الخميس، 2 سبتمبر 2010

نريد توضيحا لعالم الجن ، وهل يمس الجن الإنسان بشر ؟

نريد توضيحا لعالم الجن ، وهل يمس الجن الإنسان بِشَرِّ ؟

الجواب
1 -الجن -كما يقوك الدميرى فى كتابه "حياة الحيوان الكبرى" - أجسام هوائية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة. لها عقول وإفهام وقدرة على الأعمال الشاقة .
2 - وهم خلق موجودون بالنصوص الثابتة فى القرآن والسنة، وبالإجماع ، والعقل لا يحيل ذلك .
3- وهم أصناف ، فقد روى الطبرانى بإسناد حسن عن أبى ثعلبة الخشنى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الجن ثلاثة أصناف ، فصنف لهم أجنحة يطيرون بها فى الهواء ، وصنف حيَّات ، وصنف يَحُلُّون ويظعنون " أى يمشون ويتحركون ، وكذلك رواه الحاكم وقال : صحيح الإِسناد . وجاء فى حديث رواه ابن أبى الدنيا عن أبى الدرداء رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " خلق الله الجن ثلاثة أصناف ، صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض ، وصنف كالريح فى الهواء ، وصنف كبنى آدم ، عليهم الحساب والعقاب " .
وإذا كان اسم الجن يطلق على الهوام المؤذية فيمكن فهم هذا الحديث بسهولة ، وهو ما رواه مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم " نهى عن إرسال الأطفال بعد غروب الشمس إلى العشاء ، لأن الشياطين تنبعث فى هذه الفترة . وكذلك ما رواه البخارى ومسلم عن أبى لبابة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الجِنَان التى فى البيوت إلا الأبتر وذا الطُّفيتين ، فإنهما اللذان يخطفان البصر ويطرحان أولاد النساء . والطفيتان - بضم الطاء - الخطان الأبيضان على ظهر الحية . والأبتر قصير الذَّنب . وقال النضر بن شميل : هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب ، ولا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها " حياة الحيوان - للدميرى " .
4 - والجن مستترون ، وقد يتشكلون بأشكال مختلفة ، وتحكم عليهم الصورة كما قال العلماء ، قال تعالى { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم } الأعراف : 27 . وقد تشكل شيطان فى صورة لص أراد أن يسرق من الصدقة التى كان يحرسها الصحابى، ولما أخبر النبىَّ به عرَفَه أنه شيطان رواه البخارى .
وهم من ذرية إبليس على المشهور، قال تعالى { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دونى وهم لكم عدو } الكهف : 50 .
5 - الجن مكلفون كالبشر ومحاسبون على أعمالهم كما يحاسب بنو آدم ، وجاء ذلك فى القرآن الكريم فى مثل قوله تعالى { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم أياتى وينذرونكم لقاء يومكم هذا} الأنعام : 130 ، وقوله { سنفرغ لكم أيها الثقلان } الرحمن : 31 ، وقد ثبت أنهم سمعوا القرآن من النبى صلى الله عليه وسلم ، وأن منهم من آمن ومنهم من كفر، قال تعالى { قل أوحى إلَّى أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا } الجن : 1 ، 2 ، وقال تعالى : { وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستعمون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا . .
} الأحقاف : 25 ، وقال على لسانهم { وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا} الجن : 11 وثبت فى الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم ذهب إليهم وتحدث معهم . ففى صحيح مسلم أنه قال " أتانى داعى الجن فذهبت معه ، فقرأت عليهم القرآن " وفيه أنهم سألوه الزاد فقال " لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه ، تأخذونه فيقع فى أيديكم أوفر ما كان لحما وكل بَعْرٍ علَفٌ لدوابكم " ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه " فلا تستنجوا بهما فانهما طعام إخوانكم " .
6 -إن عدم رؤيتنا للجن إنما هو فى رؤيتهم على حقيقتهم ، وقد يخص الله نبيه بأن يراهم كذلك أحيانا، وقد قيل : إنه لم يرهم فى أول الآمر ولم يحس بأنهم يستمعون القرآن منه ، والله هو الذى أخبره بأنهم يستمعون ، ثم بعد ذلك رآهم وكلمهم حين ذهب إليهم ، إمَّا على حقيقتهم وإما بأشكال أخرى، وذلك ممكن لغير النبى صلى الله عليه وسلم كما سبق ذكره فى رؤية أبى هريرة له وهو يريد أن يسرق من زكاة رمضان ، وروى البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : " إن عفريتا من الجن تفلَّت عل البارحة يريد أن يقطع علىَّ صلاتى ، فَذعْتُه - أى خنقته - وأردت أن أربطه فى سارية من سوارى المسجد، فذكرت قول أخى سليمان ، فأطلقته " وجاء فى رواية مسلم قوله " والله لولا دعوة أخى سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة " كما جاء فى رواية النسائى بإسناد جَيد أنه خنقه حتى وجد برد لسانه على يده .
7 - إن إبليس أقسم حين طرد من الجنة أن يُغوى الناس أجمعين إلا عباد الله المخلصين ، وقد حذرنا الله منه بمثل قوله تعالى { إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ، إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير } فاطر: 6 ، . وقوله تعالى { ألم أعهد إليكم يا بنى آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين } يس : 60 .
وثبت أن كل إنسان يُوَكَّل به شيطان يطلق عليه اسم القرين . ففى صحيح مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " ما منكم من أحد إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن " قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال " وإياى ، إلا أن الله أعاننى عليه فأسلم ، فلا يأمرنى إلا بخير " .
8- والشيطان كما يضر الأنسان بالإِغواء والفتنة، يمكنه أن يؤذيه بأى نوع من الأذى الحسى أو المعنوى ، شأن الإِنسان مع الإِنسان ، وإذا ثبت أن منهم الكافرين والمؤمنين ، وأن منهم الطائعين والعاصين ، كما جاء فى قوله تعالى { وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك } فإن العقل لا يحيل أن يؤذى الجن الإِنس بأى أذى ، وليس هناك دليل صحيح يحيل هذا الأذى ، فالجن قد سرق من الزكاة كما سبق وهو يشارك الإِنسان فى الطعام وغيره ، ولذلك حثنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نسَمِّى الله عند الأكَل وعند دخول البيت ، بل عند إرادة اللقاء مع الزوجة .
9-واتقاء شره فى الوسوسة يكون بمثل ما جاء فى قوله تعالى { وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم } الأعراف : 200 ، كما يستعان عليه بقوة الإِيمان بالله والمواظبة على العبادة والسلوك الحسن ، حتى يكون الإِنسان من عباد الله المخلصين ، الذين نجأهم الله من سلطان إبليس .
10 -والمسألة التى يسأل عنها كثيرا هى : هل يستطيع الجن أن يلبس جسم الإِنسان ويصيبه بما يسمى الصرع ؟ .
الجواب أنه لا يوجد دليل صحيح يمنع ذلك ، وقال بعض الناس : إن ذلك ممنوع ، لأن طبيعة الجن النارية لا يمكن أن تتصل بطببيعة الإِنس الترابية أو تلبسها وتعيش معها ، وإلا أحرقتها ، لكن هذا الاحتجاج مردود ، لأن الطبيعة الأولى للجن والإِنس ذهبت عنها بعض خصائصها ، بدليل الحديث السابق ، فى إمساك الرسول للعفريت وخنقه وإحساسه ببرد لعابه على يده ، ، فلو كانت طبيعة النار باقية لأصابت يده الشريفة صلى الله عليه وسلم ، ولاشتعل البيت والمكان والملابس نارا إذا أوى إليها الشيطان عندما لم يسم الإِنسان عند دخول البيت والأكل من الطعام .
وفى هذا يقول ابن القيم فى كتابه زاد المعاد فى " الطب " : الصرع ، صرعان ، صرع من الأرواح الأرضية الخبيثة ، وصرع من الأخلاط الرديئة ، والثانى هو الذى يتكلم فيه الأطباء ، فى سببه وعلاجه ، وأما صرع الأرواح فأثمتهم وعقلاؤهم يعترفون به ، ولا يدفعونه ، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية ، لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة ، فتدفع آثارها وتعارض أفعالها وتبطلها ، ثم يقول ابن القيم : لا ينكر هذا النوع من الصرع إلا من ليس له حظ وافر من معرفة الأسرار الروحية . وأورد بعض الحوادث التى حدثت أيام النبى صلى الله عليه وسلم وأثر قوة الروح وصدق العزيمة فى علاجها ، وأفاض فى النعى على من ينكرون ذلك


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


بث مباشر للمسجد الحرام بمكة المكرمة