الصفحات

الجمعة، 20 مايو 2011

بيبرس...سيف الشريعة المنتصر

 بيبرس...سيف الشريعة المنتصر


 

أحمد عادل 
 
لقد أيد الله لهذه الأمة أناس سعوا طيلة حياتهم إلى نصرة الإسلام, والتصدي لأعداء الأمة، ونشر الدين، حتى كانوا سيوفًا ينصرون الشريعة أينما كانوا, ولم يترك هؤلاء لحظة في حياتهم دون أن يستغلوها في عز الإسلام ونصرة المسلمين, وكان الظاهر بيبرس ممن أيدهم الله لنصرة هذا الدين, فكان من سيوف الشريعة المنتصرين.
 
المولد والنشأة:
 
(هو الملك الظاهر ركن الدين بيبرس العلائي البندقداري الصالحي النجمي لقب بأبي الفتوح، ولد نحو عام 620هـ - 1221 م، رابع سلاطين الدولة المملوكية، لقبه الملك الصالح أيوب في دمشق بلقب (ركن الدين)، وبعد وصول بيبرس للحكم لقب نفسه بالملك الظاهر).
 
مختلف في أصله، فبينما تذكر جميع المصادر العربية والمملوكية الأصلية أنه تركي من القبجاق (كازاخستان حاليًا)، فإن بعض الباحثين المسلمين في العصر الحديث يشيرون إلى أن مؤرخي العصر المملوكي من عرب ومماليك كانوا يعتبرون الشركس من الترك، وأنهم كانوا ينسبون أي رقيق مجلوب من مناطق القوقاز والقرم للقبجاق. [الموسوعة الحرة ويكيبديا]
 
وقد أكد على تاريخ مولده كثيرون منهم  عز الدين محمد بن علي بن إبراهيم بن شداد حيث قال: أخبرني الأمير بدر الدين بيسري، أن مولد الملك الظاهر بأرض القبجاق سنة خمس وعشرين وستمائة تقريبًا. [الوافي بالوفيات، الصفدي، 3/ 438]
 
مراحل حياته:
 
يقول ابن تغري بردي: أخذ بيبرس من بلاده وأبيع بدمشق للعماد الصائغ، ثم اشتراه الأمير علاء الدين أيدكين الصالحي البندقداري وبه سمي البندقداري [النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ابن تغري بردي - (ج 2 / ص 276)].
 
شارك مع جيش المماليك في معركة المنصورة ضد الصليبيين في رمضان من عام 647 هجرية الموافق 1249 ميلادية، والتي تم فيها أسر الملك الفرنسي لويس التاسع في دار ابن لقمان، بعد مشاركته في معارك ضد الصليبين في تولى بيبرس السلطنة في مصر في 17 من ذي القعدة سنة 658 هجرية الموافق 24 أكتوبر عام 1260 ميلادية. [الموسوعة الحرة ويكيدبديا].
 
قدومه لمصر وتقديم الملك الصالح نجم الدين له:
 
لما جاء بيبرس إلى مصر (قدمه الملك الصالح نجم الدين، على طائفة من الجمدارية؛ لما رأى من فطنته وذكائه واستمر بيبرس على ذلك إلى أن مات الملك الصالح نجم الدين أيوب، وملك بعده ابنه الملك المعظم توران شاه في سنة سبع وأربعين وستمائة، ثم قتل توران شاه في سنة ثمان وأربعين وستمائة، وأجمعوا الأمراء على إقامة الأمير عز الدين أيبك التركماني الصالحي، وولوه السلطنة بعد شجرة الدر.
 
ولما قتل المعز الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار، ركب بيبرس البحرية، وقصدوا قلعة الجبل، فلما وصلوا لم ينالوا مقصودهم، خرجوا من القاهرة مجاهرين بالعداوة للملك المعز أيبك التركماني، قاصدين الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب دمشق، وهم: بيبرس، وبلبان الرشيدي، وعز الدين أزدمر السيفي وغيرهم [المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي، ابن تغري بردي، 1/ 293- 298 بتصرف].
 
ملكه لمصر:
 
تولى بيبرس عرش مصر في عام ثمان وخمسين وستمائة، وتلقب بالملك القاهر أولًا؛ فأشار الوزير زين الدين على السلطان بتغيير لقبه، وقال: ما لقب أحد بالقاهر فأفلح، لقب به: القاهر بن المعتضد، فلم تطل أيامه وخمل وهمل، ولقب به القاهر ابن صاحب الموصل؛ فسم؛ فأبطل السلطان اللقب الأول ولقب بالملك الظاهر، وكتب بذلك إلى جميع الأعمال، ثم كتب إلى الملك الأشرف صاحب حمص، وإلى الملك المنصور صاحب حماة، وإلى علاء الدين ابن صاحب الموصل يعرفهم بما جرى، وأقر الصاحب زين الدين على الوزارة، وأفرج عن الأجناد، وأرسل الأمير جمال الدين آقوش المحمدي بتقاليده إلى دمشق باستقرار الأمير علم الدين سنجر الحلبي في نيابة دمشق عوضًا عن الأمير حسام الدين لاجين؛ فوجده قد تسلطن بدمشق [المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي، ابن تغري بردي، 1/293- 298 بتصرف].
 
 
جهوده في نصرة الشريعة:
 
 
القضاء على فكرة المناداة بالخلاقة الفاطمية:
 
تمكن الظاهر بيبرس أيضًا من القضاء على التمردات الفاطمية في القاهرة، والتي أثارها رجل يدعى الكوراني وهو فارسي الأصل من نيسلبور، وكان يهدف إلى قلب نظام الحكم وإرجاع الفاطميين، وقد نتجت تلك الحركة إلى إعلان العصيان على بيبرس والمسير في شوارع القاهرة ليلًا ثم الهجوم على مخازن السلاح والاصطبلات وأخذ ما بها من السيوف والخيل، إلا أن الظاهر بيبرس تمكن بقواته الخاصة من الإحاطة بالمتمردين والقبض على جميع زعمائهم ومنهم الكوراني، حيث أقر السلطان بصلبه على باب زويلة بالقاهرة، وبهذا انتهت جميع محاولات الفاطميين بالتمرد والعودة إلى سدة الحكم [الموسوعة الحرة].
 
منع المسكرات في مصر:
 
وكان الظاهر رحمه الله تعالى قد منع الخمر والحشيش، وقال ناصر الدين حسن بن النقيب عن ذلك:
 
منع الظاهر الحشيش مع الخمر فولى إبليس من مصر يسعى
 
قال: ما لي وللمقام بأرض      لم أمتع فيها بماء ومرعى [الوافي بالوفيات الصفدي - (ج 3 / 444) بتصرف]
 
إحيائه الخلافة العباسية:
 
عمد الظاهر بيبرس إلى إحياء الخلافة العباسية في القاهرة ليقيلها من الانتكاسة التي أصابتها في بغداد على يد المغول، وعليه فقد أرسل في طلب أحد أبناء البيت العباسي فوصل إلى القاهرة القاسم أحمد في رجب 659هـ/يونيو 1261م، حيث قوبل بالتكريم والاحترام، وقدبايع الخليفة على العمل بكتاب الله وسنة رسوله وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى الجهاد في سبيل الله، فتبعه الجميع بالمبايعة ولقب الخليفة المستنصر بالله. [الموسوعة الحرة].
 
النهضة المعمارية والتعليمية:
 
شهد عهده نهضة معمارية وتعليمية كبيرة حيث اهتم بتجديد الجامع الأزهر، فأعاد للأزهر رونقه فشن عليه حملات من الترميم والتجميل حتى عاد له جماله ومكانته مرة أخرى، وعمل على إنشاء العديد من المؤسسات التعليمية فأنشأ المدارس بمصر ودمشق.
 
وفي خارج مصر قام بعدد من الإصلاحات في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، وقام بتجديد مسجد إبراهيم عليه السلام في الخليل، كما قام بتجديد قبة الصخرة وبيت المقدس، وعمل على إقامة دار للعدل للفصل في القضايا والنظر في المظالم [الموسوعة الحرة].
 
حروبه مع الصليبيين:
 
بدأ بيبرس حربه مع الصليبيين بمهاجمته إقليم الجليل، ثم الهجوم على عكا واقتحام أبوابها، ولكنه لم يتمكن من اقتحامها لحصانتها وكثرة من بها من الصليبيين، فتركها وهاجم بالشهر التالي قيسارية وعثليث، وفي عام نزل بيبرس بقوات ضخمة إلى غزة ومن هناك إلى قيسارية ففتحها، ثم تقدم صوب يافا فدخلها بغير قتال، لأن الصليبيين فروا منها هاربين، ثم سار نحو عثليث وحررها، وقد كانت بأيدي الصليبيين منذ سنة614هـ/1218م، ثم اتجه صوب أرسوف وضرب عليها حصارًا شديدًا استمر 40 يومًا، استسلمت بعده المدينة.
 
واختتمت فتوحاته بفتح أنطاكية، والتي كانت تعد الحصن الحصين للصليبيين فحقق انتصارًا باهرًا بفتحه لهذه المدينة، كما حقق انتصارات عديدة على المغول في موقعة البيرة وحران، ورد هجمات المغول المتتابعة على بلاده، إلى أن قضى عليهم نهائيًا عند بلدة أبلستين وذلك في عام 675هـ، وبذلك حقق بيبرس ما كان يبتغيه من تأمين لجبهته الخارجية وحدود دولته، وقد دام حكمه حوالي سبعة عشر عامًا [الموسوعة الحرة].
 
وفاته:
 
في يوم الخميس، السابع والعشرين من المحرم عام 676 هجرية - 2 مايو 1277م، توفي السلطان الملك الظاهر أبو الفتح بيبرس، الصالحي النجمي بدمشق، وقت الزوال، رحمه الله تعالى، عقب وصوله من بلاد الروم إلى دمشق [المختصر في أخبار البشر، أبو الفداء،(1/468)، بتصرف].

لواء الشريعة  
 
المراجع:
 
·       المختصر في أخبار البشر، أبو الفداء.
 
·       الموسوعة الحرة.
 
·       الوافي بالوفيات الصفدي.
 
·       المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي، ابن تغري بردي.
 
·       النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ابن تغري بردي.
 
·       سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، العصامي.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق