على هذه الروابط السريعة (ملفات الـ pdf كبيرة الحجم ، لكن التحميل سريع ، وكل ملف يحتوي 5 أجزاء مدمجة):
الأجزاء 1-5
الأجزاء 6-10
الأجزاء 11-15
الأجزاء 16-20
الخِطَط التَّوفِيْقِيَّة
لعلي باشا مُبَارَك(1)
( - 1311هـ / 1893م )
بقلم أبي الفداء سَامي التُّوني
كتاب "الخطط التوفيقية الجديدة لمصر القاهرة ومُدُنها وبِلادها القَدِيمة والشَّهِيْرَة " لعَلِي بَاشا مُبَارَك كتابٌ نَابِضٌ بالحياة بكل ما يَتصل بمصر عامة والقاهرة خاصة مِن تاريخٍ سياسيّ واجتماعي واقتصاديّ، وبما اشتمل عليه مما لا يُحصى من تَراجم الأعلام في قَديم مِصر وحَديثها، وقد أنبأ الكتاب عَن مادة علمية شديدة الثَّرَاء لدى المؤلف مَكَّنَتْهُ مِن أَنْ يَحشدَ كُلَّ هذا القدر من المعرفة في أجزاء الكتاب العِشْرِيْن، ليحيط بما يتعلق بمصر من كافة جوانبها.
وقد أفرد علي مُبارك الأجزاء الستة الأولى من "الخطط" لمدينة (القاهرة)، وخَصَّ مدينة (الإسكندرية) بالجزء السَّابع، ثم أَرَّخَ لباقي المُدُن المِصرية في عشرة أجزاء تبدأ من الثامن إلى السابع عشر، وأفرد الجزء الثامن لِـ (مِقْيَاس النِّيْل) منذ عَهد قُدماء المِصريين حتى القرن التاسع عشر والاحتفالات التي كانت تُقام عند (وَفَاء النيل)( ) في مختلف العُصُور، وفي الجزء التاسع عشر تَكَلَّمَ عن تُرَع النيل ورَيَّاحَاتِهِ ومُنشآت الريّ، أما الجزء العشرون فأرخ فيه للنقود المصرية في العصور الإسلامية.
وَسَمَ علي باشا مُبَارَك مَوسوعته الحافلة باسم "الخِدِيوِ تَوْفِيْق"(2) فأطلق عليها اسم "الخطط التَّوْفِيْقِيَّة"، وسار فيها على نَهج المَقريزي في "الخطط"(3)، فاتخذها أساسًا له فتتبع مُدُنَ مصر وقُرَاهَا، ووَصَفَ طبوغرافيتها، فتحدث عن مَوقع المدينة - أو القرية - أولاً ثم أرخ لها مِنْ أقدم العُصُور إلى الوقت التي اندثرت فيه أو حتى القرن 13 هــ / 19 م - إذا كانت لا تزال قائمة -، ووَصَفَ ما بِهَا مِن منشآت ومَرافق عَامَّة مثل المَساجد والزَّوَايا والأضْرِحَة والكنائس والأديرة والمَدَارس والكَتَاتِيْب والوكالات والحَمَّامَات والمستشفيات والمصانع والقُصُور والدُّوْر، وأثبت ما أصابها من تَغيُّر، وقَرَنَ هذا الوصف الطبوغرافي المُسْهِب بترجمة أبرز الأعلام الذين وُلدوا بالبلدة أو عاشوا فيها أو دُفنوا بها.
وقَد شَرَحَ عَلِيّ مُبَارَك بإسهاب في صَدر كتابه البواعث التي أَمْلَتْ عليه وَضْعَ هذا الكتاب فذَكَرَ: أَنَّ مَدينة "القَاهِرَة" تَعَرَضَتْ لكثيرٍ مِن أحداث الزَّمَن مُنذ شُيِّدَت على عهد المُعِزّ لدين الله (العُبَيْدِيّ – الفاطمي) فحِيْنًا كانت القاهرة مدينة زَاهرة عَامرة وحِينًا كانت وَاهنة وَاهية، وذَكَرَ أنَّ المَقْرِيْزِيّ أرخ لها لكنه منذ وَفاته - سنة 845 هـ / 1441م - لم يَحفل أحدٌ بأن يترسم خُطَاهُ فيُتَابِع تَسجيل التَّطَوُّر التَّارِيْخِيّ والعمراني والدِّيْنِيّ والاجتماعي للقاهرة وسَائر المُدن المصرية على الرغم من الحَاجَة المَاسَّة إلى القيام بمثل هذا العمل، وهذا ما دفعه إلى وضع هذا الكتاب الذي وصفه بأنه:
"كِتَابٌ وَافٍ بمَا لمِصْر مِن قَديمٍ وحَديث، مُتَضَمِّنٌ لذِكْرِ مَبَانِيْهَا الدَّائِرَة والمَوجودة وما يَتبع ذلك من أَخبار أَرْبَابِهَا وذِكْر نِيْلِهَا ومَنَافِعِهِ وَكَيْفِيَّةِ تَصَرُّفَاتِهِ ومَوَاضِعِهِ ".
ولقد استشعر علي مُبارك بادئ الأمر ضَخامة المشروع وصعوبته لما يحتاجه من مجهود مُضْنٍ ووقت فَسيح ومِن ثَمَّ عَرَضَ على صَفوةٍ من عُلماء مِصر القيام بهذا المشروع فلم تَلْقَ دعوته استجابة منهم وانتهى به التفكير إلى أنَّه لا مناص إلا أن ينهض بمفرده بهذا العمل.
نَهَجَت "الخِطَط التَّوْفِيْقِيَّة" نَهجًا عِلميًّا إِذْ استقت مَادَّتها من المصادر والمراجع القديمة والحديثة العَربية وغير العَربية، ففي الخِطَط التَّوْفِيْقِيَّة محاولة رائدة لكتابة تاريخ مصر وَفق المعلومات الحديثة، وقد أضافت الخطط إلى تاريخ مصر فِي فَرعي التاريخ القديم والحديث مادةً علمية جَديدة؛ ففيما يختص بالتاريخ القديم استفاد علي باشا من نتائج الكشوف الأثرية التي أُجريت في مصر في القرن 13 هــ / 19م وما كتبه الأوربيون عن تاريخ مصر القديمة، وفيما يختص بالتاريخ الحديث فقد جاءت "الخطط التوفيقية" سِجِلا حَافلا لمظاهر الحضارة التي أُدخلت في مصر في ذلكم القرن؛ مثل التَّوَسُّع الزِّرَاعِيّ ومُحَاوَلَة إِدخال الصناعات الكبيرة في البلاد وإنشاء القوات المسلحة البرية والبحرية والشبكة الحديدية وأسلاك البَرْق التي مُدَّت في طول البلاد وعَرْضِهَا والمنائِر التي أُقيمت على الشواطئ المصرية وإنشاء الحَوض العائم في ميناء الإسكندرية ومشروع الطريق البَرِّيّ ثم إنشاء قَناة السّويس إلى غير ذلك مِن مظاهر الحضارة، وقد شارك علي مبارك في تنفيذ بعض هذه المشروعات أو عَاصَرَهَا أو كان قريبَ العهد بها فكتابته عنها لها قيمتها ووَزْنُهَا، ثم هو يُضيف إلى التاريخ الحَديث تَرَاجم للشخصيات المِصرية؛ ويمكن أن تقسم هذه الشخصيات إلى قِسمَيْن الأول عاش في الفترة من وفاة المَقريزي سنة 845 هـ / 1441م حتى أوائل حُكم محمد علي، وقد استقى تراجمهم من ابن إياس وابن زُنْبُل والجَبَرتِيّ وغَيرهم، والقسم الثاني عَاشوا في القرن 13هـ / 19م وتقلدوا المناصب القِيَادِيَّة في الحكومة، وكانت "الخطط التَّوْفِيْقِيَّة" أَوَّل مَن ترجم لهم لأنهم كانوا رِفَاقَ المؤلف في الدراسة - في مصر أو في فَرنسا - أو في زَمالة العمل الحكومي، وكانت ترجمته لهم في ضَوء معلوماته عنه واتصاله بهم، وكان إذا أعوزته المادة التاريخية الكافية لوَضع تَرجمة أحدهم فإنه كان يطلب منه أن يكتب له ترجمة حياته بنفسه.
ولم تقتصر الخطط التوفيقية على تاريخ مصر الإسلامي فقط بل شملت الجانب القِبْطِيّ أيضا فأرخت للكنيسة القِبْطِيَّة الأرْثُوذُكْسِيَّة ولبطاركة الكرازة المُرقسية، وتَرجَمَتْ لكبار الأقباط وأَعْيَانِهِم، وذكرت الكنائس والأديرة القائمة في مصر.
ولقد تميزت "الخطط التوفيقية" بروح الفحص والنَّقْد والمناقشة، ولم تقع أسيرة التقليد بل نظرت فيما بين أيديها من معلومات وناقشتها واعتمدت على العلوم المساعدة لتفسير التاريخ وفَهْمِهِ مثل الوثائق والنميات والآثار والنقوش وهذا قَلَّ مَن استعمله قبلها من مؤرخي العرب، فقد زخرت بالكثير من الوثائق التاريخية وحُجَج الأوقاف والإحصائيات وضَمَّت جزءا قائما بذاته عن النميات هو الجزء العشرين.
وابتعدت "الخطط" عن العبارات المسجوعة وعمدت إلى الأسلوب السهل المُرْسَل - فيما عدا مُقدمة الكتاب ونهايته-، وسارت على نهج خطط المقريزي حتى ليعتبرها البعض تكملة وتجديدا لها إلا أنها جاءت أكثر شمولا وعُمقا وإحاطة بالقُرَى والمُدُن المصرية القديمة والحديثة، كما أنها لم تهتم بالجانب السياسي فقط بل أَرَّخَت للنواحي الحضارية والاجتماعية والاقتصادية، وإن كان يؤخذ على الخطط التوفيقية التكرار والاستطراد، فهي تتناول موضوعا بالبحث في موضع ثم تعود لتكرره مطولا أو مقتضبا في جزء آخر(5).
وقد استغرق وضع "الخطط التوفيقية" بضع عشرة سنة، حيث فرغ من طباعتها بمطبعة بولاق الأميرية بالقاهرة 1306 هـ / 1889 م في عشرين جزءً من القطع الكبير( )، وأعادت الهيئة المصرية العامة للكتاب بمصر نشره مصورا سنة 1986م وما بعدها.
طبع الجزء الخاص بالإسكندرية منفصلا تحت عنوان " الخطط التوفيقية لمدينة الإسكندرية " بمكتبة الآداب ومطبعتها بالقاهرة عن طبعة بولاق الأميرية أشرف على إخراجها: فاروق حامد بدر، وأعد فهارسها: عبد الرحيم يوسف الجمل.
والحق أن أكثر ما يعيب "الخطط التوفيقية" هو هذه الطبعة ذات الحرف القديم التي لا تناسب قارئ اليوم، كما أن الكتاب يحتاج لفهارس وافية ضافية تستخرج منه كنوزه وتقربها للقارئ، كما نتساءل اليوم: هل يقدرَّ للخطط التوفيقية مَن يكملها كما أكمل علي باشا كتاب المقريزي.. حقا لقد حفظ لنا الكتاب من المعلومات التي اندثرت اليوم ما لا يمكن الوصول إليه من غير طريقه، فهو مصدر باق للباحثين في التاريخ المصري من شتى الزوايا، وفي تراجم الرجال والأعلام، وفي الحياة في مصر الإسلامية وغير الإسلامية، وغير ذلك مما لا يحيط به القلم.
الحواشي :
(1) هو: علي بن مبارك بن سليمان الروجي (1239 هـ / 1824 م - 1311هـ / 1893م): وزير مصري, من المؤرخين العلماء العصاميين النوابغ. ولد في قرية برنبال (بمحافظة الدقهلية بمصر)، وتلقن العربية، وحذق بعض الفنون, وسافر سنة 1260هـ, مع بعثة مصرية إلى باريس, فتعلم فني الاستحكام والمفرقعات والحركات الحربية. وعاد إلى مصر, فتقلب في الوظائف العسكرية, وبلغ رتبة أميرالاي, وحضر الحرب التركية الروسية سنة 1270هـ. ثم نُصِّبَ ناظراً للأوقاف المصرية، وأضيفت إليه المعارف, فأنشأ مدارس كثيرة, وأبقى آثاراً, منها دار الكتب المصرية في القاهرة. وتولى نظارة الأشغال العامة سنة 1297هـ فحدثت ثورة عرابي باشا فاستقال مع زملائه في الوزارة. وآخر أعماله ولايته نظارة المعارف المصرية سنة 1305هـ وتوفي بالقاهرة.
من آثاره : «الخطط التوفيقية »، قصة سماها «علم الدين » في ثلاثة مجلدات, ضمنها مباحث دينية واجتماعية, و«حقائق الأخبار في أوصاف البحار » مدرسي, و«خواص الأعداد » كسابقه, و «نخبة الفِكْر في نيل مصر » و«تذكرة المهندسين » و«تقريب الهندسة » و «جغرافية مصر » و «الميزان في الأقيسة والمكاييل والأوزان ». وأشرف على ترجمة: «خلاصة تاريخ العرب » للمستشرق الفرنسي سيديو Louis Pierre Sédillot. ( الزِّرِكْلِيّ : الأعلام 4 / 322 )
(2 ) "وفاء النيل" يعنى ارتفاع مياه النيل وقت الفيضان إلى الحد المناسب الذى يكفى لري الأراضي الزراعية. والاحتفال بوفاء لنيل عيد ( جاهلي ) مصري وتقليد قديم يعود إلى العصر الفرعونى، أبطله الإسلام حين دخل مصر، وقد أُعيد مؤخرا لإحياء القومية الفرعونية ، فتحتفل به مصر في منتصف شهر أغسطس من كل عام . ( انظر : ابن كثير : البداية والنهاية 1 / 27 : 28 )
(3) هو: ( الخديو - الخديوي ) محمد توفيق ( باشا ) بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا ، المعروف بالخديو توفيق ( 1269 هـ / 1852 م – 1309 هـ / 1892 م ): أحد أفراد أسرة محمد علي باشا الذين حكموا مصر - مفوضا من للدولة العثمانية - بلقب ( خديو ) ، كان أكبر أبناء «إسماعيل»، تولى بعد عزل أبيه، وفي أيامه أنشئت المحاكم الأهلية, وجدد بعض الترع, وأقيمت عدة قناطر كبيرة، وكان يميل إلى الحكم المطلق ، وكان ضعيفًا أمام النفوذ الأوربي ، وفي زمنه نشبت ثورة أحمد عرابي سنة 1299 هـ فاستعان بالإنجليز الذين احتلوا مصر بعد معركة التل الكبير ، واستمر توفيق حاكمًا اسميًّا ، وانتقلت السلطة الفعلية إلى الإنجليز حتى وفاته .
(4) راجع تعريفنا بخطط المقريزي في هذا الباب .
(5 ) استفدنا في هذا البحث من دراسة د. عبد العزيز الشناوي ونحيل القارئ إليها للتفصيل : "الخطط التوفيقية لعلي مبارك" / د. عبد العزيز الشناوي، ط. الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر ، مهرجان القراءة للجميع 1995 ، ـ سلسلة تراث الإنسانية ، 111 صفحة ، قطع فوق الصغير.
(6) كتب على الجزء الأول من الكتاب الطبعة الأولى سنة 1306 هـ [ = 1889 م ]، أما الغلاف الداخلي للجزء 2 فكتب عليه الطبعة الأولى سنة 1304 هـ ؟! ، وعلى الأجزاء 3 : 10 : "الطبعة الأولى 1305 هـ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق