوداء.
وفى سبيل هذا هاجر سلمان من دمشق فى طريقه إلى الحجاز بحثاً عن المكان الذي
سيخرج الرسول صلى الله عليه وسلم أو يُهاجر إليه ، وفي الطريق استعبده
بعض القبائل العربية ، يعني فرضوا عليه الأسر والاسترقاق ، وهو رجل حر
ما عرف الرق في حياته كلها ، هذه القبيلة التي استعبدته جاءت به إلى المدينة
فباعوه لرجل هناك صاحب نخيل ..
**وهذه القصة في الواقع مثال تفسيري لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ،
مثال من أمثلة كثيرة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة بالسلاسل".
فسلمان هذا حرٌ اُستُرِق ووُضِعَت الأغلال فى يده - رغما عنه - وبيعَ بيعة العبيد
لسيدٍ فى المدينة . ماذا فعل هذا السيد؟ ألقاه فى حقله في نخيله
وأمره أن يعمل هناك ليلا نهاراً في حقل ذلك السيد عبد,وانتهى الأمر.
لكنَّ الله –عزوجل- أراد له الهداية ، فبينما هوذات يومٍ على نخلةٍ يعمل فيها إذا به
يسمع سيده وهو على الأرض وسلمان فوق ، فوق الشجرة، يتحدث مع بعض أصحابه
عن الرجل الذى هاجر إلى المدينة وهو يدعو إلى دينٍ جديدٍ وإلى عبادة الله وحده ..
فما كاد سلمان يسمع مثل هذا الخبر حتى لهث قلبه وقذف نفسه من النخلة إلى الأرض
وقال:أصحيحٌ أنه جاء هذا؟
فضربه سيده ؛ لأنه شعر من لهفته بأنهُ يُحبه بالغيب ...
وهذا الذى كان سلمان يسعى إليه قد يسَّرَهُ اللهُ له دون أن يُفكِّر
ولكن من طريق الاسترقاق والاستعباد, ثم أخذ يترقب الفرصة المناسبة
حتى يتمكن من زيارة الرسول-عليه الصلاة والسلام- والتعرف عليه
وعنده مما أخبره علماء النصارى الذين كان اتصل بهم من علاماتِ
ذلك المبعوث فى آخر الزمان أشياء منها:
1- أنَّ بين كتفيه خاتم النبوة,
2- وأنَّ منها أنه يقبلُ الهدية ولايأكل الصدقة .
فلما سمع سلمان ذلك الخبر تهيأ للذهاب إلى الرسول-عليه الصلاة والسلام-
فذهب ومعه تمرات فلما رأى الرسول-عليه الصلاة والسلام-أُلقِى فى نفسه أنه هو النبي
صلى الله عليه وسلم ؛ فقدَمَ إليه التمرات وقال له: هذه صدقة فوزّعها النبي صلى الله عليه وسلم
على بعض مَنْ حوله فأسرها سلمان فى نفسه وقال: هذه هى الأولى .
وسَمِعَهُ يعظ الناس وهو يأمرهم بأن يقوموا فى الليل والناس نيام ؛
المواعظ التى تدل على أن دعوة الرسول-عليه الصلاة والسلام-دعوةٌ صالحة
فرجع إلى سيده يعمل حتى توفر لديه شىء من التمر فعاد إليه مرة أخرى
فقال للنبى-عليه الصلاة والسلام- هذه هدية فأخذ منها-عليه الصلاة والسلام-
فأكل ووزّع على مَنْ حوله, قال: هذه الثانية
,ثم قام سلمان لايتمالك نفسه وقام خلف الرسول-عليه الصلاة والسلام-
وشعر الرسول -صلى الله عليه وسلم - ماذا يُريد فكان الثوب هكذا فعمله هكذا
كشف له عن الخاتم فرآه فقال:
أشهدُ أن لاإله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله,أسلَمَ من ذلك اليوم.
فكانت القصة والعبرة في هذه الحادثة العجيبة أن سلمان كاتب سيده
ومعنى المُكاتبة فى لغة الإسلام: هو أن يكون للسيد عبد فيتفق هذا العبدُ مع سيده
على أن يفك أسره ورِقِّه من سيده بمالٍ يُقدمه إلى سيده .
فيتفق مع السيد فيُقدم هذا المال لمدة طالت أو قصُرت وعندما يُقدم آخر قرش منه
ويسلمه إلى سيده يُصبح السيد مُضطراً إلى اعتاقه من عبوديته .
- وكان سلمان قد كاتب سيده على مالٍ معين يعطيه لسيده حتى يعتق رقبته منه
، فجاءَ إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-وذكر له أمر المكاتبة فساعده الرسول
-عليه الصلاة والسلام- على زرع نخيلٍ من الفسيل ,والفسيل: هو الشتل الخاص
فيُرَبَّى فى أراضٍ معينة ثم يُنقل إلى الأرض التى يُراد زرعها إلى الأبد.
فأخذ سلمان ما شاء من هذا الفسيل وزرعه وكان الرسول-عليه الصلاة والسلام-
قد ساعده على زرع قسم من هذا الفسيل فكان هذا الفسيل الذى غرسه الرسول
-عليه الصلاة والسلام- بيده يطرح فى السنة مرتين من بركة وضع الرسول وغرسه إياه.
هذا سلمان الذى رفع الله شأنه بالإسلام ،وأعتقه من الرق صار بعد ذلك بفضل الإسلام سيداً ، وصار عنده خادم يعدّ عليه ما يسلمه من العظام التي يريد أن يأكلها أو يبعها ؛ حتى يحفظ نفسه من أن يسيء الظن بخادمه ، هذا هو فضل الإسلام في توجيه الأسياد وتعليمهم كيف يعاملون خدامهم أو عبيدهم .
** يقول الشيخ الألباني :
روى المصنف - أي البخاري - بسند صحيح عن سلمان قال :
[ إني لأعد العُرّاق على خادمي مخافة الظن ّ] و في رواية : [ خشية الظنّ ]
نفس الحكمة السابقة لكنه ما ذكر الكيل ولا الفلوس ولكنه ذكر العُرّاق وهو جمع عرق
وهي العظمة التي أخذ منها اللحم وما بقي فيها شيء له قيمة من اللحم
يظهر أن هذه العظام كان لها قيمة يومئذ فتباع. وكان سلمان عنده خادم يسلمه
هذه العظام يعدها عليه مخافة الظن أيضا .
وسلمان هنا هو: سلمان الفارسى وهو أحد أصحاب الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-
الذين آمنوا به حينما هاجر –عليه الصلاة والسلام-إلى المدينة وأصله من فارس,فهو آمن بالرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-
وكان عبداً مملوكاً ثم جرت له قصة طويلة فيها عبرة بالغة:
ذلك أن سلمان كما ذكرنا كان من فارس وكان أبوه من رجال الدين يوقد النار
لعُبَّادِ النار في فارس، وبحكم كونه ابن هذا الوالد الذي يخدم النار لعبادها
كان يتردد مع أبيه على مكان النار لإشعالها وإيقادها في الأوقات المقدسة عندهم ,
ثم أراد الله-عزوجل- هداية سلمان فمرَّ ذات يوم فى طريقه برجل راهب نصراني ،
فمال إليه وسمع إليه فدخل كلامُه إلى قلبه
والحقيقة أن النصرانية ولو أنها كانت قد طرأ عليها التغيير والتبديل ولكنها
مع ذلك بقى فيها بقايا من شريعة عيسى -عليه السلام الأولى - فكانت بسبب هذه البقايا
الصادقة الصالحة كانت مُتميزة فى صلاحها وفي قربها من قلوب المخلصين أكثر من دين المجوس
والوثنية ، فحينما سمع سلمان كلام ذلك الراهب ومواعظه تبيَّن له أن دين أبيه دينٌ باطلٌ
ولذلك آمن بالنصرانية دين عيسى - عليه السلام- وكفر بدين أبيه ومنذ ذلك اليوم
بدأ النزاع بينه وبين أبيه شأن كل حق وباطل فى كل زمانٍ ومكان ،
لابد أن يظهر الخلاف بين أهل الحق والباطل ولذلك اضطر سلمان أن يهجربلاد أبيه
ومجوسيته ويُهاجر إلى بلاد أخرى لكي يتفقه فى الدين الذي تبناه من جديد ألا وهو دين النصارى.
-فجاء إلى العراق واتصل برجل من كبار أحبار النصارى كان ذلك الراهب الذى
أسلم على يديه, أقول أسلم لأن الدين عند الله الإسلام سواء الدين الإسلامى اليوم
أو دين عيسى أو دين موسى؛ فكلها إسلام ولكن بشرط قبل أن يُصاب بشىء من الانحراف
، فذلك الراهب الذى أسلم سلمان على يديه دله على حبر من أحبار النصارى
وعلمائهم فى العراق فذهب إليه وجلس عنده أياماً طويلة يتفقه ويتعلم من دين
النصارى ثم دله هذا العالم النصرانى على عالم آخر ، فانتقل إليه فلم يزل
ينتقل من مكان إلى مكان حتى دُلَّ على عالم - هنا- فى الشام فهاجر إلى الشام
ثم جلس إليه والذي اكتشفه أن هذا العالم النصراني الشامي يختلف كل الاختلاف
عن ما كان اطلع عليه من هؤلاء القسيسين الذين تعلم على يديهم ،
فقد وجد منهم الزهد والإخلاص لدينهم وربهم بخلاف هذا العالم النصراني الشامي
فقد تكشف له أنه يجمع المال من أتباعه باسم توزيعه على الفقراء ومع ذلك فهو
يدخره فى جرارٍ من فخار لديه وهو يتظاهر بأنه زاهد وهو يجمع المال ،ثم كتب الله
الموت على هذا الراهب المزعوم الموت ، فمات فكشف سلمان حقيقة أمره للناس.
فقال هذا الرجل كان يُدَجِّل عليكم وهذه أموالكم التي خلفها فخذوا هذه الأموال .
–ثم إنه هاجر وكان قد أُخْبِر من كل علماء النصارى هؤلاء من واحد إلى آخر
بأن هذا الزمن يا سلمان الذي تعيش أنت فيه هو زمن بِعْثَة آخر نبي من الأنبياء
وهو محمد أو أحمد-عليه الصلاة والسلام-جاء عندهم فى كتبهم أو زبرهم أنَّه
سيُهاجر إلى أرضٍ ذات نخيل ، فحضوه على أن يتتبع هذه البلدة التي تتحقق فيها
الصفات التي ذُكرت للبلد مهجر الرسول صلى الله عليه وسلم وهي :
"ذات نخيلٍ وبين حرتين":يعنى بين ساحتين كبيرتين لا زرع فيها ولا نبات،
وإنما فيها الحصباء والحجارة السوداء.
وفى سبيل هذا هاجر سلمان من دمشق فى طريقه إلى الحجاز بحثاً عن المكان الذي
سيخرج الرسول صلى الله عليه وسلم أو يُهاجر إليه ، وفي الطريق استعبده
بعض القبائل العربية ، يعني فرضوا عليه الأسر والاسترقاق ، وهو رجل حر
ما عرف الرق في حياته كلها ، هذه القبيلة التي استعبدته جاءت به إلى المدينة
فباعوه لرجل هناك صاحب نخيل ..
**وهذه القصة في الواقع مثال تفسيري لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ،
مثال من أمثلة كثيرة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة بالسلاسل".
فسلمان هذا حرٌ اُستُرِق ووُضِعَت الأغلال فى يده - رغما عنه - وبيعَ بيعة العبيد
لسيدٍ فى المدينة . ماذا فعل هذا السيد؟ ألقاه فى حقله في نخيله
وأمره أن يعمل هناك ليلا نهاراً في حقل ذلك السيد عبد,وانتهى الأمر.
لكنَّ الله –عزوجل- أراد له الهداية ، فبينما هوذات يومٍ على نخلةٍ يعمل فيها إذا به
يسمع سيده وهو على الأرض وسلمان فوق ، فوق الشجرة، يتحدث مع بعض أصحابه
عن الرجل الذى هاجر إلى المدينة وهو يدعو إلى دينٍ جديدٍ وإلى عبادة الله وحده ..
فما كاد سلمان يسمع مثل هذا الخبر حتى لهث قلبه وقذف نفسه من النخلة إلى الأرض
وقال:أصحيحٌ أنه جاء هذا؟
فضربه سيده ؛ لأنه شعر من لهفته بأنهُ يُحبه بالغيب ...
وهذا الذى كان سلمان يسعى إليه قد يسَّرَهُ اللهُ له دون أن يُفكِّر
ولكن من طريق الاسترقاق والاستعباد, ثم أخذ يترقب الفرصة المناسبة
حتى يتمكن من زيارة الرسول-عليه الصلاة والسلام- والتعرف عليه
وعنده مما أخبره علماء النصارى الذين كان اتصل بهم من علاماتِ
ذلك المبعوث فى آخر الزمان أشياء منها:
1- أنَّ بين كتفيه خاتم النبوة,
2- وأنَّ منها أنه يقبلُ الهدية ولايأكل الصدقة .
فلما سمع سلمان ذلك الخبر تهيأ للذهاب إلى الرسول-عليه الصلاة والسلام-
فذهب ومعه تمرات فلما رأى الرسول-عليه الصلاة والسلام-أُلقِى فى نفسه أنه هو النبي
صلى الله عليه وسلم ؛ فقدَمَ إليه التمرات وقال له: هذه صدقة فوزّعها النبي صلى الله عليه وسلم
على بعض مَنْ حوله فأسرها سلمان فى نفسه وقال: هذه هى الأولى .
وسَمِعَهُ يعظ الناس وهو يأمرهم بأن يقوموا فى الليل والناس نيام ؛
المواعظ التى تدل على أن دعوة الرسول-عليه الصلاة والسلام-دعوةٌ صالحة
فرجع إلى سيده يعمل حتى توفر لديه شىء من التمر فعاد إليه مرة أخرى
فقال للنبى-عليه الصلاة والسلام- هذه هدية فأخذ منها-عليه الصلاة والسلام-
فأكل ووزّع على مَنْ حوله, قال: هذه الثانية
,ثم قام سلمان لايتمالك نفسه وقام خلف الرسول-عليه الصلاة والسلام-
وشعر الرسول -صلى الله عليه وسلم - ماذا يُريد فكان الثوب هكذا فعمله هكذا
كشف له عن الخاتم فرآه فقال:
أشهدُ أن لاإله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله,أسلَمَ من ذلك اليوم.
فكانت القصة والعبرة في هذه الحادثة العجيبة أن سلمان كاتب سيده
ومعنى المُكاتبة فى لغة الإسلام: هو أن يكون للسيد عبد فيتفق هذا العبدُ مع سيده
على أن يفك أسره ورِقِّه من سيده بمالٍ يُقدمه إلى سيده .
فيتفق مع السيد فيُقدم هذا المال لمدة طالت أو قصُرت وعندما يُقدم آخر قرش منه
ويسلمه إلى سيده يُصبح السيد مُضطراً إلى اعتاقه من عبوديته .
- وكان سلمان قد كاتب سيده على مالٍ معين يعطيه لسيده حتى يعتق رقبته منه
، فجاءَ إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-وذكر له أمر المكاتبة فساعده الرسول
-عليه الصلاة والسلام- على زرع نخيلٍ من الفسيل ,والفسيل: هو الشتل الخاص
فيُرَبَّى فى أراضٍ معينة ثم يُنقل إلى الأرض التى يُراد زرعها إلى الأبد.
فأخذ سلمان ما شاء من هذا الفسيل وزرعه وكان الرسول-عليه الصلاة والسلام-
قد ساعده على زرع قسم من هذا الفسيل فكان هذا الفسيل الذى غرسه الرسول
-عليه الصلاة والسلام- بيده يطرح فى السنة مرتين من بركة وضع الرسول وغرسه إياه.
هذا سلمان الذى رفع الله شأنه بالإسلام ،وأعتقه من الرق صار بعد ذلك بفضل الإسلام سيداً ، وصار عنده خادم يعدّ عليه ما يسلمه من العظام التي يريد أن يأكلها أو يبعها ؛ حتى يحفظ نفسه من أن يسيء الظن بخادمه ، هذا هو فضل الإسلام في توجيه الأسياد وتعليمهم كيف يعاملون خدامهم أو عبيدهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق