الدور المشبوه للمنظمات الغربية في الصومال
تشهد
الصومال معاناة انسانية تتفاقم وتيرتها حيناً، وتزداد حدتها حينا أخر،
كارثة انسانية قلما واجهها انسان أو حيوان لافي غزة في فلسطين المحتلة ،
ولافي درافور السودانية أجبرت العديد من الصوماليين البسطاء على الفرار من
منازلهم وقراهم إلى العاصمة "مقديشو" التى تقول عنها الوكالات الدولية
بأنها أشبه بسفينة خربة تتقادفها الأمواج العاتية من كل حذب وصوب، فضلاً عن
موت عشرات من الصوماليين بسبب الجوع والحصار الاقتصادي المطبق عليهم ،
فمأساة الجوع حوّلت الكثير من الناجين من محنة الموت إلى هياكل عظمية لاحول
لها ولاقوة .
مقديشو
التى كانت تستفيق صباح كل يوم على وقع أزير مدافع هاون ، وأنباء عن قتلى
وجرحى ودمار هائل يطال المنازل السكنية والمحلات التجارية، ترى بأم أعينها
مأساة انسانية ومشهداً يستوجب الوقوف من الركود لتقديم يد العون للمتضررين ،
ولاتزال الجموع الهاربة من الأقاليم الجنوبية تتدفق على المدينة كالسيل
العارم في الوديان، بحثاً عن مايسدون به رمقهم، تراهم يقفون أمام أبواب
المساجد وفي باحتها، و عالقون على أستارها طلباً للمساعدة والنجدة من
أشقائهم الصوماليين ...فياترى هل من مجيب لدعواتهم ؟! .
التكافل
الاجتماعي من سماحة يسر الاسلام ، فالهبة الشعبية في مقديشو، التى ثارت
لأجل تخفيف معاناة متضرري الصومال لاتزال مستمرة، فبعض المساجد في العاصمة ،
بدأت بحملات لاغاثة الملهوفين ، من أجل رسم بسمة الحياة على شفاههم ، ولو
بيوم واحد، أئمة المساجد يطلقون تصريحاتهم عبر منابر العبادة ، وكان شخينا
المفسر محمود عبدالله عريف هو الذي بدأ هذه الخطوة ، معلناً أنه يتبرع
بـ100 دولار امريكي مايعادل 3,330 مليون شلن صومالي ، وهذه القيمة المالية
كبيرة بالنسبة لهؤلاء البسطاء ، وكفيلة لسد احتياجات أسرة كاملة لمدة شهر
على الأقل ، لكن العديد منهم لم يجدوا يداً تعينهم وتمد لهم العون في
أقاليمهم ، لافي زمن الحرب ولافي السلم .
إذاً
، لزام عليناً وعليكم أن تشفقوا لهؤلاء الجائعين ، فالصدقة في المحن
والكوارث الطبيعية من أفضل الأعمال للمؤمن ، ويقول الحبيب صلى الله عليه
وسلم "الصدقة تظفئ الخطيئة كما يظفئ الماء النار " وقال أيضاً " من لايهتم
بأمر المسلمين فليس منا " ، وفي حديث أخر " من فرج عن مؤمن كربة فرج الله
كربة من كرب الدنيا يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا
والأخرة " .
المأساة
الانسانية جعلت المتضررين لايقدرون على الوصول إلى مقديشو، الأبار قد جفت
منابعها، والأراضي الزراعية تبورت ، والماشية التى يستنجذ بها أهلها في
المحن لم يعد لها وجود بل المجاعة بقرت بطنها وكادت أن تكشر عن أنيابها على
البسطاء ، لكنهم بقدر الله نجوا منها .
حضور اسلامي
لم
تكن المنظمات الغربية تحظى بنصيب الأسد في تقديم حصص غذائية للمعوزين
الصوماليين، رغم أنهم يطلقون أعذاراً مقابل ديمومة عملهم الانساني في
الصومال، مما أعطى حيزاً كبيراً للمنظمات الاسلامية الخيرية، التى استغلت
الفرصة السانحة، وأعطت المحتاجين كل غال وثمين، وبمختلف الأغذية الضرورية
للحياة، بينما المنظمات الغربية شاهدة على ماتقوم به تلك المنظمات الخيرية
الاسلامية .
وكانت
حركة الشباب المجاهدين التى فرضت حظراً على أعمال المساعدات الانسانية
لتلك المنظمات الغربية، مغبة أن تدس السم في العسل، بل أخطر من هذا ترويج
المسيحية في أوساط المجتمع الصومالي المسلم، دعت المنظمات الاسلامية
والغربية إلى التدخل السريع لانقاذ مئات الآف من البشر من الهلاك ، لكن
المنظمات الغربية التى تتستر وراء منطلق"الانسانية" لاتقدم العون للمحتاجين
الصوماليين حباً لسواد عيونهم ، فالفيضانات التى اجتاحت باكستان قبل شهور
عدة، لم تلعب المنظمات الغربية دوراً في سد احتياجات الاسر الباكستانية،
بينما كانت المنظمات الاسلامية والهيئات الخيرية العربية تدفقت على هذا
البلد المنكوب، وأعطت مالديها من معونات انسانية للباكستانيين،عطاء من
لايخشى الفقر ، على أمل تخفيف معاناتهم، وانتشالهم من مستنقع الكارثة ،
التى ذاق بها الشعب الباكستاني، وهي من أبشع مأساة ذاقها بشر في العصر
الحديث .
فالمثال
الأخر هو ماحدث في هاييتي التى ضربها زلزال عنيف جعل من أجمل مدنها خاوية
على عروشها ، وكان الحضور الغربي في هذا البلد كثيف جداً، ورأينا أن جنود
الأمريكان يدخلون فيه، ليس لضرب المدينة، بل لاعطاء ثمرة تعيد صيرورة حياة
الهيتيين من جديد، والتى كادت أن تنقطع، كما بات واضحاً للجميع، عشرات
المنظمات الغربية التى هبت وخرجت من جحرها ، كما تخرج الوردة من أكمتها،
وهذا كله لمساعدة متضرري زلزال هاييتي ، فأين المنظمات الغربية في القرن
الافريقي ؟!
هل من منقذ ؟
السؤال
الذي يفرض نفسه بقوة، هل من منقذ للصومال، فالكارثة الانسانية في هذا
البلد، أكبر بكثير ممايتصوره البعض، فآلة الحرب استنزفت دماء الشعب
الصومالي المقيم في العاصمة "مقديشو"، بينما الجفاف لعب بأكواخ ومزارع
القرويين، أما المجاعة فهي التى لم ترحم صغير ولاكبيراً، بقرت بطن من كان
يتنفس، فلا احصائيات دقيقة لموتي هذه الكارثة الانسانية، ولا من منقذ
للصوماليين ـ فالله وحده ـ هو الذي يعلم حقيقة حالهم .وهو القادر الوحيد
على انقاذهم من المحن والمصائب التى تلاحقت وتعاقبت لهذا البلد الجريح .
فأين
دعاة الانسانية في العالم، تراهم يدقون ناقوس الخطرفقط، و لايقدمون شيئاً
للانسانية، بل هم وصمة عار على جبينها ،ولايزالون يضعون أمامهم حججاً وهمية
ليقولوا لنا أن الكارثة في الصومال تستعصي الدخول والحل ..فحقيقة الحال هي
أن الذي يعلق أماله على تلك المنظمات الغربية كالمستجير بالرمضاء من النار
.
المصدر: الصومال اليوم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق