الصفحات

السبت، 21 يناير 2012

د.صفوت حجازى يكتب: قانون تطوير أم تدمير الأزهر؟..هذا القانون الممسوخ به عورات كثيرة أهمها عدم تحقيق استقلالية الأزهر وهو أمر غير مقبول بعد الثورة

د.صفوت حجازى
أرسل قانون تنظيم الأزهر الجديد إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة لإقراره وهو القانون الذى سيلغى قانون سنة 1960 الذى صدر فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.

وقبل الشروع فى تقييمه أود أن أذكر أنه بعد الثورة بدأ الجميع يتحدث عن المرجعية الإسلامية التى تحتضن جميع الطوائف الإسلامية بين جنباتها سواء كانت هذه التيارات أحزابا أو جماعات أو ائتلافات ثورية.

وأود التأكيد فى بداية حديثى على أن الأزهر الشريف جامعا وجامعة هو المرجعية الفاصلة التى نسعى لأن تفصل فى أى اختلاف قادم بحكم عمق فهمه لطبائع وخصائص هذا الشعب المصرى العريق الذى يعد الإسلام أهم ما فى وجدانه.

ولا خلاف أن الأزهر الشريف يجب أن يملك قراره ويتمتع باستقلالية تعفيه من أى أعباء أو ضغوط سياسية لكى يصبح منارة للعالم الإسلامى أجمع ليس لمصر فقط لما يتمتع به من مكانة روحية وأدبية فعلا فى ضلوع وقلوب المسلمين فى شتى بقاع الأرض، إلا أنه لم يشف صدورهم وطموحاتهم خلال العقود الماضية لأسباب نعرفها جميعا ولا مجال لذكرها هنا.
ولكن بقراءة متأنية للقانون المقترح نجد أنه يحتوى على عورات كثيرة كنا نأمل تلافيها لكى يعود هذا الصرح الإسلامى الشامخ غلى مكانته الطبيعية المستحقة وأود هنا أن استعرض أبرز النقاط التى يتناولها القانون المقترح.
المادة رقم 6 تنص على «عند خلو منصب شيخ الأزهر أن يتم اختياره بطريق الانتخاب من بين أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر وفقا للشروط التالية:

1 - أن يكون مصريا من أبوين مصريين مسلمين وألا يكون قد اكتسب جنسية أى دولة أخرى فى أى وقت من الأوقات.
2 - أن يكون من خريجى إحدى الكليات الأزهرية المتخصصة فى علوم أصول الدين والشريعة وأن يكون قد تدرج فى تعليمه قبل الجامعى بالمعاهد الدينية الأزهرية.
3 - أن يكون ملتزما بمنهج الأزهر علما وسلوكا وهو منهج أهل السنة والجماعة.
وينص القانون المقترح أن تنتخب هيئة كبار العلماء من بين أعضائها ثلاثة مرشحين لتولى منصب شيخ الأزهر عن طريق الاقتراع السرى بشرط حضور ثلثى عدد أعضائها ثم تنتخب الهيئة من بين هؤلاء الثلاثة شيخ الأزهر ثم يصدر قرار من رئيس الجمهورية بتعيين شيخ الأزهر الذى تم انتخابه وتنتهى مدة ولايته ببلوغه سن الـ 80 أو بالوفاة.
ولم يذكر نص القانون المقترح أى تفاصيل عن منصب شيخ الأزهر الحالى وهل سيتركه أم لا فى حين أشار إلى أن شيخ الأزهر الحالى هو من سيقوم بتعيين هيئة كبار العلماء التى سيكون من بعض أدوارها ما يلى:
> انتخاب شيخ الأزهر عند خلو منصبه.
> ترشيح مفتى الجمهورية.
> البت فى المسائل الدينية ذات الشأن الهام.
> دراسة التطورات المهمة فى مناهج الأزهر الشريف.
وينص القانون المقترح على أن يتم اختيار هيئة كبار العلماء وفقا للشروط التالية:
-1ألا يقل سن عضو هيئة كبار العلماء عن 60 عاما.
-2أن يكون معروفا بالتقوى والورع فى ماضيه وحاضره.
-3 أن يكون حائزا لشهادة الدكتوراة وبلغ درجة الأستاذية فى العلوم الشرعية أو اللغوية.
-4 أن يكون قد درس فى المعاهد الأزهرية وكليات جامعة الأزهر الشريف.
-5 أن يكون له بحوث ومؤلفات.
-6 أن يقدم بحثين فكريين.
-7 ألا يكون قد وقعت عليه عقوبة فى حياته.
-8 أن يكون ملتزما بمنهج الأزهر علما وسلوكا.
ولشيخ الأزهر الحالى الصلاحية لاختيار أعضاء هيئة كبار العلماء من ذوى الكفاءات ويصدر بتعيينها قرار من رئيس الجمهورية.
وينص القانون المقترح أنه فى حال خلو مقعد فى هيئة كبار العلماء يتم اختيار عضوا آخر خلال ثلاثة أشهر من أعضاء هيئات التدريس أو من علماء الأزهر يرشحهم شيخ الأزهر.
ويشير القانون المقترح إلى أنه تسقط عضوية هيئة كبار العلماء فى أحد الحالات الآتية:
-1 إذا صدر ضد العضو حكم فى جناية أو جنحة ماسة بالشرف.

-2 إذا صدر عن العضو عمل أو قول بما لا يتلاءم مع صفته كعضو فى الهيئة كالطعن فى الإسلام أو إنكار ما علم من الدين بالضرورة.

وبعد استطلاع ما سبق أرى أن نص القانون المقترح لا يحقق استقلالية الأزهر بالشكل الذى نطمح إليه وهو أمر غير مقبول بعد الثورة .

لم يشر نص القانون المقترح المرسل إلى المجلس الأعلى إلى كيف سيتم التعامل مع شيخ الأزهر الحالى – مع احترامنا وتقديرنا الكامل لشخصه الكريم وعلاقتى الكريمة يفضيلته – فهل سيستقيل أم سيظل إلى أن يبلغ الثمانين من عمره مع العلم أنه يبلغ من العمر 64 عاما حاليا.
وحتى فى حال استقالة شيخ الأزهر الحالى بعد إقرار القانون وتعيين هيئة كبار العلماء من طرفه فمن الطبيعى أن تختاره اللجنة مرة أخرى.

وأرى أنه يجب انتخاب هيئة كبار العلماء من كافة علماء الأزهر الذين تتوافر فيهم الشروط لينتخبوا من بينهم شيخ الأزهر لا أن يتم تعيينها من قبله كما يجب أن يتم تحديد الفترة الزمنية لبقاء العلماء فى الهيئة! ولا يعقل أن يظلوا بها طوال حياتهم حتى الوفاة.

وهل سيتم انتخاب هذه الهيئة مرة واحدة، وكيف سيتم تجديدها بعد ذلك؟
فى الحقيقة هذا الطرح غير مقبول من وجهة نظرى وأرى أن ما يتم الآن هو محاولة إصدار قانون بمرسوم رئاسى من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاعتماد هذا القانون لعدم الرغبة فى عرضه على مجلس الشعب خوفا من مناقشته بشكل فعال.

ومن غير المقبول أن اختيار مرجعية الأزهر وهيئة كبار العلماء من قبل هوى شخص مهما كان هذا الإنسان. لذلك يجب أن يتم انتخاب هيئة كبار العلماء من بين كافة علماء مصر ولمدد محددة يتم بعدها التجديد أو إعادة الانتخاب مرة أخرى كمجلس الشعب أو رئاسة الجمهورية.

لم نعد نريد لأى منصب فى مصر أن يظل مدى الحياة، وأرى تحديد مدة هيئة كبار العلماء بخمس أو عشر سنوات ثم يتم إعادة انتخاب الهيئة مرة أخرى لمدتين على أقصى تقدير.
ومنصب شيخ الأزهر لدى المسلمين لا يصح أن يكون مثل بابا الفاتيكان يظل موجودا ويرعى شؤون المسلمين مدى الحياة ويجب أن تكون مدة رئاسة مشيخة الأزهر لفترات محددة ولا يحق له الترشح بعد ذلك.
نريد أن يكون عندنا الإمام الأكبر السابق وأن يكون شيخ الأزهر بالانتخاب الحقيقى من قبل هيئة تم انتخابها.

وكنا نأمل أن يحتوى مشروع القانون المقدم على مادة تعيد دار الإفتاء المصرية إلى مشيخة الأزهر الشريف حيث إننا نرفض جميعا أن يكون منصب مفتى الجمهورية كموظف فى وزارة العدل.

وأقترح أيضا أن تلغى وزارة الأوقاف وتصبح بكل هيئاتها تابعة لمشيخة الأزهر وتحت إدارته، فضلا عن إعادة أوقاف الأزهر إليه من خلال القانون وأن يتم اعتماد الوقف الأهلى للأزهر حتى تتحقق استقلاليته الكاملة.

ويجب أن يشير قانون الأزهر إلى استقلاليته التامة عن رئيس الجمهورية بحيث لا يحق للأخير عزل شيخ الأزهر أو أى عضو من هيئة كبار العلماء..هذا ما كنا نأمله من قانون الأزهرالجديد، والقانون الذى أرسل لإقراره من قبل المجلس الأعلى بمرسوم لن يمر وحتى إن تم ذلك فمن حق البرلمان والرئيس القادم إلغاء هذا القانون وإعادة تشكيله من جديد. نريد أزهرا مستقلا ماليا وإداريا وعلميا.

وختاما أقول أن رجال الأزهر الشرفاء لن يقبلوا بهذا العوار وهذا القانون الممسوخ الذى لا يحقق لنا ما نريده من طموح للأزهر الشريف لكى يكون مرجعية لكل المصريين والمسلمين فى شتى بقاع الأرض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق