العلامة الشيخ محمد أبو زهرة
اسمه ومولده :
هو محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة(1315هـ / 1898م - 1394هـ / 1974م)، وُلِد في المحلَّة الكبرى التَّابعة لمحافظة الغربيَّة بمصر، في أسرة دينيّة، حيث كان والده مشهوراً بالالتزام ومكارم الأخلاق، وكانت والدته حافظة للقرآن الكريم.
طلبه للعلم:
ابتدأت
مسيرتُه العلميّة بأحد الكتاتيب، حيث حفظ القرآن الكريم، قبل سنّ
التّاسعة، بمعونة أمّه، ثمّ أتقن مبادئ القراءة والكتابة، وتلقّى بعض مبادئ العلوم المدنية كالرياضيات، والجغرافية إضافةً إلى العلوم العربية.
وفي
سنة 1332هـ/1913م، التحق بالجامع الأحمديُّ بمدينة طنطا، الّذي كان منارةَ
العلمِ في مصر آنذاك، بعد الأزهر الشريف، ودرس فيه لمدّة ثلاث سنواتٍ.
وفي
سنة 1335هـ/1916م انتقل إلى مدرسة القضاء الشَّرعيِّ، حيث آنَس منه
ناظرُها عاطف باشا بركات مخايل الذّكاء والنّجابة، فأولاه رعايةً
واهتماماً، فمكث بها تسع سنواتٍ، أربعة في القسم الثّانويّ، وخمسةً في
القسم العالي، ليتخرّج فيها عام 1343هـ/1924م، حاصلاً على عالِميَّة القضاء
الشرعي.
وفي سنة 1346هـ/1927م نال معادلة دار العلوم، جامعاً بين التّخصُّص في العلوم الشّرعيّة، والتّخصّص في اللّغة العربيّة.
حياته العمليّة:
عمِل
بعد تخرجه في ميدان التُّعليم، مدرّساً للشّريعة واللُّغة العربية، في
تجهيزيّة دار العلوم والقضاء الشرعيّ، لمدة ثلاث سنوات، ثمّ انتقل إلى
المدارس الثّانوية، مدرساً لمادة اللغة العربية، لمدّة سنتين ونصفٍ.
ثمّ
في سنة 1349هـ/1930م عُيّن بكلية أصول الدين، مدرّساً لمادة الخطابة
والجدل؛ ثمّ لمادّة تاريخ الدّيانات والملل والنّحل، حيثُ بدأ اهتمامه بحقل
البحث والدّراسات العلميّة، وقام بتأليف أولى كتبه ودراساته العلميّة
الشرعيّة.
ذاع صِيتُه في تدريس مادّة الخطابة، فاختارته كلية الحقوق المصرية بجامعة القاهرة، عام 1354هـ/1934م لتدريس هذه المادة، وتمرين الطلاب على فنون المرافعة البليغة.
في
سبتمبر سنة 1355هـ/1935م، وفي إطار كليّة الحقوق، انتقل من تدريس اللغة
العربية إلى تدريس الشريعة الإسلامية، حيث التقى بعددٍ من أساطين العلماء،
مثل: أحمد إبراهيم، وأحمد أبي الفتح، وعلي قراعة، وفرج السَّنهوريّ، الأمر
الّذي شحذ عزيمته وجدّه واجتهاده، فارتقى في مراتبها من مدرس، إلى أستاذ
مساعد، إلى أستاذ كرسي، إلى رئيس قسم الشريعة، ووكيلا لكلية الحقوق جامعة
القاهرة لمدة خمس سنوات انتهت ببلوغه سن التقاعد سنة 1378هـ/1958م. واستمر
في التدريس بكلية الحقوق كأستاذ غير متفرغ، وفي غيرها إلى حين وفاته.
في
سنة 1382هـ/1962م بعد صدور قانون تطوير الأزهر، اختير ليكون عضوًا بمجمع
البحوث الإسلامية، البديل عن هيئة كبار العلماء، كما كان من مؤسِّسي معهد
الدِّراسات الإسلامية، ومعهد الدراسات العربيّة العالي، التّابع لجامعة
الدّول العربيّة بالقاهرة، وكان يلقي فيه محاضراته في الشَّريعة
الإسلاميَّة، احتسابًا لله دون أجر.
كان
أيضا عضواً بمجلس جامعة الأزهر، والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ومعهد
البحوث الجنائية والاجتماعية، والمجلس الأعلى للفنون والآداب، ومجلس محافظة
القاهرة.
مؤلّفاتُه:
*
من خلال قيامه بنشاطه التّعليميّ، بكلية الحقوق، تركَ الشّيخ أبوزهرة
ثروةً من المؤلّفات الفقهيّة، تجاوزت الأربعين كتاباً، تناول فيها جوانب
مختلفةً من الفقه الإسلامي، وعالج موضوعات دقيقة؛ فتناول الملكية، ونظريَّة
العقد، والوقف وأحكامه، والوصيَّة وقوانينها، والتَّركات والتزاماتها،
والأحوال الشَّخصيَّة.
وقام
بعملٍ علميٍّ رائد، سلّط فيه الضُّوء على حياة وفقه ثمانيةٍ من أشهر
الفقهاء: وهم: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وزيد بن عليٍّ،
وجعفر الصَّادق، وابن حزم، وابن تيمية، فأتاح لطُلاب العلم أن يتعرّفوا على
فقه هؤلاء الأئمّة الكبار.
وأصدر
كتابًا جامعًا بعنوان "المعجزة الكبرى" تناول فيه قضايا نزول القرآن وجمعه
وتدوينه وقراءته ورسم حروفه وترجمته إلى اللغات الأخرى.
وكتباً أخرى عديدة، من أبرزها: تاريخ المذاهب الإسلامية، والعقوبة في الفقه الإسلاميِّ، و الجريمة في الفقه الإسلاميِّ، وعلم أصول الفقه، ومحاضرات في النَّصرانيَّة، ومقارنات الأديان.
وكان كتابُه (خاتم النَّبيِّين)، هو آخر ما كتبه من الكتب، معتمدًا فيه على أوثق المصادر التاريخية، وكتب السنة المعتمدة.
*
إضافةً إلى ذلك، "كانت له الكثير من البحوث في العديد من المجلات العلمية
والاجتماعية: مجلة القانون والاقتصاد، ومجلة المسلمون، ومجلة حضارة
الإسلام، ومجلة القانون الدولي، وكتاب أسبوع الفقه الإسلامي، وكتاب أسبوع
القانون والعلوم السياسية، ومجلة الأزهر، ومجلة العربي، والعديد من المجلات
بمختلف الدول العربية. وكذلك عدد لَا يحصى من الأحاديث الصحفية كان يرد
بها على المهاجمين للإسلام وللدفاع عن قوانين الأحوال الشخصية.
أما
في مجلة لواء الإسلام الشهرية لصاحبها أحمد باشا حمزة، فقد كانت للإمام
أبو زهرة أربعة أبواب ثابتة هي: مقال اجتماعي، وندوة لواء الإسلام، وباب
الفتاوى للرد على أسئلة القراء، وتفسير القرآن الكريم، ويبدو أنّ التّفسير
الّذي صدر بعد وفاته، بعنوان: (زهرة التّفاسير) كان ثمرةً لتلك الحلقات،
وبلغ فيه إلى الآية 73 من سورة النمل.
شخصيّتُه الدّعويّة:
لقد
كان الشَّيخ أبو زهرة، عاكفاً على محاضراته، وتأليفِ كتبه، بيدَ أنّ ذلك
كلّهُ لم يكن ليشغله عن القيام بواجبه الدَّعويّ، وزكاةِ ما آتاه الله من
العلم والحكمة، أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، لذا فقد كان داعيةً
للإصلاح، وعالماً جريئاً.
كان
من أوائل الدُّعاة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، كما دعا إلى اختيار
الحاكم المسلم عن طريق الشّورى، وحارب الرّبا بلا هوادةٍ، وكشف بأدلة علمية
فساد نظرية الربا وعدم الحاجة إليها، وأن الإسلام حرّم الربا حمايةً
للمسلمين ولمجتمعهم، وانتهى إلى أن الرِّبا لا مصلحةَ فيه ولا ضرورةَ تدعو
إليه.
وتولّى
عبء الرّدّ على بعض من زعم من الكتّاب أنّ عمر رضي الله عنه، قد أبطل
العمل بحدِّ السرقة في عام الرَّمادة؛ اعتماداً على رأيه ومعرفته بمظانِّ
المصلحة، فبيّن الشيخ بجلاء أن المصلحة تدور مع النَّصِّ وجوداً وعدماً،
وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إنما فهم النّصّ فهمًا دقيقًا، ولم
يُخالفه.
ونتيجةً
لكلّ ذلك، وُوجِهَ بضروبٍ من المحاربة "فما تخاذل أو استكان، قاطعته الصحف
ووسائل الإعلام، وآذته بالقول، وشهّرت به؛ فما زاده ذلك إلا تمسكًا بالحق
وإصرارًا عليه".
ومن
المواقف المشهودة التي تُروى للشيخ، أنّه كان ضمن جماعةٍ من كبار العلماء
في العالم الإسلاميّ، دعاهم رئيس دولةٍ إلى مؤتمرٍ إسلاميٍّ، افتتحه
بالحديث عمّا أسماه اشتراكية الإسلام، داعياً الحاضرين إلى تأييده، فساد
القاعةَ صمتٌ رهيب، قطعه الشيخ أبو زهرة بكلمة الحقّ ساطعةً، فقام رئيس
الدّولة بمغادرة قاعة الاجتماعات.
آخرُ يومٍ من حياة الشّيخ:
في أوائل السّبعينيّات، قامت في مصر، حمَلاتٌ رسميّة وشعبيّة، تستهدف تعديل قانون الأحوال الشخصية، بغرض
تحديدَ النَّسل، وتقييد كلٍّ من تعدُّد الزوجات والطلاق، وصدر بذلك مشروع
قانون الأحوال الشخصية، الّذي أعدّته وزارة الشئون الاجتماعية.
نهض
الشيخ أبو زهرة، لمواجهة هذا الخطر، مستفرغاً ما وَسِعَه من جهدٍ، في سبيل
وقف هذه الحمَلات المعادية للشّريعة الإسلاميّة، وطفق منذ أواخر عام
1973م، وأوائل عام 1974م، يُشارك في العديد من النَّدوات والاجتماعات، ثمّ
في الشهر الرّابع من عام 1974م، توَّج نشاطه بالدّعوة إلى إقامة مؤتمرٍ
شعبيٍّ، للتّداوُل في هذا الأمر، يُقام بسرادَقٍ كبيرٍ، أمامَ منزله بضاحية
الزَّيتون، وفي صباح يوم الجمعة 12/ 4/ 1974م ، وهو اليومُ المُقرّر لعقد
المؤتمر؛ قام فضيلتُه بمعاينة المكان، ثم عاد إلى حجرة مكتبه، واستأنف عمله
في تفسير سورة النَّمل، إلى أن رُفِع أذانُ الجمعة، فنزل فضيلتُه حاملاً
القلمَ والأوراقَ، والمصحفَ مفتوحاً على آخر ما وصل إليه في التَّفسير،
فتعثَّر وسقط ساجداً على المصحف وأوراق التَّفسير.
وفاتُه:
فاضت روحه الكريمة إلى بارئها، أثناء أذان المغرب، من ذلك اليوم، وهكذا قدّر الله أن يكون ذلك السّرادَقُ سرادقاً للعزاء فيه.
مصادر الترجمة:
*تعريف بالإمام الجليل محمد أبو زهرة، عن: زهرة التّفاسير، لأبي زهرة، دار الفكر العربيّ.
* الأعلام، للزِّركليّ: 6/25.
*أبو زهرة عالمٌ يعرف قدره، أحمد تمام، ملتقى أهل الحديث بالشَّبكة العنكبوتية.
مؤلفات الشيخ محمد أبي زهرة " رحمه الله تعالى "
مكتبة الشيخ مجمعة على أرشيف : اضغط هنا
مكتبة الشيخ مجمعة على الميديا فاير : اضغط هنا
مكتبة الشيخ مجمعة على فورشيرد : اضغط هنا
والان روابط الكتب منفردة بأكثر من رابط :
1-
تفسيـــــــــر زهرة التفاسير
نسخة للشاملة : اضغط هنا
2-
أبو حنيفة حياته وعصره ، آراؤه الفقهية
3- الإمام ابن تيمية لأبي زهرة
4- الإمام مالك : حياته وعصره ، آراؤه الفقهية
5- الامام الشافعي : حياته وعصره آراؤه الفقهية
6- الإمام أحمد ابن حنبل : حياته وعصره آراؤه الفقهية
7-
الإمام ابن حزم
8- الإمام زيد
9-
10- خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم
11- محاضرات في الوقف
12- الأحوال الشخصية
13- الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي : العقوبة
14- الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي : الجريمة
15- العلاقات الدولية في الإسلام
16- المجتمع الإنساني في ظل الإسلام
17- الوحدة الإسلامية
18- بحوث في الربا
19-
تحريم الربا تنظيم اقتصادي
20- شرح قانون الوصية
21-
محاضرات في عقد الزواج وآثاره
22-
محاضرات في النصرانية
23-
مقارنات الأديان: الديانات القديمة
24-
تنظيم الإسلام للمجتمع
25-الدعوة إلى الإسلام وتاريخها
26-العقيدة الإسلامية كما جاء بها القرآن الكريم
27-
التكافل الاجتماعي في الاسلام
28- الإسلام ومكارم الأخلاق
29-
تنظيم الأسرة وتنظيم النسل
30- تاريخ المذاهب الإسلامية
اضغط هنا أو اضغط هنا
31- أحكام التركات والمواريث
اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا
32-
الخطابة أصولها . تاريخها فى أزهى عصورها عند العرب
اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا
34- تاريخ الجدل
اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا
35- نظرية الحرب في الإسلام
اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا
36- الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية
اضغط هنا أو اضغط هنا
37-
31- أحكام التركات والمواريث
اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا
32-
الخطابة أصولها . تاريخها فى أزهى عصورها عند العرب
اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا
34- تاريخ الجدل
اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا
35- نظرية الحرب في الإسلام
اضغط هنا أو اضغط هنا أو اضغط هنا
36- الملكية ونظرية العقد في الشريعة الإسلامية
اضغط هنا أو اضغط هنا
37-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق