يتضمن هذا الكتاب مجموعة من كتابات المؤلف التي ظهرت في "سلسلة شهرية من الكتب الصغيرة في حجم الجيب باسم مواقف"، وتتضمن حوارات ومقالات نابعة من تجربته في ممارسة النضال الوطني السياسي والصحفي في صفوف الحركة الوطنية التقدمية بالمغرب، وهي لذلك بمثابة تأريخ لهذه الحركة، "تعكس مراحل تطور الوعي العربي بصفة عامة، منذ أواخر الخمسينات من القرن الماضي إلى اليوم.."، وهي نصوص تنتمي من ناحية، إلى قسم المذكرات السياسية، وأخرى تنتمي إلى قسم المواقف الفكرية والثقافية، وصنف آخر من النصوص "يقع على ضفاف السيرة الذاتية"، ويعتبرها الكاتب بمثابة "شهادات ومادة تاريخية لا بد من حفظها، وقد تكون خير معين للمؤرخ غداً على الاقتراب من الحقيقة التاريخية التي ينشدها".
يقسم الكاتب هذه النصوص بحسب موضوعاتها في ثلاثة أقسام وثلاثة عشر فصلاً، ويبدأها بالقسم الأول الذي يتضمن ظروف وأحداث قيام الحركة التقدمية بالمغرب: الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بقيادة الشهيد المهدي بنبركة 1959، في عرض للمذكرات السياسية ولانتفاضة 25 يناير، ولتأسيس الحركة والاتحاد.
في القسم الثاني، ينتقل الكاتب للحديث عن مرحلة الحكم الفردي المطلق بالمغرب، وقمع المقاومين ومؤامرة تصفية الاتحاد الوطني، في ذكريات وأحداث وتحاليل.
ويخصص القسم الثالث لتشريح بنية السلطة في المغرب على عهد الحماية الفرنسية، كما الحكومات المتعاقبة في بداية الاستقلال، ويدخل في فصول: "محمد الخامس هو الضمانة"، وفي "معركة الاستقلال الاقتصادي والصراع مع المفهوم القديم للسلطة، وتشكيل حكومة أقطاب "القوة الثالثة"، وفي "تأجيل الديمقراطية في المغرب!"، والمطالبة بالمجلس التأسيسي لوضع الدستور، ومن ثم رفضه، وتركيز الحكم الفردي.
يركّز الفصل الأخير على مناقشة وتحليل موضوع "حرية الصحافة والديمقراطية... بالمغرب!"، الذي يطرح فيه عدداً كبيراً من الأسئلة حول مفهوم الديمقراطية وتعريفها وعلاقتها بحرية التعبير، والفصل بينها وبين مجرد الأشكال التي تعطى لها، والتي تمارس بصفتها جوهرية، لحد رد الفعل المتسائل: "هل أصبحت الديمقراطية عديمة الجدوى؟ وبعبارة أخرى هل صحيح أن الديمقراطية السياسية لا يمكن أن تحقق أهداف الشعب وآماله، ومن ثم يجب الكفران بها ومحاربتها باعتبارها عملية تزييف وتضليل ؟!"
كتاب يلخّص ويشهد على مرحلة هامة من التاريخ العربي، تؤرخ لمرحلة الانتقال المفصلية من حكم الوصاية إلى مفهومي الاستقلال والحكم الذاتي العربي.
الكتاب الثاني - محمد عابد الجابري .
يواصل الدكتور محمد عابد الجابري هذا الكتاب وهو الثاني من سلسلة مواقف والذي يعتبر استكمالاً، شكلاً ومضموناً، للكتاب الأول. يواصل تقديم تجربته السياسية التي كان قد قدّم قسماً منها في الكتاب الأول، تلك التجربة التي ترجمها في نصوص وشهادات لأحداث سياسية شارك فيها أو كان شاهداً عليها.
والهدف من هذا الكتاب، كما أشار الجابري سابقاً، هو توسيع وتعميق فهم الجيل الصاعد لهموم الساحة الثقافية خلال فترة الثمانينيات.
وتتوزع الكتاب أقسام ثلاثة؛ يضم الأول الأزمة بين الحزب والثقافة، فيما يشمل الثاني سيرة المناضل المهدي بنبركة، أما الثالث فيعكس القطيعة النهائية بين الاتحاد والجهاز النقابي والإعداد للمؤتمر الاستثنائي عام 1962.
هذا هو الكتاب الثالث من سلسلة مواقف، والذي يُعتبر استكمالاً لما قدمه لنا الجابري في الكتابين الأول والثاني اللذين سبق صدورهما.
يستغرق الجابري في سرد ذكرياته، فيعود ليعيش الأحداث الماضية التي تمثل تجربته السياسية التي أصبحت بمثابة مذكرات تتخللها نصوص وحوارات أجريت وتجرى مع صاحبها منذ عقود... إنها نصوص تعكس، حقاً، مراحل تطور الوعي العربي بصفة عامة منذ أواخر الخمسينيات حتى اليوم. وبالإضافة إلى تقيد الجابري بالتسلسل الزمني في عرضه للأحداث، نراه يهتم أيضاً ويتقيّد بوحدة الموضوع.
يتناول الجابري في كتابه هذا ثلاثة أحداث وزعها على ثلاثة أقسام، تناول الأول "مشروع التناوب وشعار الدولة الوطنية الديمقراطية"، واهتم الثاني "بقضية الصحراء المغربية" من خلال أبعادها الداخلية والخارجية، أما القسم الثالث فقد تناول "أزمة الاشتراكية في البلاد المتخلفة".
خالص التقدير والشكر للأخ الكريم : علي مولا ، جزاه الله عنا خيرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق