كتب : طه كمال خضر الأزهري
مصر التي مدحها الله عزوجل في كتابه ، ومدح شعبها نبي الإسلام وخاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم ، والتي تمثل الدرع الواقي للأمة العربية والإسلامية ، تحتاج منا جميعا في هذا الوقت المشاركة الإيجابية للنهوض بها والخروج بها إلى بر الأمان ، ولا يخفى على أحد أن مصر تمر اليوم بأصعب الظروف والأزمات ، لهذا تحتاج منا جميعا الإخلاص من أجل إنقاذها والرقي بها ، ولكن كيف هذا ؟؟
يمكننا أن نقدم مبادرة خالية من أي مصلحة شخصية أو حزبية للخروج من هذه الأزمة والتي لابد وأن يفكر فيها كل عاقل راشد لبيب .
أولا : نقول : هناك من لا يعترف بثورة 30 يونيو ويرى أنها انتكاسة للشعب المصري ، وهذا بسبب أن الجيش أصبح في المشهد السياسي ، وعودة الإعتقالات مرة أخرى ، وعودة الإعلام الظالم المتحيز لفرقة دون فرقة ، وعودة محبي المناصب والمصالح الشخصية على حساب الوطن مرة أخرى ، وعودة مباحث أمن الدولة بقوة للإعتقالات وقمع الحريات ، وعودة سياسة مبارك من جديد وانقسام الشعب المصري بعد هذه الثورة ، كل هذا وغيره يجعل الكثير من الشعب المصري يُنكر هذه الثورة ، على النقيض تماما ثورة 25 يناير التي لاقت ترحيبا من كل الشعب المصري بلا إستثناء حتى أتباع النظام البائد " الحزب الوطني " فرح بهذه الثورة لأنهم كانوا يرون أن مصر تسقط ولا سبيل لوقوفها إلا بثورة شعبية مثل ثورة 25 يناير .
ثانيا : هناك من يُؤيد ثورة 30 يونيو ويقول هذه عودة للحكم الرشيد حيث الإنضباط والقضاء على الخارجين عن القانون ، وتحويل مصر إلى دولة منتجه بدلا من الصراعات المتتالية التي تعصف بها بين الحين والاخر ، ومن يؤيد ثورة 30 يونيو لا يرى مانعا أبدا من فض أي إعتصامات أو مظاهرات بالقوة حتى وإن قتل نصف المعتصمين أو كلهم فلا مانع عندهم لضمان عيش الاخرين عيشة هنية كريمة ، هذه وجهة نظرهم ، وعليه فهم دائما ينادون بفض إعتصام رابعة العدوية والنهضة حتى وإن استلزم الأمر قتل كل من في الميادين على حد قولهم ويقولون " موت 2 مليون أفضل من موت 90 مليون " والمؤيدون لهذه الثورة كثيرون جدا وعلى رأسهم الإعلام ووزارة الداخلية ومجلس الوزراء بالإجماع على رأسهم الببلاوي .
ثالثا : هناك من لا يعترف لا بالإخوان وعودة رئيسهم ، ولا بثورة 30 يونيو التي أعادت حكما ديكتاتوريا ، ويرفضون عودة مرسي ، ويرفضون حكم السيسي وعدلي والبرادعي ووزارة الببلاوي ، ويكرهون ما يسمونه بحركة " تمرد " ، وهذه الرؤيا ربما تجمع أغلبية الشعب المصري .
ومن هنا كان على الجميع أن يضع في اعتقاده هذه الإنقسامات الثلاثة قبل تقديم أية مبادرة للخروج من الأزمة الراهنة ، ولكن للأسف الشديد من يقدموا المبادرات إما أنهم يميلون لحكم العسكر أو أنهم يميلون لعودة مرسي ، والجميع نسى وتناسى أن هناك من يريد ألا يعود مرسي وألا يحكم العسكر ويرفض الإثنين معا .
وعليه نقدم مبادرة ربما يرضها البعض ويرفضها البعض ، ولكن هي مشاركة مني ومساهمة في الخروج من الأزمة الراهنة دون سفك دماء الأبرياء ودون إعتقال المزيد من أبناء الوطن مهما كانت توجهاتهم . وسُبل الخروج من الأزمة في نظري تتمثل فيما يلي :
1- على الجيش التخلي عن السلطة الفعلية للبلاد ووقوفه على مسافة واحدة من الجميع كما سبق وذكرت في مقال قبل هذا ، ولكن هناك من يعتقد أن الجيش لا يتدخل في السلطة وأنه قد سلم السلطة لحكومة إنتقالية وهذا خطأ فادح بالتأكيد ، فمن يرى مجريات الأمور يعلم علم اليقين أن الحاكم الفعلي للدولة هو السيسي وليس عدلي منصور ، ولا يستطيع عدلي منصور أن يخطو خطوة إلا بإذن مسبق من السيسي والجيش ، وتقوم الحكومة الإنتقالية بما يمليه عليهم السيسي بالحرف الواحد ، حتى في مقابلة من يفد إلى مصر يتصدر السيسي المشهد ، حتى إنه من أعجب العجب أن نرى رئيسا للدفاع يطلب من الشعب النزول للشارع لتفويضه في محاربة الإرهاب على حد قوله ، فأنا أرى أن هذا خلطا للأوراق وتلبيسا على الشعب المصري ، ونخلص إلى أن الجيش عليه أن يكون على مسافة واحدة من الجميع ولا يقحم نفسه في المشهد السياسي ويتصدره دائما ، فالجيش المصري ليس لطائفة من الشعب دون أخرى بل الجيش المصري لكل المصريين وما قام الجيش المصري إلا بأيدي جميع المصريين ، والجيش عليه ألا يتحيز لثورة دون ثورة ولا لفرقة دون فرقة ، حتى لا تتعرض مصر لحرب بين الشعب والجيش ونسأل الله عزوجل ألا يحدث هذا أبدا لأنه من وجهة نظري من المستحيل .
2- على الحكومة المؤقتة أن تتنازل عن مناصبها وأن تسلم السلطة للشعب مرة أخرى والشعب يختار مايريد أن يختاره ، وإذا أراد الشعب حكومة إنتقالية فلتكن من إختياره هو بتوافق بين جميع أبناء الشعب لا أن تكون حكومة من فرض بعض القوى السياسية على الشعب فليس هناك فصيل أو فصائل تستطيع أن تتكلم وتختار باسم جميع الشعب المصري ، وعلى ماسبق فإن حكومة عدلي منصور والبرادعي والببلاوي حكومة غير صالحة لأنها ليست من إختيار جميع الشعب المصري ، ولأن هذه الحكومة المؤقتة بلا استثناء تتميز بالإنحيازية ، وتفرق بين أبناء الشعب المصري ، وتدعوا للديكتاتورية ، وعودة قمع الحريات ، وفتح المعتقلات دون داع لذلك .
3- أن يعلم من بميدان رابعة أو ميدان النهضة أن مرسي لن يعود بما يفعلونه أبدا مهما كلف الأمر حتى وإن سمحت الحكومة بعودته فالشعب سيرفض ، ولكن عودة مرسي مرهونة باختيار الشعب ككل وبانتخابات رئاسية من جديد ، أو عن طريق إستفتاء شعبي لا يشرف عليه القضاء بل يُشرف عليه العلماء الأجلاء من سائر الجامعات المصرية ، لثقتنا بهم ولأنهم يمثلون حقيقة نبض الشارع المصري ، ولا نريد القضاة مشرفين على انتخابات أو إستفتاءات لأنهم فقدوا المصداقية لا سيما لتحيزهم لطرف من الشعب على حساب اخر ، وبسبب مهرجان البراءة لجميع القتلة واكلي لحوم الشعب . وعليه فلا عودة لمرسي إلا بإختيار شعبي كشرعية كبرى لا يعارضها أحد ، ويكون هذا في إطار قانوني لا بعرض قوى الحشد والمواجهات .
4- نطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ، وعدم تلفيق التهم لهم ، فمن المعروف أننا سنبدأ صفحة بيضاء لا بد وأن تكون خالية من أي خطوط سوداء ، ولا ننسى أن التاريخ يسجل هذا لمصر .
6- مشاركة جميع القوى السياسية والشعبية في إعادة بناء الدولة وفي دخول الإنتخابات دون إقصاء أي فصيل من الفصائل مهما حدث ، وأن ننسى جميعا كل الأجندات الخاصة التي يحتفظ بها كل واحد منا ، حتى وإن وصل الأمر أن نُدخل الحزب الوطني في الإنتخابات فلا مانع لأنها مصالحة شاملة لجميع القوى والعفو عما سلف .
7- على المعتصمين برابعة العداوية وميدان النهضة ممارسة التظاهر والإعتصام كما يريدون شريطة السلمية وعدم تعطيل مصالح الناس ومن يخالف هذا فإنه يُشهد الجميع على أنه لا يريد لمصر الخير أبدا ، كل هذا في إطار المبادرة والمصالحة الشاملة .
8- على الإعلام المصري والذي لابد وأن أعترف كمصري أننا لا نملك إعلاما نفتخر به للأسف الشديد ، فعلى الإعلام المصري أن يبتعد عن شحن الأجواء ، وعليه أن يدعوا دائما للتوافق لا للفرقة والتشاحن .
9- على جميع القوى السياسية مشاركة الشباب فيما يقومون به فإن الشباب هم الذين يقومون بالثورات وليس من العقل في شيء أن نُقصي الشباب هكذا ، فالشباب هم حاملي لواء الأمة المصرية ويستطيعون إن شاء الله إخراج مصر من هذه الأزمة بسلام .
10 - حتى لا أطيل هذه وجهة نظري السريعة لمعالجة الأزمة الراهنة في مصر ، ونسأل الله أن يحفظ مصر و شعبها وسائر بلاد المسلمين ، وأن ينقذ بلدنا مصر وسوريا والعراق ولبنان وفلسطين والبحرين واليمن والجزائر والمغرب وسائر بلاد المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم امين يارب العالمين ، واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق