بطاقة الكتاب :
العنوان الأصلي للكتاب : the anatomy of human destructiveness
اسم الكتاب :تشريح التدميرية البشرية
المؤلف : إريك فروم
المترجم : محمود منقذ الهاشمي
الناشر : وزارة الثقافة السورية
الطبعة : الأولى
سنة النشر : 2006م
عدد المجلدات : 2
رابط تحميل الكتاب في مجلدين :
أو
روابط منفصلة للكتابين :
نبذة عن الكتاب :
تشريح التدميرية البشرية
ثمة أسطورة يونانية في العصر الحديدي تذكر أن الأجيال وهي تمضي تزداد سوءاً،وسوف يأتي الزمان الذي تكون فيه قد ازدادت ضعفاً إلى حد أن تعبد القوة.وستكون القوة هي الحق عندها وسيزول عن الوجود إجلال الإرادة الطيبة، وفي النهاية، عندما لا يوجد إنسان غاضب من الأفعال الخاطئة أو يشعر بالخجل بحضور البائس، فإن زيوس سيقضي على الناس أيضاً.ومع ذلك فإنه حتى في ذلك الحين يمكن القيام بأمر ما، إذا لم يحدث أن يهب الناس ويقضوا على الحكام الذين يظلمونهم..ويبدو أن قسماً لا بأس به من نبوءات تلك الأسطورة قد تحقق في التاريخ الإنساني وحاضره، لاسيما ذلك الجانب المتعلق بالقوة.
الجزء الأول، تأليف: ،« تشريح التدميرية البشرية » وردت هذه الكلمات في كتاب إيريك فروم ترجمة : محمود منقذ الهاشمي، إصدار وزارة الثقافة، ويبدو أن هذه الكتب المليئة بالمعلومات العلمية قادرة على إحداث إضافات حقيقية في مجال فهم التدميرية البشرية.
فكثيراً تأخذنا أخبار القتل والحروب والدمار وأخبار الحوادث والجرائم الجنائية نحو تحليلات سطحية لا تمت للعلم بصلة بينما يغوص إيريك فروم نحو أعماق النفس الإنسانية مستفيداً من البحوث التاريخية المتنوعة ومن البحوث الخاصة بالعلوم العصبية، إضافة لقدرته العلمية الكبيرة في البحث في علم النفس وعلم الاجتماع ليقدم للإنسانية صورة رصينة عن أسباب التدميرية البشرية.
يميز المؤلف بين الغرائز وهي إجابات عن حاجات الإنسان الفيزيولوجية، وعواطف الإنسان المشروطة بطبعه وهي تلك الإجابات عن حاجات الإنسان الوجودية وهي إنسانيةعلى وجه التخصيص.
وهذه العواطف الراسخة في الطبع صنف بيولوجي اجتماعي، تاريخي، وعلى الرغم من أنها لاتخدم البقاء الفيزيائي مباشرة فهي قوية، وكثيراً ماتكون حتى أقوى من الغرائز، وهي تشكل الأساس لاهتمام الإنسان بالحياة وحماسته وتهيجه، وهي المادة التي تصنع منها لا أحلامه فحسب، بل كذلك الفن والدين والأسطورة والمسرحية، كل ما يجعل الحياة تستحق العيش.
وفي توضيحه للتدميرية والقساوة يقول المؤلف أنهما مدمرتان لا للضحية وحدها بل للمدمر نفسه، إنهما تشكلان مفارقة، فهما تعبران عن انقلاب الحياة ضد ذاتها في المجاهدة لجعل معنى لها.
وأثناء مناقشة المؤلف لأفكار العالم لورنتس يؤكد مراراً وتكراراً واعتماداً على معطيات بينما « الطبع البشري » علمية عديدة أن العدوان البشري ناتج عن الدوافع غير العضوية يجهد لورنتس ليثبت أن العدوان ناتج عن التهيج الداخلي الغريزي.
ومن المعلومات الطريفة والمفيدة حول علاقة العدوان بالمعرفة وهل تساهم المعرفة في تخفيض العدوان؟ يذكر الكتاب أن البريطانيين والألمان كانوا على معرفة شخصية جيدة جداً بعضهما ببعض قبل عام 1914 ، ومع ذلك كان بغض الطرفين المتبادل شرساً، عندما
نشبت الحرب، ويوجد برهان أشد إقناعاً كذلك فمن المشهور أنه لا حرب بين البلدان تُحدث من البُغض والبطش ما تحدثه الحرب الأهلية التي لا تنعدم فيها المعرفة الشخصية بين الطرفين المتحاربين، وهل المعرفة الحميمية المتبادلة تقلل حدة البغض بين أعضاء أسرة
واحدة. وإذا عدنا لتأكيد تفسير التدميرية والقساوة فإن المؤلف يوضح أنهما ليستا غريزتين، بل عاطفتين راستختين في الوجود الكلي للإنسان، وهما إحدى الطرق في جعل معنى للحياة وهما ليستا موجودتين في الحيوان ولا يمكن أن توجدا فيه لأنهما بصميم
طبيعتهما راسختا الجذور في الوضع الإنساني.
وفي مقارنة عميقة وعلمية بين السلوك الحيواني والإنساني يقول ايريك فروم أن الحيوانات نادراً ماتقضي على حياة أعضاء الأنواع الأخرى إلا في حالة الدفاع، والإنسان هو الحيوان اللبون الوحيد القاتل والسادي على نطاق واسع.. ولا يوجد دليل على أن ثمة
دافعاً عدوانياً عفوياً عند معظم الحيوانات اللبونة يتم حبسه حتى يجد الفرصة المناسبة إلى هذا الحد أو ذلك لإفراغه.
ويتعمق المؤلف في تحليله المعرفي وفي رأيه أن كل الحكومات في حالة الحرب تحاول أن توقظ في شعبها الشعور بأن العدو ليس بشراً، فلا يدعوه المرء باسمه الصحيح، بل« الهونيين » باسم مختلف، فقد أطلق البريطانيون في الحرب العالمية الأولى على الألمان
وقد بلغ هذ االقضاء على إنسانية العدو ذروته مع « البوش » وأطلق عليهم الفرنسيون الأعداء الذين هم من لون مختلف وقد وفرت الحرب في فيتنام أمثلة كافية لدلالة على أن الكثيرين من الجنود الأمريكيين لديهم إحساس قليل بإحساس أعدائهم الفيتناميين وحتى كلمة القتل، قد أزيلت باستخدام كلمة « الأشياء القذرة اللزجة » ويطلقون عليهم الاتلاف، وإن الملازم أول كالي المتهم والمحكوم عليه بارتكاب جرائم القتل لعدد من المدنيين الفيتناميين الرجال والنساء والأطفال قد استخدم حجة للدفاع عن نفسه هي أنهم لم يعلموه أن ينظر إلى جنود جبهة التحرير الوطنية على أنهم بشر بل مجرد أعداء، وقد فعل هتلر الشيء نفسه بإطلاقه على أعدائه السياسيين الذين كان يريد القضاء عليهم
ويكاد يبدو قاعدة أن المرء عندما يريد أن يسهل على الجنود الذين هم في « دون البشر »جانبه أن يقضوا على البشر في الجانب الآخر أن يلقن جنوده الشعور بأن الذين يجب قتلهم ليسوا أشخاصاً.
ويبحر ايرك فروم أكثر في شرح وتشريح التدميرية البشرية فيدرس نماذج متعددة أكثر الناس بدائية أقلهم نزوعاً إلى » إلى نتيجة أن « رايت » من الشعوب البدائية ويصل مع. ص 244 « الحرب وأن النزوع إلى الحرب ينمو متناسباً مع الحضارة
ويوافق فروم غينسبرغ أن العدوانية الأولية ليست عنصراً أصيلاً في الطبيعة البشرية ويبدو أن المجتمع الحديث باستعداده غير المحدود تقريباً للقضاء على حياة البشر (والكلام للمؤلف..) من أجل الغايات السياسية والاقتصادية فإن أفضل ما يدافع به عن نفسه في وجه السؤال الإنساني الأولي عن حقه في القيام بذلك هو افتراض أن التدميرية والقسوة لا يحدثهما نظامنا الاجتماعي بل إنهما خصيصتان فطريتان في الإنسان.
إن جهد المترجم محمود منقذ الهاشمي الرصين كبير يستحق الشكر فما قام به هو عمل دؤوب صبور واختياره لهذا المؤلف الكبير في مضمونه هو اختيار موفق، ونحن يستحق أكثر من « تشريح التدميرية البشرية » بأمسّ الحاجة لهذه الكتب، إن كتاب
قراءة لأنه بحق جهد علمي معرفي كبير يدخل بصبر إلى تلك المناطق المظلمة من النفس الإنسانية حيث العدوان والتدمير والقساوة فيفسر عبر بوابة البحوث العلمية ليؤكد أن العدوان البشري ازداد مع الحضارة البشرية وأن الكثير من الشعوب البدائية قد عاشت
بسلام وأمان، ووفرة وتقاسم الناس الغذاء والحاجات بعيداً عن العدوان.
ولعلنا لا نبالغ أن المؤلف يكاد يبلغ حد اليقين حين يخبرنا أن العدوان البشري وليد دوافع غير عضوية أي وليد الطبع البشري وليس وليد الغريزة، وهذا الكلام مهم جداً لفهم تلك التوجهات التي يتم فرضها على حياة البشر عبر وسائل الإعلام حيث تكريس العنف
والقتل والتدمير وكأنها ميراث عضوي يجب الحفاظ.
بحق هو كتاب جدير بالإقتناء ، فيه الكثير والكثير من التحليلات النفسية والفلسفية فبادر بتحميله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق