الجمعة، 3 سبتمبر 2010

قصة الرجل الذي وجد الكنز في العقار الذي إشتراه



قصة الرجل الذي وجد الكنز من العقار الذي اشتراه

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا لَهُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةً فِيهَا ذَهَبٌ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الأَرْضَ وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ الذَّهَبَ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الأَرْضُ: إِنَّمَا بِعْتُكَ الأَرْضَ وَمَا فِيهَا، فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ؛ فَقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ: أَلَكُمَا وَلَدٌ؟ قَالَ أَحَدُهُمَا: لِي غُلامٌ. وَقَالَ الآخَرُ: لِي جَارِيَةٌ. قَالَ: أَنْكِحُوا الْغُلامَ الْجَارِيَةَ, وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا مِنْهُ, وَتَصَدَّقَا(1).

شرح المفردات(2):
(عَقَارًا): الْعَقَار فِي اللُّغَة الْمَنْزِل وَالضَّيْعَة وَخَصَّهُ بَعْضهمْ بِالنَّخْلِ, وَيُقَال لِلْمَتَاعِ النَّفِيس الَّذِي لِلْمَنْزِلِ عَقَار أَيْضًا.
(جَرَّة): أي: قدر.
(أَلَكُمَا وَلَد؟): بِفَتْحِ الْوَاو وَاللاَم, وَالْمُرَاد الْجِنْس, لأَنَّهُ يَسْتَحِيل أَنْ يَكُون لِلرَّجُلَيْنِ جَمِيعًا وَلَد وَاحِد, وَالْمَعْنَى أَلِكُلِّ مِنْكُمَا وَلَد؟
(فَقَالَ أَحَدهمْ لِي غُلام): بَيَّنَ فِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن بِشْر أَنَّ الَّذِي قَالَ لِي غُلاَم هُوَ الَّذِي اِشْتَرَى الْعَقَار.

شرح الحديث:
قال ابن حجر: وَالْحُكْم فِي شرعنا فِي مِثْل ذَلِكَ أَنَّ الْقَوْل قَوْل الْمُشْتَرِي وَأَنَّ الذَّهَب بَاقٍ عَلَى مِلْك الْبَائِع, وَيَحْتَمِل أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي صُورَة الْعَقْد بِأَنْ يَقُول الْمُشْتَرِي لَمْ يَقَع تَصْرِيح بِبَيْعِ الأَرْض وَمَا فِيهَا بَلْ يَبِيع الأَرْض خَاصَّة, وَالْبَائِع يَقُول وَقَعَ التَّصْرِيح بِذَلِكَ, وَالْحُكْم فِي هَذِهِ الصُّورَة أَنْ يَتَحَالَفَا وَيَسْتَرِدَّا الْمَبِيع وَهَذَا كُلّه بِنَاء عَلَى ظَاهِر اللَّفْظ أَنَّهُ وَجَدَ فِيهِ جَرَّة مِنْ ذَهَب, لَكِنْ فِي رِوَايَة إِسْحَاق بْن بِشْر أَنَّ الْمُشْتَرِي قَالَ إِنَّهُ اِشْتَرَى دَارًا فَعَمَّرَهَا فَوَجَدَ فِيهَا كَنْزًا, وَأَنَّ الْبَائِع قَالَ لَهُ لَمَّا دَعَاهُ إِلَى أَخْذه مَا دَفَنْت وَلاَ عَلِمْت , وَأَنَّهُمَا قَلاَ لِلْقَاضِي: اِبْعَثْ مَنْ يَقْبِضهُ وَتَضَعهُ حَيْثُ رَأَيْت, فَامْتَنَعَ, وَعَلَى هَذَا فَحُكْم هَذَا الْمَال حُكْم الرِّكَاز فِي هَذِهِ الشَّرِيعَة إِنْ عُرِفَ أَنَّهُ مِنْ دَفِين الْجَاهِلِيَّة, وَلاَ فَإِنْ عُرِفَ أَنَّهُ مِنْ دَفِين الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ لُقَطَة, وَإِنْ جُهِلَ فَحُكْمه حُكْم الْمَال الضَّائِع يُوضَع فِي بَيْت الْمَال, وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَكُنْ فِي شَرْعهمْ هَذَا التَّفْصِيل فَلِهَذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِمَا حَكَمَ بِهِ(3).

من فوائد الحديث:
1-   فضل الاستعفاف والقناعة والزهد فيما يشتبه فيه. 
2-   مشروعية الصلح والتسامح بين المتنازعين، وفضل ذلك، كما يظهر من ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لها.


 
(1)       صحيح البخاري، ح: (3472)، وصحيح مسلم، ح: (1721).
(2)       فتح الباري لابن حجر, 6/ 519.
(3)       المرجع السابق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


بث مباشر للمسجد الحرام بمكة المكرمة