هل نحن أهل للديمقراطية
منصف المرزوقى
مكتبة المنارة الأزهرية
منصف المرزوقى
مكتبة المنارة الأزهرية
هل نحن أهل للديمقراطية، يحاول الدكتور : منصف المرزوقي من خلاله الرد على أطروحة مزدوجة المصدر، مشتركة المضمون، مفادها أن المجتمعات العربية غير مؤهلة للديمقراطية.
والحقيقة أن هذه الأطروحة التي كانت متأصلة في الخطاب التسلطي العربي أصبحت تتكرر على لسان أشباه مثقفين ودبلوماسيين غربيين يعتبرون بأن الدمقرطة في المجتمعات العربية تعني أسلمتها وانتصار الأصوليين والمتطرفين فيها . إن هذا ليس بغريب في صراع المصالح الدولية ومعركة الدفاع عن التصور الغربي للعالم . لكن من المستهجن أن يكون لطرح كهذا أنصار في صفوف الضحايا من المواطنين الذين حرموا من الخبز والحرية بعلل وذرائع شتى قومية كانت أو عقيدية .
نحن أهل للديمقراطية بشروط :
ثمة طريقة أكثر خبثاً في إنكار جدارتنا بالديمقراطية وهي القول بأنها لا تتحقق من أول وهلة وإن علينا التدرج البطيء نحوها أحياناً .
تأتيك أقوال القصور في هذا الصدد ومنها أن الديمقراطية ليست كقهوة " النسكافيه " أي القهوة الفورية التي تتحصل عليها بمجرد وضعها في الماء الساخن .
يعني هذا أن الأرستقراطيات المخفية قبلت على مضض فكرة حتمية الديمقراطية ولكنها تحاول ربح كل الوقت الممكن . ومن ثمة المقولة أننا جديرون بالديمقراطية لكن بعد فترة طويلة من التدرب والتدرج الحذر .
ومن ناقل القول أن الأرستقراطيات المخفية هي التي ستتحكم في تحديد سرعة ما تسميه " المسار الديمقراطي " وعدد مراحل الاستراحة التي يمكن أن توقف فيه هذا المسار لالتقاط الأنفاس إبان حالات الطوارئ التي تعلنها كلما هدد " المسار " مصالحها .
القيم الديمقراطية :
رأينا إن ما يحرك المد الديمقراطي حسب Tocqueville هو مطلب مساواة . فثمة شعور فطري داخل كل إنسان بكرامته وبأن له حقوق وليس فقط واجبات وأنه ند لأي إنسان آخر ما دام مثله يولد ويموت .
لكن هناك مطلب لا يقل عنه عمقاً هو التمايز والامتياز هو الذي يولد باستمرار كل أشكال الأرستقراطية ،وهذا المطلب له جذور بيولوجية حيث كانت ظروف الصراع من أجل بقاء المجموعة تفرز الأقوى وتعطيه امتيازات " طبيعية " . ويعني هذا أن مطلب التميز من بقايا عهد الطبيعة لم تنجح الحضارة في إزالته وربما لن تنجح في استئصاله إما لعمقه في التكوين البيولوجي للإنسان أو لأنه ما زال صالحاً لبقاء وتطوير الجنس البشري .
ونحن نرفض المطلب الأرستقراطي لأنه يتصدى لحاجة المساواة وخاصة لتكلفته من عنف وظلم ضروريان لإرسال اللامساواة الارستقراطية .
وتتميز الديمقراطية عن كثير من المنظومات القيمية الفكرية التي تعاقبت على مر العصور لحل مشاكل الإنسان بالتركيز على هذه القيمة الأساسية رغم خطرها الواضح على المساواة والعدالة .
الأهداف الديمقراطية :
إن الديمقراطية مشروع سياسي يروم تجسيم المساواة والعدالة والحرية والكرامة والسلم التي يريدها سائدة في المجتمع متحكمة في نواصيه ، وليس فقط مدرسة أخلاقية تريد نشر قيمها بالدعوة على شاكلة بعض الأديان أو المدارس الفلسفية .
ويتطلب الأمر تحقيق جملة من الأهداف السياسية الثانوية مثل وصول المؤمنين بهذه القيم إلى مراكز القرار ووضع آليات لتسيير الدولة والمجتمع وإنضاج تجربة تاريخية تركب الموجة التي وصفها Tocqueville وتقودها في اتجاه صحيح لأن هذه الموجة نفسها معرضة للانحراف .
وفي هذا يقول :
" لا توجد على الأرض سلطة مهما كانت محترمة أو تفترض القداسة في نفسها ، يقبل بأن تتصرف دون مراقبة والحكم بدون حواجز.
فإذا ترك الحبل على الغارب لأي قوة مهما كانت سميتها الشعب أو الملك أو الديمقراطية أو الأرستقراطية في ملكية أو جمهورية فإنني أقول :
هذه بذور الاستبداد " .
وهنا يتضح الهدف الأول الذي تتجند من أجل تحقيقه الأهداف الثانوية للديمقراطية أي منع عودة الاستبداد القاتل للمساواة والعدالة والحرية والكرامة والسلم ، ولو كان استبداد الشعب أو استبداد الديمقراطية .
الآليات الديمقراطية :
إنها بالأساس أربعة : الانتخابات التي تنظم الحرب السلمية وتحرس بالتالي السلم الاجتماعي وحرية الرأي والتنظم ومهمتهما بلورة قيمة الحرية وممارستها فردياً وجماعياً وأخيراً استقلال القضاء الذي يراد به حماية قيمة العدالة .
ونحن نكتشف بسهولة في هذه الآليات الهاجس الأول للديمقراطية فحرية الرأي تعني بالأساس حرية فضح عودة أي شكل من أشكال الاستبداد وحرية التنظم تضمن قدرة الشعب على التكتل المستقل عن أي شكل تنظيم جماعي تريد الأرستفراطيات المخفية التحكم فيه كالحزب الواحد مثلاً . أما استقلال القضاء فالمراد به استقلاله عن أصحاب القرار السياسي الذي يمكن لهم تغليف الظلم برداء العدل .
الكتاب رغم صغر حجمه يحيط بقضايا هامة وحساسة ومصيرية تتعلق بالموضوعة الديمقراطية وكيفية الخروج من الحالة الاستبدادية المنتشرة في العالم العربي إلى آفاق الحرية والإبداع والانفتاح الإنساني الشامل
والحقيقة أن هذه الأطروحة التي كانت متأصلة في الخطاب التسلطي العربي أصبحت تتكرر على لسان أشباه مثقفين ودبلوماسيين غربيين يعتبرون بأن الدمقرطة في المجتمعات العربية تعني أسلمتها وانتصار الأصوليين والمتطرفين فيها . إن هذا ليس بغريب في صراع المصالح الدولية ومعركة الدفاع عن التصور الغربي للعالم . لكن من المستهجن أن يكون لطرح كهذا أنصار في صفوف الضحايا من المواطنين الذين حرموا من الخبز والحرية بعلل وذرائع شتى قومية كانت أو عقيدية .
نحن أهل للديمقراطية بشروط :
ثمة طريقة أكثر خبثاً في إنكار جدارتنا بالديمقراطية وهي القول بأنها لا تتحقق من أول وهلة وإن علينا التدرج البطيء نحوها أحياناً .
تأتيك أقوال القصور في هذا الصدد ومنها أن الديمقراطية ليست كقهوة " النسكافيه " أي القهوة الفورية التي تتحصل عليها بمجرد وضعها في الماء الساخن .
يعني هذا أن الأرستقراطيات المخفية قبلت على مضض فكرة حتمية الديمقراطية ولكنها تحاول ربح كل الوقت الممكن . ومن ثمة المقولة أننا جديرون بالديمقراطية لكن بعد فترة طويلة من التدرب والتدرج الحذر .
ومن ناقل القول أن الأرستقراطيات المخفية هي التي ستتحكم في تحديد سرعة ما تسميه " المسار الديمقراطي " وعدد مراحل الاستراحة التي يمكن أن توقف فيه هذا المسار لالتقاط الأنفاس إبان حالات الطوارئ التي تعلنها كلما هدد " المسار " مصالحها .
القيم الديمقراطية :
رأينا إن ما يحرك المد الديمقراطي حسب Tocqueville هو مطلب مساواة . فثمة شعور فطري داخل كل إنسان بكرامته وبأن له حقوق وليس فقط واجبات وأنه ند لأي إنسان آخر ما دام مثله يولد ويموت .
لكن هناك مطلب لا يقل عنه عمقاً هو التمايز والامتياز هو الذي يولد باستمرار كل أشكال الأرستقراطية ،وهذا المطلب له جذور بيولوجية حيث كانت ظروف الصراع من أجل بقاء المجموعة تفرز الأقوى وتعطيه امتيازات " طبيعية " . ويعني هذا أن مطلب التميز من بقايا عهد الطبيعة لم تنجح الحضارة في إزالته وربما لن تنجح في استئصاله إما لعمقه في التكوين البيولوجي للإنسان أو لأنه ما زال صالحاً لبقاء وتطوير الجنس البشري .
ونحن نرفض المطلب الأرستقراطي لأنه يتصدى لحاجة المساواة وخاصة لتكلفته من عنف وظلم ضروريان لإرسال اللامساواة الارستقراطية .
وتتميز الديمقراطية عن كثير من المنظومات القيمية الفكرية التي تعاقبت على مر العصور لحل مشاكل الإنسان بالتركيز على هذه القيمة الأساسية رغم خطرها الواضح على المساواة والعدالة .
الأهداف الديمقراطية :
إن الديمقراطية مشروع سياسي يروم تجسيم المساواة والعدالة والحرية والكرامة والسلم التي يريدها سائدة في المجتمع متحكمة في نواصيه ، وليس فقط مدرسة أخلاقية تريد نشر قيمها بالدعوة على شاكلة بعض الأديان أو المدارس الفلسفية .
ويتطلب الأمر تحقيق جملة من الأهداف السياسية الثانوية مثل وصول المؤمنين بهذه القيم إلى مراكز القرار ووضع آليات لتسيير الدولة والمجتمع وإنضاج تجربة تاريخية تركب الموجة التي وصفها Tocqueville وتقودها في اتجاه صحيح لأن هذه الموجة نفسها معرضة للانحراف .
وفي هذا يقول :
" لا توجد على الأرض سلطة مهما كانت محترمة أو تفترض القداسة في نفسها ، يقبل بأن تتصرف دون مراقبة والحكم بدون حواجز.
فإذا ترك الحبل على الغارب لأي قوة مهما كانت سميتها الشعب أو الملك أو الديمقراطية أو الأرستقراطية في ملكية أو جمهورية فإنني أقول :
هذه بذور الاستبداد " .
وهنا يتضح الهدف الأول الذي تتجند من أجل تحقيقه الأهداف الثانوية للديمقراطية أي منع عودة الاستبداد القاتل للمساواة والعدالة والحرية والكرامة والسلم ، ولو كان استبداد الشعب أو استبداد الديمقراطية .
الآليات الديمقراطية :
إنها بالأساس أربعة : الانتخابات التي تنظم الحرب السلمية وتحرس بالتالي السلم الاجتماعي وحرية الرأي والتنظم ومهمتهما بلورة قيمة الحرية وممارستها فردياً وجماعياً وأخيراً استقلال القضاء الذي يراد به حماية قيمة العدالة .
ونحن نكتشف بسهولة في هذه الآليات الهاجس الأول للديمقراطية فحرية الرأي تعني بالأساس حرية فضح عودة أي شكل من أشكال الاستبداد وحرية التنظم تضمن قدرة الشعب على التكتل المستقل عن أي شكل تنظيم جماعي تريد الأرستفراطيات المخفية التحكم فيه كالحزب الواحد مثلاً . أما استقلال القضاء فالمراد به استقلاله عن أصحاب القرار السياسي الذي يمكن لهم تغليف الظلم برداء العدل .
الكتاب رغم صغر حجمه يحيط بقضايا هامة وحساسة ومصيرية تتعلق بالموضوعة الديمقراطية وكيفية الخروج من الحالة الاستبدادية المنتشرة في العالم العربي إلى آفاق الحرية والإبداع والانفتاح الإنساني الشامل
روابط التحميل :
أو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق