نقلت وكالات الأنباء عن شهود عيان أن وحدات من الجيش السوري انتشرت في مدينة اللاذقية التي امتدت إليها الاحتجاجات الحالية ضد النظام والتي شهدت مقتل عدة أشخاص، في حين قام محتجون بإحراق مقرين لحزب البعث الحاكم في المدينة وأطلق الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المتظاهرين في وسط مدينة درعا.
وقالت وكالة أسوشيتد برس إن وحدات الجيش دخلت الليلة الماضية إلى المدينة الواقعة على البحر المتوسط والتي شهدت السبت مقتل شخصين على الأقل مما يرفع عدد القتلى إلى ستة خلال يومين من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
من جانبها نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن صحيفة الوطن -التي وصفتها بأنها قريبة من النظام- أن قوات الجيش دخلت اللاذقية لإعادة "الأمن والأمان" كما أضافت الصحيفة أن "من قاموا بالتخريب في المدينة ليسوا متظاهرين لهم مطالب وإنما زعران معروفون بتاريخهم الإجرامي".
ونقلت وكالات الأنباء أن المحتجين في اللاذقية قاموا بإحراق مقرين لحزب البعث الحاكم، في حين ذكرت وكالة رويترز أن هناك تقارير تفيد بسقوط أكثر من عشرين قتيلا وأن العشرات قتلوا خلال الأسبوع الماضي في أنحاء مدينة درعا وحدها.
ونقلت رويترز عن المعارض السوري مأمون الحمصي الذي يعيش في المنفى بكندا إن لديه أسماء أربعة شهداء قتلوا في اللاذقية يوم الجمعة.
تشييع أحد ضحايا الاحتجاجات في اللاذقية (الأوروبية) |
واتهم الناشط الحقوقي السوري عمار القربي قوات الأمن السورية بقتل محتجيْن حاولا إحراق مقر حزب البعث الحاكم في اللاذقية، في حين تحدث خطيب مسجد الرحمن في اللاذقية خالد كمال للجزيرة عن "مجزرة", مشيرا إلى أن قوات الشرطة كانت تطلق النار على المتظاهرين بشكل عشوائي.
في المقابل، أكد عضو مجلس الشعب السوري زكريا سلواية أن قوات الأمن لم تطلق النار على المتظاهرين في اللاذقية, مضيفا في اتصال مع الجزيرة أن هناك من يستهدف سوريا ويريد الإساءة إلى الوحدة الوطنية فيها.
كما نقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن مصدر حكومي تأكيده عدم إطلاق النار على المحتجين، قائلا إن مجموعة مسلحة "احتلت أسطح أبنية في بعض أحياء مدينة اللاذقية وقامت بإطلاق النار على المارة والمواطنين وقوى الأمن"، فقتلت خمسة أشخاص منذ الجمعة.
وفي درعا, أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات المحتجين الذين نظموا اعتصاما في أحد الميادين الرئيسية للمدينة الواقعة جنوبي البلاد للمطالبة بإسقاط حكم الرئيس بشار الأسد المستمر منذ 11 عاما.
وقالت رويترز إن شبانا يرددون هتافات تطالب بالحرية تسلقوا حطام تمثال للرئيس السابق حافظ الأسد أسقطه المحتجون الجمعة ورفعوا لافتة تقول "الشعب يريد إسقاط النظام".
كما شهدت مدينة طفس القريبة قيام معزين يشاركون في جنازة أحد ضحايا الاحتجاجات بإشعال النار في مبنى مقر حزب البعث إضافة على أحد مراكز الشرطة.
محتجون أحرقوا مقر محافظ درعا (رويترز) |
وكانت الاحتجاجات قد انتشرت الجمعة في أنحاء سوريا في ما وصفته رويترز بتحد لحكم أسرة الأسد المستمر منذ أربعين عاما, بعدما قتلت القوات السورية عشرات المتظاهرين في جنوبي البلاد، علما بأن الشرارة انطلقت بعدما اعتقلت الشرطة عددا من التلاميذ في درعا لكتابتهم شعارات تطالب بالديمقراطية على جدران مبان بالمدينة.
وقدرت منظمة العفو الدولية عدد القتلى في درعا خلال الأسبوع المنصرم بـ55 على الأقل، رغم تحدث سكان محليين عن ضعف هذا العدد حتى قبل الجمعة, في حين قالت مصادر طبية الخميس إن 37 شخصا على الأقل قتلوا عندما دمرت قوات الأمن مخيم محتجين مطالبين بالديمقراطية في مسجد يوم الأربعاء.
ونقلت رويترز عن إبراهيم -وهو محام في منتصف العمر- في درعا قوله إن "حاجز الخوف انكسر، وهذه خطوة أولى على الطريق نحو إسقاط النظام"، مضيفا "وصلنا لنقطة اللاعودة".
وفي بلدة الصنمين القريبة من درعا، قال سكان محليون إن عشرين شخصا قتلوا عندما أطلق مسلحون النار على حشد خارج مبنى تستخدمه المخابرات العسكرية، في حين ذكرت وكالة الأنباء السورية من جانبها أن قوات الأمن قتلت مهاجمين مسلحين حاولوا اقتحام المبنى في الصنمين.
وفي حماة بوسط البلاد, قال سكان إن متظاهرين تدفقوا على الشوارع عقب صلاة الجمعة وهتفوا بشعارات داعية إلى الحرية، علما بأن حماة كانت قد شهدت مقتل الآلاف عام 1982 عندما أرسل الرئيس السابق حافظ الأسد قواته لسحق ما وصف بتمرد مسلح لحركة الإخوان المسلمين.
فتنة طائفية
في المقابل، قالت بثينة شعبان -مستشارة الرئيس السوري- إن سوريا تتعرض لمشروع فتنة طائفية للنيل منها عبر استهداف نموذج العيش المشترك الذي تتميز به. وأشارت إلى أن الشعب السوري واع وسوف يتجاوز ما وصفتها المحاولات التخريبية.
واتهمت بثينة فلسطينيين يقيمون في مخيم الرملة للاجئين بالتورط في أحداث اللاذقية، وهو ما نفاه الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في وقت لاحق.
في الأثناء أعلن محام سوري أن السلطات أطلقت سراح 260 معتقلا معظمهم من الإسلاميين من سجن صيدنايا أول أمس الجمعة، مشيرا إلى أنهم ممن أكملوا ثلاثة أرباع مدة عقوبتهم على الأقل.
وفي نبأ عاجل أعلن مصدر حقوقي أن السلطات أفرجت اليوم عن الناشطة ديانا الجوايرة التي كان اعتقالها من بين أسباب تأجيح الاحتجاجات في مدينة درعا، وأضاف المصدر أنه تم أيضا الإفراج عن 15 شخصا آخرين كانوا قد شاركوا ديانا في اعتصام صامت للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ومن بينهم أطفال درعا.
كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر رسمية سورية أن القيادة السورية تستعد لإصدار حزمة قرارات بينها تعديل وزاري يشمل عددا من الوزراء وربما رئيس الحكومة, إضافة إلى قرارات تتعلق بدور حزب البعث الحاكم.
وكان الأسد تعهد الخميس بدراسة توسيع الحريات في مواجهة المطالب بالحرية السياسية وإنهاء الفساد، كما وعد بالنظر في إنهاء العمل بقانون الطوارئ المطبق منذ 1963 وعرض زيادة كبيرة في رواتب موظفي القطاع العام.
وقد أكد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إدانته للاعتداءات على المتظاهرين سلميا في سوريا وكذلك انتهاك حرمة المساجد، مؤكدا في بيان وصلت الجزيرة نت نسخة منه على وجوب احترام الحقوق المدنية للشعب السوري.
كما دعا الاتحاد الرئيس السوري إلى رفع المظالم وإجراء إصلاحات شاملة.
أما الناشط الحقوقي السوري هيثم المالح فقد اتهم السلطة السورية بأنها لا تملك سوى لغة القمع والقتل. وأوضح في مقابلة مع الجزيرة أن بإمكان النظام إنهاء المشكلة بطي ملفات أبرزها الإفراج عن المعتقلين وكف أيدي أجهزة الأمن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق