الصفحات

الأحد، 22 ديسمبر 2013

التوحيد في الأناجيل الأربعة ورسائل القديسين بولس ويوحنا - نسخة مصورة PDF برابط مباشر



اسم الكتاب : التوحيد في الأناجيل الأربعة ورسائل القديسين بولس ويوحنا

المؤلف : سعد رستم

الناشر : صفحات للدراسات والنشر 

عدد الصفحات : 269 صفحة

رفع مكتبة المنارة الأزهرية
 
عن الكتاب :
 
 بقلم المؤلف :

من المعلوم أن أحد أهم العقائد التي ترتكز عليها الديانة النصرانية، العقيدة بإلـهية السيد المسيح (على نبينا و عليه الصلاة و السلام)، و هذه العقيدة تشكل في الواقع أحد الاختلافات الأساسية بين النصرانية و الإسلام. فكما نعلم، يعلمنا الإسلام أن المسيح لم يكن إلا عبداً مخلوقاً لله عز و جل و رسولا نبيا كسائر الأنبياء من قبله، في حين تقرر العقيدة النصرانية أن المسيح هو الله تعالى نفسه، و بتعبير أكثر تفصيلا: هو شخص الابن من الذات الإلـهية: " الواحدة المؤلفة من ثلاثة  أشخاص "! الذي تجسد و صار بشراً و جاء إلى هذا العالم بصورة إنسان مثلنا لكي يعيش بيننا ثم يتألم و يصلب حتى تكون آلامه و دمه المسكوب على الصليب و موته وسيلة لتكفير خطيئة البشر الأصلية التي ورثوها جميعا بالولادة عن أبيهم آدم، و يؤكد النصارى أن لا نجاة لأحد من الخلق إلا إذا آمن بإلـهية المسيح و بكونه الله المتجسد و اعتقد بأنه صلب و مات تكفيرا عن خطايانا.
و قد كنت أظن ـ مثل ما يظن أغلب المسلمين ـ أن الذي دعا و يدعو إخواننا النصارى إلى الإيمان بهذه العقيدة التي يصعب على العقل أن يستسيغها، لا بد أن يكون نصوصا صريحة من الأقوال و الأحوال التي تنسبها الأناجيل الرسمية للسيد المسيح عليه السلام، نصوص يبين المسيح لهم فيها أنه إلـههم و ربهم و معبودهم الذي جاء بنفسه إلى هذا العالم  لتخليصهم، و أن الله تعالى ثلاث آلهة و أن لا نجاة إلا بالتسليم بألوهية المسيح و بعبادته. إلى أن وقع بيدي لأول مرة الإنجيل أو بتعبير أدق العهد الجديد و ذلك في فرنسا عام 1979، عندما أهداه لي أحد الشباب الذي يقوم بالتبشير، فبدأت أقرأ منه و أتأمل بشكل خاص أقوال سيدنا المسيح عليه السلام، فإذا بي أفاجأ بنصوص يؤكد فيها المسيح بكل صراحة بشريته و إنسانيته، كالتي يقول فيها عن نفسه مرارا أنه ابن الإنسان أو أنه إنسان و رجل مرسل من الله، و نصوص تفيد عبادة المسيح لله عز و جل و صلاته له و دعائه إياه، و نص يرفض فيه المسيح أن يسميه تلميذه بالمعلم الصالح و يقول له: " لماذا تدعوني صالحا؟ ليس أحد صالحا إلا واحدٌ و هو الله "، و نصوص تذكر أن المسيح جاع و عطش و تعب و نام أو أن الشيطان يمتحنه و غير ذلك مما يتنافى تماما مع القول بألوهية المسيح و أنه الله المتجسد، علاوة على أنه لفت نظري أيضا أن المسيح إن سمى نفسه ابن الله فإنه اعتبر أيضا ـ في مواضع عديدة من الإنجيل ـ كل بارٍّ متَّقٍ لله، ابناً لله. و هو كذلك إن سمَّى الله تعالى أباه فإنه اعتبره أبانا جميعا أيضا في كثير من مواضع كلامه.....، و كانت قمة الاندهاش عندما طالعت قول المسيح ـ في أواخر إنجيل يوحنا ـ: " اذهبي إلى أخوتي و قولي لهم: إني أصعد إلى أبي و أبيكم و إلـهي و إلـهكم! "مصرحا بأن الله تعالى إلـهه.
فدفعني هذا إلى أن أبدأ من جديد قراءة متمعنة للأناجيل، و قد أعياني البحث عبثا أن أجد عبارة واحدة صريحة لسيدنا المسيح عليه السلام نفسه يدعو فيها أتباعه للإيمان بألوهيته و بلزوم عبادته، أو يصرِّح فيها لهم بأنه رب العالمين و إلـه الخلائق أجمعين المتجسد الذي انقلب بشرا، أو يصرح لهم فيها بعقيدة التثليث التي هي الركيزة الأساسية للنصرانية، فلم أجد شيئا من ذلك، بل كل ما وجدته كان نصوصا تعاكس ذلك تماما، أي تؤكد عبودية المسيح لله عز و جل و أنه لا يعدو كونه نبيا خادما لله و رسولا لله تعالى متِّبعا أمره، منفِّذا مشيئته و مبلِّغا رسالاته.
نعم لما وصلت للإنجيل الرابع قرأتُ في افتتاحيته ـ التي هي بالطبع ليوحنا و ليست من كلام المسيح عليه السلام ـ عبارة توحي بتأليه المسيح، و ذلك حين قال: " و كان الكلمة الله "  و يقصد بالكلمة المسيح، لأنه قال فيما بعد: " و الكلمة صار جسدا " فالنتيجة أن الله تعالى صار جسدا، تعالى الله عن ذلك.
و كذلك لدى مطالعتي لرسائل بولس الملحقة بالأناجيل وقفت على ثلاث أو أربع عبارات يبدو فيها لأول وهلة أنه يرفع المسيح لمصاف الإلـه، أو يصفه بأوصاف ملكوتية إلـهية....
فقلت في نفسي لا بد أن هذه العبارات هي البذرة و الأساس لفكرة تأليه المسيح في النصرانية، لكني تساءلت في نفسي مستغربا: كيف لا يتفكر إخواننا النصارى الذي يطالعون الأناجيل، فيسألون أنفسهم: هل من المعقول أن يسكت نبيهم و معلمهم الأول المسيح عليه السلام عن بيان ما هو أساس الدين و ركنه الركين و شرط النجاة فيه، الذي هو ـ حسب اعتقادهم ـ الإيمان بألوهية المسيح و بأنه الله المتجسد و بالتثليث، و تركَ بيان هذه الحقائق الخطيرة لمن بعده؟! و متى كان من الجائز بالعقل و المنطق أن يكتم النبي أو الرسول أساس الدين و الهدف الذي لأجله بعث و يترك بيان ذلك لمن جاؤوا بعده؟! أفلا يدل عدم دعوة المسيح عليه السلام نفسه لتلك العقائد أنها ليست من رسالته بل هي تفسيرات بعدية دخيلة؟  و على أي حال، فإن فكرة تأليف كتاب يجمع أقوال المسيح عليه السلام التي تنص على بشرية المسيح و عبوديته لله عز و جل ـ في الأناجيل الحالية ـ بدأت تراودني منذ ذلك الوقت و لكن صوارف الزمان حالت بيني و بين ذلك، و مضت الأعوام إلى أن وقفت منذ أربع سنوات أثناء دراستي بالجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد (في باكستان) على كتاب جليل لحجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي (رحمه الله) عنوانه: "الرد الجميل لإلـهية عيسى بصريح الإنجيل" يطرح نفس الفكرة التي كنت توصلت إليها من قبل، و لكن بلغة قديمة و أسلوب فلسفي معقَّد نوعا ما بالنسبة للقارئ المعاصر، فتجدَّدَت لديّ الرغبة في تأليف كتاب جامع في هذا الموضوع، ساعد على ذلك ما اطلعت عليه أكثر في هذا الباب من كتاب " إظهار الحق " للعلامة رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي الكيرانوي العثماني  (رحمه الله) و من كتاب " التوحيد و التثليث " للشــيخ محمود جـواد البـلاغي (رحمه الله) و كذلك من أشرطة و كتيبات الداعية الجنوب أفريقي الشهير أحمد ديدات (حفظه الله)، فبدأت أدون فعلا كلما تيسر لي من المواد في هذا الباب، و اجتمعت لدي نصوص كثيرة من الأناجيل و من رسائل العهد الجديد تنادي بأعلى صوتها بالتوحيد الخالص، و أن المسيح عبد الله و رسوله، و بشرٌ نبيٌّ، و تنفي عنه الألوهية بنفيها لمستلزماتها بكل وضوح و صراحة، و نصوص أخرى كذلك تفيد في إبطال ما يتمسك به المسيحيون من الأدلة من الأناجيل على تأليه المسيح، و خرج من كل ذلك هذا الكتاب الجامع الذي تجده أخي القارئ بين يديك، و الذي يتألف من تمهيد و ثلاثة فصول: أما التمهيد فيتضمن شرح عقيدة تأليه المسيح لدى مختلف الفرق النصرانية و تطورها عبر التاريخ، و أما الفصل الأول فيتضمن ذكر النصوص الإنجيلية النافية لإلـهية عيسى و المثبتة لعبوديته، في حين يتضمن الفصل الثاني إبطال الشبهات التي يستند إليها المؤلهون لعيسى من الأناجيل و ذلك بواسطة نصوص الأناجيل نفسها، و الفصل الثالث أضفته لاحقا و عرضت فيه دراسة تحقيقية لأقوال القديسين بولس و يوحنا حول طبيعة المسيح و حقيقة علاقته بالله، حيث بيَّنت فيه أنهما، خلافا لما يظنه الكثيرون، ما كانا يعتقدان و لا يعلمان أبدا أن المسيح هو الله ذاته، بل على العكس، تطفح رسائلهما بعبارات تؤكد مخلوقية المسيح و عبوديته لله الآب و أن الله تعالى إله المسيح و سيده و أن الآب متفرد لوحده بالألوهية و أن المسيح عبد الله و رسوله الخاضع لأمره التابع لحكمه، أما تلك العبارات الثلاث أو الأربع لبولس التي يبدو منها تأليه المسيح، فبينت أن الأمر لا يعدو ترجمة عربية خاطئة و غير دقيقة للأصل اليوناني، تبدل فيه موضع النقطة و الفاصلة أو العطف، و هو ما أشارت إليه الترجمات المراجعة و الدقيقة الفرنسية أو الإنجليزية الحديثة، كما بينت بشهادة قرائن عديدة أن عبارة " الربّ " التي يطلقها بولس و سائر مؤلفي الرسائل القانونية على المسيح لا يقصد بها الله الخالق الرازق، بل هي تعبير مجازي يقصد بها السيد المُطاع  و المعلم المرشد، كذلك فنَّدت الاستدلال بافتتاحية إنجيل يوحنا على تأليه المسيح و بينت مقصود يوحنا الحقيقي من عباراته.  
و كـنت أرغب أن ألحق الفصـول الثـلاثة بفصل رابع أبين فيه الـعـوامل و الأسباب التي أدت إلى دخول و انتشار فكرة التثليث و إلـهية المسيح في الكنيسة المسيحية، و المصادر الحقيقية لعقيدة التجسد هذه (أي تجسد الله و ظهوره بشكل إنسان) و لكنني وجدت أن هذا يحتاج لكتاب مستقل، و فعلا شرحت ذلك على أتم تفصيل في كتابي الآخر الذي سميته: " أساطير التجسد في الشرق الأدنى القديم  و أثرها  في  المسيحية " و هو ترجمة لفصلين من كتاب لبروفسور أمريكي حول هذا الموضوع، فمن أراد أن تكتمل معرفته بالموضوع فعليه مطالعة ذلك الكتاب.
هذا ما أردت توضيحه في هذه المقدمة، أسأل الله التوفيق و أن ينفع بهذا العمل و أن يجعله خالصا لوجهه، و ليس قصدي من الكتاب التهجُّم على إخواننا النصارى، الذين تربطنا بهم رابطة الوطن الواحد و البلد الواحد و المصير الواحد، بل تربطني ببعض منهم صداقةُ طفولةٍ و زمالة دراسةٍ و جيرة حيّ و ذكريات عزيزة،  أو إثارة الفتنة بالطعن في دينهم، حاشا و كلا، كيف و دينهم في عقيدتنا دين سماوي من عند الله تعالى ربنا و ربهم، فيه أسمى و أرفع التعاليم، و إنما الكتاب حوار هادئ أدعوهم فيه للعودة لأناجيلهم نفسها ليروا فيها عبودية المسيح لله تعالى، فيتركوا الغلو بالمسيح، الذي قام به بعض أسلافهم في ماضي الزمن، و يعودوا لوحدانية الله النقية الخالصة و إفراد ذاته بالإلـهية دون مشاركة أي ذات أو شخص آخر له فيها، ذلك التوحيد الذي كان عين و لب دعوة سيدنا المسيح عليه السلام و ذلك عملا بقوله تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنَّا مسلمون}، هذا من جهة، و من الجهة الأخرى، الكتاب موجه أيضا للقارئ المسلم، خاصة أولئك الذين هم عرضة لدعايات و تأثير المبشرين، ليزدادوا يقينا بصحة ما أخبر به القرآن الكريم عن المسيح و رسالته بأنه عبدٌ رسولٌ أمرَ الناس بعبادة الله ربه و ربهم، لا أكثر.   إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب، و الحمد لله رب العالمين.   
سـعد رسـتم
حلب ـ محرم الحرام ـ 1414 هـ.ق.

ملاحظة : من المعلوم أن للكتاب المقدس BIBLE ترجمات مختلفة إلى اللغة العربية و قد يجد القارئ اختلافا بين ألفاظ الشواهد التي ذكرتها و ما يقابلها في النسخة التي عنده، و السبب هو اختلاف الترجمات، لذلك ينبغي التنويه هنا بأن الأصل في الشواهد التي أنقلها من الكتاب المقدس  سواء من العهد القديم Old Testament أو العهد الجديد New Testament منه، أنها منقولة عن الترجمة العربية البروتستانتية، نشر دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط (بيروت 1984)، و قد اخترتها نظرا لكونها أكثر الترجمات العربية انتشارا و تداولا،  رغم أنها لا تخلو أحيانا من ركاكة في اللفظ بسبب الترجمة الحرفية عن الأصل اليوناني، فإذا نقلت من أي ترجمة أخرى لغرض ما كالمقارنة أو عدم وضوح الترجمة العربية البروتستانتية، فإني أشير للترجمة المنقول عنها في الحاشية، و عادة ما أنقل في مثل هذه الحالات الاستثنائية عن الترجمة العربية الكاثوليكية الحديثة للكتاب المقدس التي قامت بها الرهبانية اليسوعية، و نشرتها دار المشرق (بيروت 1989) و هي تتميز بفصاحة التعبير و سلاسته و قربه من اللغة العربية الحديثة بالإضافة لحواشيها المفيدة و كونها ترجمة أدق و أنقى من الترجمة البروتستانتية، لكنها غير متداولة كثيرا، أو أنقل عن الترجمتين الحديثتين المراجعتين الفرنسية أو الإنجليزية للكتاب المقدس.


رابط التحميل على أرشيف :


رابط التحميل المباشر :



رابط مباشر اخر :


رابط اخر على فور شيرد :


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق