الصفحات

الجمعة، 16 سبتمبر 2011

خلاصة كتاب الشريعة الخالدة ومشكلات العصر


الشريعة الخالدة ومشكلات العصر
 
 
 
 

اسم الكتاب: الشريعه الخالده و مشكلات العصر


اسم المؤلف: احمد زكي يماني

 لتحميل الكتاب : اضغط هنا

 وللتحميل من مكتبة المصطفى : اضغط علي الخانه التي بها الرقم الشييه بالرقم الموجود في خانة click


والان مع خلاصة الكتاب :

جاءت الرسالات السماوية على كافة أنواعها تخبر الإنسان أن الله واحد أحد، خلق كل شيء وليس كمثله شيء، فينجذب إلى الدعوات السماوية من هداه الله, ويبتعد عنها من تشده غرائزه الحيوانية الأخرى عن قبول قيودها والتزام حدودها، وكان دور الأديان جميعها قبل الإسلام، ينحصر في تطهير النفس، والارتقاء بالإنسان إلى مستوى يختلف فيه عن بقية الحيوانات، ولم تكن الرسالات السماوية تعني آنذاك بتنظيم المجتمع سياسيًا أو اجتماعيًا أو اقتصاديًا، وفيما عدا ما جاءت به الديانة اليهودية من أحكام تشريعية قليلة، فإن الدين أساسًا يخاطب الروح وينميها ويرفع من مستواها.
 
إلا أن الإسلام يختلف عن كل تلك الديانات، فهو يعنى بالجسم عنايته بالروح ويخاطب الفرد وهو يتجه لربه كما يخاطبه وهو يتعامل مع مجتمعه، ويفرض على الحاكم حدوده, ويعطي للمحكوم حقوقه.
 
وبين أيدينا كتاب بعنوان (الشريعة الخالدة ومشكلات العصر) لمؤلفه (أحمد زكي يماني)، والهدف من الكتاب هو بيان نقطتين, أن الشريعة الإسلامية مرنة متطورة قادرة على مواجهة المشاكل المتطورة وليست كما يصورها الأعداء، والنقطة الثانية أن في التراث الإسلامي القانوني أسسًا ثابتة لحلول عملية دقيقة تتناول أهم مشاكلنا المعاصرة التي عجزت أنظمة الغرب ومبادئ الشرق عن حلها أو التخفيف من حدتها، ويتكون الكتاب من ثلاثة أبواب، الباب الأول بعنوان مقدرة الشريعة على النمو والتجدد والتطور، ويحتوي الباب على ثلاثة فصول:
 
الفصل الأول وهو بعنوان مصادر النمو والتطور في الشريعة، وأشار فيه المؤلف أن مدلول عبارة الشريعة الإسلامية قد يتسع ليشمل جميع ما دوَّنه الفقهاء من آراء فقهية في المشاكل التي عاصرتهم أو المشاكل التي توقعوا حدوثها مستنبطين ذلك مباشرة من القرآن أو السنة أو الإجماع والقياس, والشريعة بهذا المدلول الواسع تراث له قيمة لدى المسلم، وأما عن المدلول الضيق فهي تنحصر في الأحكام القاطعة الدلالة التي جاء بها القرآن الكريم وصحيح السنة، أو ثبتت بالإجماع ويخرج عن نطاق هذا المدلول ما اختلف الفقهاء في تفسيره، وبهذا المدلول الضيق تكون ملزمة لكل مسلم، عليه أن يتبعها.
 
وقد أشار الكاتب أن الشريعة تنمو وتطور مع نمو المجتمع وتتكيف مع حاجاته ومن ثم ظهر الاجتهاد والقياس وغيره من قواعد الاستدلال، وللبيئة أيضًا تأثير في نمو الشريعة ودليل ذلك عندما رحل الإمام الشافعي من العراق إلى مصر، غير كثيرًا من آرائه الفقهية وصار له مذهب جديد يختلف عن المذهب القديم الذي تبناه وهو في العراق، وأشار المؤلف أن علماء الأصول اتفقوا على أن القياس من أهم وسائل التشريع.
 
ثم جاء بعد ذلك الحديث عن الفصل الثاني وهو بعنوان المصلحة العامة كأساس لنمو الشريعة وتطورها، وفيه تكلم الكاتب عن المصلحة العامة, فالشريعة مبناها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد, واتخاذ المصلحة العامة كمصدر من مصادر التشريع في الفقه الإسلامي هو أمر مجمع عليه، وقد قضى عمر بن الخطاب بتغليب المصلحة العامة، ومنها على سبيل المثال تغيير حكم الطلاق إذا طلق الرجل زوجه ثلاث مرات في مجلس واحد، وكانت تحسب طلقة واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 
وقد أشار الكاتب إلى آراء العلماء في مسألة المصلحة العامة، فهناك طائفة مثل الإمام مالك الذي جعل المصلحة العامة دليلًا مستقلًا وكان يقدمها على النصوص الظنية أو ما يضعف سنده، كذلك الحنابلة يسيرون على نهج المالكية مثل ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله، أما الشافعية فلم يأخذوا أساسًا بفكرة المصالح المرسلة, أما الحنفية فوقفوا موقف الوسط وأخذوا بفكرة الاستحسان وهو تطبيق غير مباشر للمصلحة.
 
الفصل الثالث وهو بعنوان عوامل أخرى لتغير الأحكام وتطورها، منها العرف والأخذ به كما فعل الإمام أبو يوسف الحنفي قاضي قضاة بغداد الذي قال بجواز ترك النص، وإتباع العادة، إذا كانت هي الأساس المنظور إليه في النص، وإن كان كلام كثير لأهل العلم حول هذه المسألة ومدى إمكانية تغليب العرف على النص.
 
كذلك من الأمور أيضًا التي ساهمت في تعديل الأحكام, العلة والحكمة، فالعلة هي ما ينضبط، أما الحكمة فهي سبب الشريعة، ولكنها لا تنضبط أو هي معيار شخصي أكثر منه مادي مثل صيام المسافر في رمضان فالعلة هو السفر, والحكمة فيه رفع المشقة.
 
ولا شك أن الشريعة الإسلامية شريعة دينية مصدرها الرئيس كتاب منزل من عند الله, ولكن هذه الحقيقة الثابتة أسيء فهمها لدى المستشرقين، فلم يراعوا التفرقة بين أحكام العقيدة التي تلازمها الصفة الدينية المحضة, وأحكام المعاملات التي وإن جاءت من نفس المعين إلا أنها بمثابة قانون مبني على المصلحة العالمة يتطور ويتجدد بفعل تلك المصلحة.
 
وتهمة تخلف الشريعة سببها قفل باب الاجتهاد، لاكتفاء علماء المسلمين بالتراث القديم, وأوضح المؤلف أنه في الباب الثاني سيتطرق إلى مشكلة الصراع بين حق الفرد وحقوق الجماعة لتوضيح رأي الإسلام فيها.
 
تطرق الكاتب بعد ذلك للحديث عن الباب الثاني والذي بعنوان الفكرة الجماعية في التشريع الإسلامي، ويتكون من ثلاثة فصول، الفصل الأول بعنوان توازن بين حقوق الجماعة وحقوق الفرد، وأوضح المؤلف أن الصراع بين الفرد والجماعة من أهم مشكلات هذا العصر، فالمعسكر الاشتراكي ركز جهده لمصلحة الجماعة أغفل الفرد وأوشك ألا يعترف بوجوده وحرمه من ثمرات جهده الكاملة، وهناك معسكر ما يسمى بالعالم الحر يشتط في الدفاع عن حرية الفرد وحقوقه وكرامته حتى أنه يغض الطرف أحيانًا عن مغالاة بعض الأفراد في ممارسة حقوقهم بشكل تضار معه الجماعة أو المواطنون.
 
أما النظام الإسلامي فأهم ما يميزه هو الفكرة الجماعية، فالتكافل الاجتماعي عند المسلمين هو أن يكون الفرد في كفالة الجماعة, وأن يتضافر الأفراد كل حسب طاقته وعمله على خدمة الجماعة, وخصائص فكرة الجماعية في الإسلام هي:
 
ـ أن الفرد هو منطلق النشاط في المجتمع ويجب أن يعطى الفرصة للتعلم وممارسة نشاطه دون تمييز عنصري.
 
ـ الجماعة هي الهدف الذي يتجه نحوه النشاط الفردي وهي الحد الذي ينتهي معه حق الفرد في ممارسة نشاطه.
 
ـ الجماعة مسئولة عن تأهيل الفرد للقيام بواجبه، وكذلك ضمان معاشه.
 
وأما الفصل الثاني فهو بعنوان الملكية والتوازن بين حقوق الفرد والجماعة، فإذا نظرنا إلى الرأسمالية سنجدها قد سمحت للفرد بأن يستخدم الملكية الفردية دون حدود أو قيود، حتى أصبحت أداته للسيطرة على الجماعة يسيرها بسطوته, أما الاشتراكية فقد سلبت هذا الحق من الفرد فعطلت طاقته, وعاكست غريزة حب الاقتناء فيه، فحرمت المجتمع من الاستفادة من نشاطه استفادة كاملة، وأما الإسلام فقد وضع القانون للجماعة والفرد بأن الأموال كلها مملوكة لله تعالى: {وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ} [النور: 33].
 
وملكية الله العامة هي أساس قانوني لتحديد حق الفرد في ممارسة نشاطه على الأموال التي تحت يده، ويمكن أن نطلق على ذلك اسم حق الملكية, وأن نعترف به ونحميه.
 
وملكية الفرد للمال هي وظيفة اجتماعية، والموظف ملزم بالقيام بأعباء وظيفته فإن قصر حق عليه العقاب والقرآن يحذر من اكتناز الذهب والفضة.
 
والشريعة الإسلامية هي أول نظام قانوني معروف وضع حدودًا لاستعمال الحقوق الفردية تمنع الإضرار بالغير وتقيد من سلطة الفرد صاحب الحق، وقد نهى القرآن صراحة عن التعسف في أكثر من موضع, كالإيصاء والطلاق والتقاضي والوصاية.
 
وذكر الكاتب أنه لا يجوز استعمال الحقوق الفردية بإطلاق، فهناك ضوابط لها, وهي:
 
ـ لا يجوز استعمال الحق إلا لتحقيق الغرض الذي وجد من أجله هذا الحق.
 
ـ يعتبر استعمال الحق غير مشروع إذا تولد عنه ضرر غير عادي.
 
ـ لا يسوغ استعمال الحق إلا للحصول على منفعة لا للإضرار بالغير.
 
 وقد وضع الفقهاء المسلمون هذه القيود في استعمال الحقوق الفردية, وبالذات حق الملكية، تطبق في الأحوال العادية وتحت ظل الظروف الاجتماعية المعتادة، أما في حالة واجه المجتمع ظرفًا طارئًا كالمجاعة أو غيرها، فحاجة الجماعة تكون لها الأولوية والأفضلية, وعلى الرغم من هذه المنزلة التي تحتلها مصلحة الجماعة أو الفرد المحتاج تجاه حق الملكية الفردية، فإن الإسلام لم يوسع أبدًا نطاق الملكية الجماعية، بل أطلق عنان الملكية الفردية لتشمل كل الأموال التي يمكن تملكها, وهناك أموال لا يمكن إنشاء ملكية فردية عليها ومنها:
 
ـ الأموال التي تخصص للاستعمال العام كالطرقات.
 
ـ المعادن، فيجوز لولي الأمر إبرام اتفاق مع أحد الأفراد لاستخراج تلك المعادن, ويكون للفرد مقابل معلوم لقاء عمله.
 
ثم ختم الكاتب الباب الثاني بالفصل الثالث وهو بعنوان، تطبيقات أخرى للفكرة الجماعية، وذكر التطبيقات في العبادات, وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فمثلًا في العبادات, تكاد تكون جميعها ذات صبغة جماعية، فالصلاة هي عمود كل دين هدفها في الإسلام تمنع صاحبها من الجرائم الاجتماعية والفحشاء والمنكر, كذلك الصوم هدفه هو التألف والتكاتف مع بقية أفراد المجتمع.
 
ثم أتى بعد ذلك الباب الثالث، وهو بعنوان التوازن بين الحقوق السياسية والحقوق المعاشية, ويتكون من فصلين:
 
الفصل الأول: كفالة الحريات في الإسلام، وذكر المؤلف أن هناك قسمان للحقوق: المساواة المدنية، والحريات الفردية, أما المساواة المدنية، فهي عدم التفرقة بين الأفراد في التمتع بمختلف الحقوق والالتزام بالواجبات، والمقصود بالمساواة في الإسلام هي المساواة القانونية، حيث يتمتع الجميع بالقدرة القانونية على التملك، وأهم مظاهرها المساواة أمام القانون والقضاء, والمساواة في تقلد الوظائف العامة.
 
والحريات في الإسلام مكفولة كفالة تامة, فعل سبيل المثل الحرية الشخصية قد كفلها الإسلام، بحق الفرد في التجول والسفر كما يريد وعدم سجنه إلا بمقتضى القانون، كذا حرية التملك، وحرية المسكن، وحرية العمل الكسب والتجارة فالعمل في الإسلام بجانب أنه مباح فهو واجب على كل قادر وهو فوق ذلك عبادة يتقرب بها إلى الله إن كان بنية صالحة.
 
ثم ختم المؤلف الكتاب بالحديث عن الفصل الثاني وهو بعنوان الضمان الاجتماعي، والخطوة الأولى في ذلك تنطلق من واجب العمل, وتحريم البطالة, إلا لعاجز ومحتاج، ليس له للتكسب سبيل، وبعد أن يصبح العمل واجبًا على كل أفراد المجتمع يبدأ الإسلام بعد ذلك بتطبيق عاملين لتحقيق الضمان الاجتماعي:
 
ـ ضمان الأسرة، بإلتزام الغني من أفرادها بالإنفاق على الفقير العاجز منهم.
 
ـ الحث على الصدق، التي تعتبر حقًا للفقير في أموال الغني.
 
وأشار المؤلف إلى عدة أسباب استحقاق الضمان الاجتماعي ومنها، المخاطر الجسمانية التي تصيب الفرد فتمنعه من العمل كالمرض والعجز والشيخوخة، كذا المخاطر المهنية التي تصيب العمال بسبب العمل الذي يمارسونه ويؤدي إلى تعطيلهم جزئيًا.
 
وأشار المؤلف إلى بعض تطبيقات الضمان الاجتماعي, منها، العيلة والترمل ومثالها قصة عمر مع المرأة التي كانت تحاول فطم رضيعها، وأمر عمر بعد ذلك بفرض لكل مولود في الإسلام.
 
وأما عن مصادر تمويل الضمان الاجتماعي، منها الزكاة وهي الفريضة المعروفة، قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60].
 
كذلك من المصادر، التبرعات، وتوظيف الأموال وهي مصدر جاء به الفقه المالكي استنادًا إلى نظرية المصالح المرسلة، فعندما يخلو بيت المال أو ترتفع حاجات الجند فإن للإمام أن يوظف على الأغنياء ويفرض عليهم ما يراه كافيًا لبيت المال في الحال إلى أن يظهر مال أو يكون فيه ما يكفي، ويكون هذا المصدر في حال عجز الزكاة والتبرعات عن سد حاجة صندوق الضمان الاجتماعي.
  
لواء الشريعة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق