مشاهد من الحياة في اليابان
عبدالله بن حمد الحقيل
المصدر: من كتاب "رحلتي إلى اليابان" لعبدالله بن حمد الحقيل
| |
خلال جولاتي في اليابان سجلت بعض اللمحات العابرة لبعض جوانب الحياة ومظاهرها التي شاهدتها أثناء المرور السريع والحديث العابر وهي لمحات موجزة عن تلك الرحلة وما تركته من أثر في النفس مما مرت به في تلك البلاد والتي تتكون من أربعة آلاف جزيرة.
• في مدن اليابان وقراها أُعدَّت دور خاصة لتناول الشاي الأخضر فيها بالإضافة إلى وجبات طعام مختلفة والشاي الأخضر هو المشروب المفضل ويتم تناوله بارداً وساخناً وتقدم بعض الحلوى زاهية الألوان لتعويض الطعم المر للشاي.
• فن تنسيق الزهور في اليابان ناحية هامة وهناك أساليب عديدة لتنسيق الزهور تكمن وراء كل منها فلسفة مختلفة ولها أساليب غاية في البساطة والإتقان وهناك ما يزيد عن 3000 مدرسة للاهتمام بهذا الجانب.
• تبدأ السنة الدراسية في اليابان في شهر أبريل وتمتد إجازة الصيف لعدة أسابيع وتنتهي السنة الدراسية في شهر مارس وتبدأ الدراسة من الساعة الثامنة والنصف صباحاً حتى الرابعة والنصف مساء خلال أيام الأسبوع ويذهب الطلبة بعد ذلك لممارسة الرياضة وغيرها من الأنشطة خارج نطاق المنهج المدرسي وتتناوب مجموعات الطلبة في كل فصل لتنظيف الفصول والممرات والحمامات وفناء المدرسة وغيرها من الأماكن.
• يدرس الطلبة اللغة الإنجليزية في السنة الأولى من الدراسة الإعدادية بالطبع اللغة اليابانية هي جزء شديد الأهمية في دراستهم وكتابة اللغة اليابانية تحتاج لوقت طويل وتتطلب تدريباً متواصلاً.
• عناصر الطعام الطازجة تعد أمراً شديد الأهمية في الطعام الياباني التقليدي ورغم أن الأرز هو الغذاء الأساسي فإن السمك أيضاً مصدر هام للغذاء وأحد الأطباق المفضلة.
• اليابان واحدة من أكبر الدول المستوردة للمنتجات الزراعية في العالم حيث لا يزرع من أرض اليابان سوى 13% فقط.
• الحياة في اليابان غالية ومرتفعة وقيمة المتر من الأرض في طوكيو وخاصة في منطقة «جترا» تصل إلى مليون دولار للمتر الواحد وقد علق أحد الزملاء قائلاً: لقد بدا لي وأنا أقضم تفاحة في اليابان أنني أجتر قطعة من سبيكة ذهب وحينما بدأ في أكل قطعة شمام فقد تخيل أنه يقص ورقة من فئة المائة دولار إلى شرائح.. تلك نماذج باختصار من قصة الغلاء في طوكيو وقد روى أحد المرافقين لنا أن هناك نوعين من البقر يبلغ ثمن الكيلو غرام من لحمه 400 دولار وأما السكن فهو يقص الظهر والجيب.
• المعهد العربي الإسلامي في طوكيو مفخرة سعودية حيث يقع في منطقة راقية في العاصمة يعتبر بحق قلعة علمية خصبة من قلاع العرب الإسلامية ومن حيث الموقع والمساحة وروعة التصميم وجودة التنفيذ، فقد استطاعت الجامعة التغلب على المصاعب والتحديات لتأسيس هذا المعهد في ظروف اليابان الصعبة حيث الغلاء الملتهب إنه إنجاز بكل المقاييس.
• يحافظ اليابانيون على ثقافتهم وتقاليدهم بشكل كبير وعندهم حرص لافت للنظر على الاحتفاظ بالموروث والاهتمام به.
• لوحظ إقبال الشباب على الالتحاق بالمعهد العربي الإسلامي وقد وفق المعهد في جذب أعداد من الشباب وأبدى كثير منهم عناية واهتماماً بالدين الإسلامي واللغة العربية ويطلب الكثير منهم محاضرات عن الإسلام وحضارته وهذه هي المحصلة الطبيعية والمرجوة بإذن الله تعالى... مما جعل المعهد يكثف نشاطه ويمد جسوره مع الشرائح اليابانية المتنوعة الأكاديمية والاجتماعية.
• «الجو» لعبة من ألعاب الذكاء وصلت لليابان من الصين ويميل الناس إلى اعتبارها لعبة تراثية قديمة.
• مدينة «أوساكا» هي أكبر مدينة في غرب اليابان وقد ساهم موقعها في تحولها إلى مركز اليابان التجاري وتزخر بالحركة والنشاط والصناعة وبها شركات متعددة تملك كلها تقنيات على مستوى عالمي.
• يقال إن الناس هنا في اليابان يسيرون أسرع من أي فرد في العالم وقد سألت عن السبب فقيل لي أنهم يعتبرون الوقت من ذهب كما أن هذه الرغبة الدائمة في سرعة الحركة هي جزء من ثقافة هذه البلاد التي تكونت عبر القرون.
• النوم مبكراً الأكل سريعاً شعار يحترمه الجميع يشرحونه لنا قائلين إذا نمت مبكراً اقتصدت في تكاليف الإضاءة والتدفئة وإذا أكلت بسرعة وفَّرت وقتاً كبيراً للعمل، وهنا قلت لهم حقاً إن الوقت من ذهب.
• سواحل اليابان كثيرة التعرج زاخرة بالرؤوس والخلجان وأينما كنت فإن البحر قريب منك.
• على الرغم من صغر مساحة اليابان، فإن حوالي 225 بركاناً تتوزع في مختلف مناطقها منها 165 بركاناً بين هادئ وخامد وما تبقى وقدره 60 بركاناً كلها دائرة وأهم براكين اليابان على الإطلاق بركان (فوجي) الذي يقع في القسم الشرقي من أواسط جزيرة «هونشوم» على بُعد 90 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة طوكيو.
• يوجد في اليابان عدة أنهار من أشهرها نهر «تيسو» كما تضم أرض اليابان عدداً من البحيرات التي ترقد وادعة بين أحضان الجبال المكسوة بالغابات مما يضفي عليها جمالاً ومشهداً أخاذاً كما تكثر ينابيع المياه الحارة والمعدنية التي تتدفق مياهها نحو سطح الأرض ويقصدها الكثيرون للتداوي والترويح عن النفس.
• الإسلام الآن في اليابان هو أفضل حالاً، مساجد تعمر وأفراد يدخلون في دين الله تعالى لا يدخلونه أفواجاً لكن مجموعة منهم ولو قليلة بدأت تسمع وتقرأ عن الإسلام، وهناك المعهد العربي الإسلامي والمراكز الإسلامية تساهم بدفع عجلة الدعوة والتعريف بالإسلام وحضارته.
• يعتمد جزء كبير من القوة الاقتصادية لليابان على التصنيع. والسيارات هذه واحدة من أشهر المنتجات ففي عام 1998م أنتجت اليابان أكثر من 11 مليون سيارة ونصف السيارات المنتجة يتم تصديرها.
• جميع أنواع المواصلات موجودة في اليابان من الدراجة حتى أسرع قطار على وجه الأرض بشكل منتظم والسكك الحديدية هي وسيلة للنقل عالية الكفاءة.
• ترتبط جزر اليابان الأربع الرئيسية ببعضها البعض بحراً وجواً وبراً من خلال جسور وأنفاق.
• من خلال استعراض بعض الكتب يلاحظ أن هناك نهضة أدبية حديثة شديدة النشاط، فالأدب الياباني المعاصر لقي اهتماماً دولياً وحصل مجموعة من أدبائه على جائزة نوبل للآداب.
• قرأت أن هناك عدداً لا حصر له من المهرجانات التي تعقد على مر العام مثل مهرجان الثلوج له جاذبية خاصة حيث يذهب إليه آلاف الزوار، وهناك أشياء تاريخية كثيرة، فهناك صالات يعرض فيها.
• بالرغم من أن اليابان بلد صغير من حيث مساحة الأرض، فإنها تضم ثامن أعلى عدد للسكان في العالم إذ يبلغ سكانها حوالي 130 مليون نسمة مما يجعلها من أعلى دول العالم كثافة للسكان.
• طوكيو هي العاصمة منذ عام 1968م ولعلها كما رأيت أكبر عواصم العالم من حيث المساحة والكثافة السكانية وهي نقطة جذب دولية للأنشطة التجارية وتتميز بتراثها الثقافي المتعدد.
• إن أول خطوات المسلمين في اليابان بدايتها عام 1890م حينما رست سفينة تركية على الشواطئ اليابانية وفي عام 1891م أسلم أول رجل ياباني وفي عام 1909م وصل مكة المكرمة أول حاج ياباني وفي عام 1921م استقرت أول جالية إسلامية في اليابان وتم بناء أول مسجد ياباني في عام 1935م.
• اليابان تستعد لإحداث نقلة نوعية في علاقتها مع دول العالم الإسلامي.
• بروفيسور ياباني يتوقع من خلال دراساته واستقراءاته انتشار الإسلام باليابان في زمن قياسي.
لقد أوضح الدكتور صالح السامرائي مدير المركز الإسلامي في طوكيو أن بروفيسوراً يابانياً بوذياً وضع كتاباً ذكر فيه أن الإسلام إذا استقر في اليابان، فسيضم الإسلام اليابان كلها في زمن قياسي مثل ما حدث في أندونيسيا وماليزيا وذكر أن كل مسلم هو داعية وألف البروفيسور ساندا (رئيس معهد القانون المقارن في اليابان وعميد كلية القانون في جامعة شو أو اليابان) كتاباً يؤكد فيه تفوق الشريعة الإسلامية على القوانين الوضعية.
لقد كتب الكثيرون عن اليابان وسر نهضتها وتقدمها بالفعل.
فإن ما يحدث في اليابان ليس معجزة لكنه عمل ودأب وإفادة من المعوقات الذاتية والإنتاج العالمي كما أن قوة العمل اليابانية لا تعتمد على وفرة المواد الأولية ولكنها روح الجماعة ومحبة العمل حيث أن العمل عند الياباني نسيج واحد لا تستطيع أن تعرف متى ينتهي أحدهما ويبدأ بالآخر.
رئيس وزراء اليابان يقف أمام البرلمان في بلاده ليطالب اليابان بالتواضع وهي التي ترشحها المحافل الدولية لتصبح أكبر مانح للمعونات الاقتصادية في العالم.
وإن مصدر القوى هو العمالة الكبيرة العدد المحبة للعمل والإبداع في الوسائل والإدارة الذكية إنها روح الجماعة الكامنة في الشعب الياباني والمحبة للعمل ليست مجرد كلمة، ففي التطبيق يشاهد المرء أشياء كثيرة ولقد تحدث إلينا بعض الإخوة الدارسين في الجامعات اليابانية قائلين أن مديري أكثر المصانع في اليابان يوفرون للعاملين دروساً في تنسيق الأزهار وحفلات تناول الشاي والرياضات المختلفة ومعظم المصانع تنظر للعاملين نظرة أبوية مفعمة بالعطف فإذا غضب أحد العمال سارع الجميع إلى إرضائه وإسعاده... لقد أنجزت التربية اليابانية الزهد في الترف والنظرة التي تدمج طواعية محبة العمل بالحياة وروح الجماعة الكامنة المستقرة في الأفراد التي تدفعهم للتعاطف والأبوة داخل وحدات العمل، ولا شك أن غرس هذه المفاهيم وتأكيدها هو من عمل التربية.
مدينة يوكوهاما:
على بعد قريب من العاصمة طوكيو، تقع «يوكوهاما» التي تعاني من عقد الجوار، كما يقول مرافقنا فهي ملاصقة للعاصمة، مما يفقدها استقلالها وهويتها الخاصة في نظرهم.. فيوكوهاما المتناثرة تقع في تنظيم راق بين الغابات الخضراء وأبراج الشركات العالمية، على إحدى جزر الأرخبيل الياباني تعد سبباً في انفتاح اليابان على العالم.
و«يوكوهاما» حالياً تحوز على النصيب الأكبر من التعاملات التجارية مع منطقة الشرق الأوسط حيث تصدر المدينة ما قيمته 35 مليار دولار في العام، وتستورد ما يقارب ذلك سنوياً ويقع بها أهم ميناء تجاري في اليابان، وأكثر موانئ العالم جمالاً وتنظيماً كما يوجد بها برج «حديقة السماء» وهو أعلى مبنى في اليابان، وإستاد «نيسان» الذي جرت على بساطه الأخضر فعاليات المباراة النهائية العالمية، وتستضيف يوكوهاما أكبر جالية عربية في اليابان معظم أفرادها من المملكة العربية السعودية، حيث يعملون خبراء في مجال النفط وصيانة المصافي.
فنظام التعليم قد شهد إصلاحات واسعة بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية في عام 1945م أتاحت إعادة توجيه المناهج والمقررات الدراسية ولعل من أهم ملامح وخصائص نظام التعليم الياباني اللامركزية في التعليم. روح الجماعة الجماعي والنظام والمسئولية. الجد والاجتهاد أهم من الموهبة والذكاء. الحماس الشديد من الطلاب وأولياء الأمور للتعليم وارتفاع المكانة المرموقة للمعلم.
واليابان تتميز بأشياء كثيرة الشاي الأخضر والأكل السريع كما أن لدول العالم وزارة دفاع خاصة بها فإن اليابان لا توجد لديها وزارة للدفاع..كما أن الحروف اليابانية تختلف عن حروف اللغة العربية أو اللاتينية، إذ تبلغ اثنين وخمسين حرفاً مضافاً إليها الرسوم التي يبلغ عددها ألف وثمان مائة سمة...
كما أنهم يكتبون من أعلى إلى أسفل ويقودون سيارتهم على اليسار بمقاود على اليمين... اليابانيون لا يأكلون الخبز بمختلف أشكاله بل يأكلون الأرز المسلوق في الوجبات الثلاث، كما أنهم يتناولون الأسماك والأحياء البحرية نيئة.. وهناك عادات وأشياء كثيرة تسترعي الانتباه ولقد برزت اليابان وحققت المعجزة كما سمعتهم يقولون ذلك وكما لاحظت أن اليابانيين قليلو الكلام.
لقد تحقق لليابان التقدم الصناعي بفضل البحث العلمي والترجمة والجودة ولقد أنشأوا في عام 1963م مدينة علمية من أجل الارتقاء بالصناعات اليابانية وبها آلاف العلماء من الباحثين في شتى المجالات، أما الاهتمام بالترجمة فقد أنشأوا مؤسسات خاصة للترجمة، لترجمة كل ما يصدر في دور النشر العالمية من كتب وأبحاث ودراسات ومقالات ومواد علمية متنوعة، كما ركزوا على الجودة بمفهومها ومعناها ونشر الوعي بأهمية ذلك... يفتخر الياباني أن كل شيء في بلده قد صنعه... البيت.. المطعم.. الفندق... المصنع... الشارع... السيارة... الطائرة... القطار.. الهاتف، ويعيش أكثر من 79% من السكان في المدن الكبرى والباقي في القرى والأرياف ويعمل 35% من السكان في الصناعة و27% في الزراعة والباقون في صيد الأسماك والتجارة وموظفين في الدولة والمؤسسات الخاصة.
شبكة الألوكة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق