"من أجل صِهْيَون لن نَلزم الصَّمت، ومن أجل القدس لن نَخلد إلى الراحة"؛ هيمان همفري.
هذه العبارة هي أول ما يستقبل القارئ لكتاب: "من أجل صهيون: التراث اليهودي - المسيحي في الثقافة الأمريكية"؛ للأستاذ الدكتور فؤاد شعبان، نشر دار الفكر: دمشق، 2000، 444 ص.
الدكتور فؤاد حاصل على دكتوراه في الأدب
الإنكليزي، وعَمِل محاضرًا في عدد من الجامعات العربية والأجنبيَّة، له
مؤلفات رائدة باللغتين العربية والإنكليزية، منها: "الإسلام والعرب في الفكر الأمريكي المبكِّر: جذور الاستشراق في أمريكا" (بالإنكليزية)، وكتابه هذا الذي أقدِّم له منشورٌ أيضًا بالإنكليزية "For Zion's Sake" (بلوتو برس: لندن، 2005).
يناقش الكتاب بعمقٍ وتدبرٍ الخطابَ
الأمريكي الديني والسياسي، ورؤيته للعالَمين العربي والإسلامي، والكثيرُ من
النصوص التي اقتبسَها المؤلف تعود إلى القرن السابع عشر والثامن عشر
والتاسع عشر.
الكتاب مؤلَّف من خمسة أبواب، تحت كلِّ باب عدة فصول:
1- الباب الأول: قبل أمريكا:
كريستوفر كولولمبس مكتشف القارة الأمريكية
كان لَدَيه هدف آخر بالإضافة إلى تحقيق الشهرة والثروة والسلطة، وهو ما
صرَّح به فيما كتَبه إلى ملك وملكة إسبانيا فرديناند وإيزابيلا، قائلاً
بأنه يريد أن يكتشفَ ممالكَ ومُدنًا جديدة يضمُّها إلى التاج الإسباني،
ويهدي شعوبها إلى الدين المسيحي، ثم يُجَنِّدها فيما سمَّاه "حرب الحياة أو الموت ضد إمبراطوريَّة محمد"، وأنَّ هدَفه النهائي هو استعادة الأراضي المقدَّسة، وخاصَّة القدس ومهْد المسيح؛ تمهيدًا لنزول مملكة الله على جبل صِهْيون،
وبهذا الهدف المُعلَن نجَح كولولمبس في إقناع ملك إسبانيا وملكتها في
تمويل رحلته، وكان كولولمبس على يقين لا يعترضه شكٌّ بأنَّ العناية الإلهية
لَم تُفارقه لحظة، وأنها اختارتْه لتحقيق نبوءات الإنجيل، وكان من عادته
أن يوقِّع اسمَه بصيغة متميزة، وهي كريستوفرنز، وتعني في اللاتينية "حامل المسيح"؛ يقول في مذكراته: "لقد زَرعتُ الصليب في كل مكان وَطئته قدماي؛ سواء في الجُزُر، أو القارات.
"هذا الحماس التبشيري جعَل بعض المؤرخين
يعدُّون كولومبوس من أوائل المبشِّرين المتطرِّفين، والمؤمنين بالتفسير
الحرفي للإنجيل، وخصوصًا النصوص النبوئيَّة المتعلقة بالأراضي المقدسة
الداعية إلى إنشاء مملكة الله على جبل صِهْيون.
ثم يتحدَّث المؤلِّف عن الأرضيَّة
التاريخيَّة للتراث اليهودي - المسيحي، التي دَعَّمتها وقوَّتها حركةُ
مارتن لوثر الإصلاحيَّة البروتستانتيَّة في أوائل القرن السادس عشر،
والمذاهبُ الفرعيَّة المنبثقة عنها كالكالفينية والأنكليكانية، ومنها جماعة
الطهوريين التي ازْدَهَرت في أمريكا وأرادَت تطهير كنيسة إنكلترا من بقايا
الكاثوليكيَّة؛ ولذا سُمِّيت بـ"الطهوريين"؛ حيث تطرَّفت نحو اليمين من المذهب البروتستانتي.
خَصَّت هذه الجماعةُ العهدَ القديم بمكانة
تكاد تَفوق مكانة العهد الجديد، وكان تأثير الطهوريين كبيرًا على الفكر
الديني في أمريكا؛ لأنهم كانوا من أوائل المستوطنين في الشمال الشرقي من
أمريكا الشمالية.
وعلى قاعدة التزاوج بين المسيحية واليهودية التي متَّنتها جماعةُ الطهوريين، نشأ ما يُسمَّى بـ"المسيحية الغربية"، أو "التراث اليهودي - المسيحي"، أو كما يُسمِّيه اليمين المسيحي المتطرِّف في أمريكا: "الصِّهْيَونيَّة المسيحية"،
وهذه المسيحيَّة الغربية مؤسَّسة غربية المنشأ والتطور، وكما قال بعض
المفكرين: إن الغرب قد اختَطَف المسيحية، وعَمِل فيها تشويهًا وتحريفًا عبر
القرون؛ لكي تستجيب لظروفه وأطماعه الآنيَّة والمستقبلية.
2- الباب الثاني: أمريكا والتراث اليهودي - المسيحي:
كان للفكر الطهوري تأثير قوي ومستمر في
أمريكا؛ حيث وضعَ الأُسسَ الدِّينية، وشكَّل الميولَ الفكرية السائدة في
جميع الولايات الأمريكية، والطهوريون جماعة تنتمي إلى الحركة
البروتستانتيَّة، هاجَرَت من أوروبا - خاصة إنكلترا - واستَوْطَنت العالَم
الجديد..
هناك خمسة أفكار ومفاهيم وَرِثها الأمريكيون عن الطهوريين:
• الاعتقاد بوجود خُطَّة إلهيَّة شاملة للعالَم، وأنَّ أمريكا كانت منذ البداية موجودة في عقل الله لأهداف محدَّدة منذ بداية الخَلْق.
•
الاعتقاد بأنَّ هؤلاء الطهوريين قد اختارتْهم العناية الإلهية؛ للهرب من
العالم القديم الفاسد، وإنشاء مملكة الله في الأرض، وهم يُشبِّهون أنفسهم
بقبائل إسرائيل في هروبها من مصر إلى أرض كنعان.
• اعتقاد الطهوريين بأنهم في عهد مع الله، وأنهم شُركاء في تنفيذ المهمة التي حدَّدها الله لهم.
• الاعتقاد بأنَّ هذا العهد ينطوي على مهمة جليلة ألا وهي تنوير سائر أهل الأرض، وانتشالهم من الجهل والظلام.
• الاعتقاد بأنَّ هذا العهد جعَل الشعب الأمريكي مجتمعًا دينيًّا، يتمثَّل كنيسة القديسين الأرضيَّة.
وتصور أمريكا أنها منارة الحضارة وأمان العالَم و"المدينة على الجبل"،
وهذا تعبير مأخوذ من النصوص المقدَّسة، يُقصَد به مدينة القدس، وخصوصًا
القدس الجديدة على تَلَّة صِهْيون التي سوف يحكم منها المسيحُ مملكته
الألفيَّة الأرضيَّة، ويوجد في أمريكا على الأقل اثنتا عشرة مدينةً تحمل
اسم الخليل Hebron، وست مدن تحمل اسم "بيت لحم".
ويتحدَّث المؤلِّف عن النشأة العجيبة لمذهب "المورمون"
في القرن التاسع عشر والأساطير التي يتَّكئ عليها أتْباع هذا المذهب، الذي
يُعَدُّ - وَفقًا للإحصائيات - من أكثر المذاهب ازديادًا في أمريكا، وكتاب
المورمون - وهو إنجيلهم الخاص بهم - المطبوع عام 1830 خليطٌ غريب من نصوص
العهد القديم والأساطير الشعبية، والمعتقدات المعاصرة الرائجة، ومِن رَحِمِ
هذه الاعتقادات الدينية المتحمسة، المؤمنة بالنبوءات وتفسيرها الحرفي،
وُلِدَ اهتمامٌ لا نظيرَ له باليهود، وبمكانتهم المقدسة عند الله، وفي خُطَّته للكون، وبوجوب عودتهم إلى أرْضهم الشرعيَّة: أرض الميعاد.
3- الباب الثالث: الدين في أمريكا:
بالرغم من أن الدستور الأمريكي يمنع
اعتمادَ الدولة دينًا معيَّنًا، ويمنع تداخل صلاحيات الكنيسة والدولة، فإن
الدين يتبوَّأ مكانةً سامية في نفوس الأمريكيين، على اختلاف طبقاتهم
ومشاربهم.
وقد اتَّفق كثيرٌ من المؤرخين والمفكرين الأمريكيين على وجود ما يسمَّى بـ"الدين المدني"،
بوصفه مِظَلَّةً تحتوي على اعتقادات واحدة لا تنتمي إلى مذهب بعينه أو
كنيسة محدَّدة، ومن الخطأ أن يظنَّ أنَّ وضْعَ الدين في أوروبا كوضعه في
أمريكا، وكما يقول أليكسيس دي توكفيل: "ليس هناك دولة في العالَم يُمارس
فيها الدين المسيحي تأثيرًا ونفوذًا على نفوس الناس أكثر من أمريكا"، وفي
الأمثلة الآتية تأكيد لهذه الحقيقة.
•
في 28/1/ 1986 انفجَرَت سفينة الفضاء الأمريكية تشالنجر، وكانت صدمة كبيرة
للأمريكيين، فسارَع رونالد ريغان إلى توجيه خطاب إلى الشعب، وكان من جملة
ما قال عن الرُّواد: "انفَلَتوا من قيود الأرض الدنيئة، وصَعدوا إلى حيث يلامسون وجه الله".
•
وفي حادثة مشابهة في 1/ 2/ 2003 حين تناثَرت أجزاء مكوك الفضاء كولومبيا،
وفقَدَت أمريكا ستة رُواد فضاء، خرَج جورج بوش الابن وألْقَى خطابًا يعزِّي
فيه شعبَه، وكان من جملة خطابه نصٌّ مقتبسٌ من سفر إشعياء عن صعود
المؤمنين إلى السماء؛ لملاقاة الله.
•
في 2001 أُقيم حفل أمام مبني الكابيتول في واشنطن، حفل تنصيب جورج بوش
الابن رئيسًا لأمريكا، وفي اليوم التالي أُقيم في الكاتدرائية الوطنية
قُدَّاسٌ وصلاة بهذه المناسبة، ألْقَى الموعظةَ الدينية القسُّ المعمداني
فرانكلن غراهام، شبَّه هذا القسُّ حفلَ تنصيب بوش بتنصيب الله داودَ ملكًا
على قبائل إسرائيل في مدينة إبراهيم الخليل، ولا ينسى غراهام أن يُذكِّر
الحضور بأن أعداءَ إسرائيل هم أعداءُ الله، وأنَّ أحبَّاء إسرائيل هم
أحبَّاء الله.
•
للكنائس في أمريكا دورٌ مهمٌّ في انتخابات رئاسة الجمهورية؛ حيث تتحوَّل
إلى مراكز حملات انتخابيَّة للمرشحين، وقادة اليمين المسيحي، مثل: جيري
فالويل، وبات روبرتسون، لهم تأثير لا يُنكَر في هذا المجال، ففي الحملة
الانتخابيَّة للرئاسة عام 1980 مَنَح فالويل الدعم الكامل لرونالد ريغان.
ومع الدين كان هناك عامل في غاية
الأهميَّة وهو إسرائيل؛ فقد حرَص جميعُ المرشحين على الظهور في المحافل
اليهودية وأنشطتها، وعلى دعم قضية إسرائيل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً،
وهذا ما يجده المطلع على تصريحات ومواقف رونالد ريغان، وجورج بوش الأب
والابن، وبيل كلنتون، وجيمي كارتر، وليندن جونسون، وهاري ترومان، وغيرهم.
ثم يحدِّثنا المؤلف عن مصطلح "اليمين المسيحي" الذي ظهَر بصورة ملحوظة في العقد الثاني من القرن العشرين، مع أنَّ جذوره ترجع إلى البدايات الدينية للفكر الطهوري.
و"اليمين المسيحي"
هو التعبير العام الذي يُطلق على جميع المسيحيين المتطرِّفين في التعبير
عن آرائهم، وفي سلوكهم حيال القضايا السياسية والاجتماعية الداخلية، وحيال
قضايا السياسة والعلاقات الخارجيَّة، وخاصةً ما يتعلَّق منها بإسرائيل
والنزاع العربي الإسرائيلي، ومن الجدير بالذِّكر أنَّ هذا التعبير لا يُشير
إلى منظمة أو مجموعة معيَّنة، ولا إلى مذهب أو كنيسة بعينها، بل هو صفة
تُطلق على اتجاه دينيٍّ موجود في الحياة الأمريكية منذ بداية المجتمع
الأمريكي، وهكذا فتعبير "اليمين المسيحي" ليس مرادفًا لتعابير "الأصوليين" أو "الإيفانجيليين"،
أو غيرهما، مع أنه هو المِظَلَّة العريضة التي تضمُّ كلَّ هذه المؤسسات
والمنظمات، وهو بالتالي يضم أيضًا أعدادًا كبيرة من الأمريكيين الذي يؤمنون
بمبادئ المسيحية المتطرِّفة دون أن ينتموا إلى أيٍّ من هذه المجموعات
المنظمة، ويذكر المؤلف أيضًا أن ما يُميِّز اليمين المسيحي المتطرِّف بمعظم
فئاته أنه ظهَر في الأوساط البروتستانتيَّة خاصةً، وأنَّ المبادئ التي
يؤمِن بها اليمين المسيحي، يُمكن أن تتلخص فيما يأتي:
• عصمة الإنجيل بعَهْدَيه القديم والجديد.
• كل حرف كتبَه مؤلفو الإنجيل بجميع أجزائه وأسفاره، هو وحيٌ من الله أو الرُّوح القُدس الذي حلَّ فيهم.
• القراءة الحرفية للإنجيل، ودقة النبوءات المقدَّسة بكلِّ تفاصيلها.
• تحقيق جميع النبوءات على الأرض.
• حتميَّة الصراع بين قوى الخير (جيش المسيح)، وقوى الشر (جيش الشيطان)، وانتصار الخير في معركة "مجيدو".
هذه المبادئ كلها تجمعها الحتميَّةُ
التاريخيَّة ضمن إطار من التدبيريَّة القدريَّة، تكشف القراءةُ الحرفية
للإنجيل عن خُطَّة إلهية للكون من بَدء الخليقة حتى نهاية الزمان، الخُطَّة
الإلهية أيضًا - وحسب هذه التفسيرات - تُقَسِّم البشرية إلى الشعب المختار
وهو اليهود، وسائر الأُمم.
من أشهر قادة اليمين المسيحي: جيري
فالويل، صاحب إمبراطورية أصولية تكاد تكون بثروتها ونفوذها من أكبر
الإمبراطوريات الفرديَّة سيطرةً وقوة في العالم.
بيلي غراهام، وهو أكثر القادة المسيحيين اليمينيين شعبية وتأثيرًا، وهو زعيم منظمة "مؤتمر المعمدانيين الجنوبي"
الذي يضمُّ في عضويَّته ما يقرب من 16 مليون شخص، مواعظه التي تُنْقَل عن
طريق البث المباشر تَصِل إلى أكثر من 210 مليون شخص في 185 دولة.
بات روبرتسون زعيم ديني يميني مشهور، أنشأ عدة مؤسَّسات إعلامية أكبرها "الشبكة التلفازية - الإذاعية المسيحيَّة"،
وهو يدعم إسرائيل دعمًا غير محدود، وفي عام 1982 رافَق روبرتسون الجيشَ
الإسرائيلي في غزو لبنان، وقال: إن تلك الحرب تحقيق لإرادة الله، مستشهدًا
على ذلك ببعض النصوص المقدَّسة.
جون هاجي: داعية ديني متطرِّف، ومن
الزعماء الأصوليين في أمريكا، أصدر عددًا من الكتب والمئات من المواعظ
والمقالات في مجال نبوءات الساعة، ويعتقد أنَّ اليهود يتمتعون بعلاقة خاصة
مع الله؛ نتيجة العهد الذي أعطاهم إياه؛ ولذا فهم حَصَلوا مسبقًا على
الخلاص والرحمة - ولو لَم يؤمنوا بالمسيح.
هال ليندزي: هو أكثر العاملين - في مجال تجارة النبوءات وآخر الزمان - إثارةً وشهرة في التاريخ المعاصر.
4- الباب الرابع: أمريكا وتوقُّعات آخر الزمان:
يقول ريتشارد لاندر: "سقَطَت أمريكا منذ ولادتها في حلة الألفيَّة، ولَم تخرج منها قطُّ"، تعبير الألفيَّة (Millennium)
لاتيني بمعنى: ألف، وتعني في الفكر الديني المسيحي الغربي فترة ألف عام
تأتي في نهاية الزمان، يحكم فيها المسيحُ مملكتَه الأرضية عند مجيئه
الثاني، وفي الواقع أنَّ تاريخ الغرب مليء بالفترات التي زادَت فيها
الحركات المؤمنة بالنبوءات، والأمر اللافت للنظر فيها هو جعْلُ اليهود في
مركز هذه النبوءات، وهناك ثلاثة أشخاص كان لهم أثَرٌ كبير في الاتجاه الذي
اتَّخذته الأفكار الألفيَّة، وفي ترويجها في أمريكا بوجه خاص؛ هم سايروس
سكوفيلد (توفي 1921) صاحب الكتاب الشهير: "مرجع الإنجيل"،
الذي شرَح فيه عقيدة التدبير الإلهي للكون والنبوءات المقدَّسة، وخطورة
هذا الكتاب تكمن في أن سكوفيلد وضَع شروحه لنصوص الإنجيل وكأنها جزءٌ أساسي
من النصوص، وويليم بلاكستون (ت 1935) الذي كان أوَّل شخص يقول بعدم
التبشير بين اليهود؛ لأنهم سوف يأتون إلى مملكة المسيح تلقائيًّا، ولأنهم
حاصلون على الخلاص نتيجة لعهد الله لإبراهيم، وجون داربي (ت 1882) الذي
تأثَّر به معظم قادة اليمين المسيحي في القرن العشرين، ويشار - وفقًا لعددٍ
من استطلاعات الرأي - أنَّ الاعتقاد بنبوءات الإنجيل منتشرٌ انتشارًا
كبيرًا بين الأمريكيين.
ثم يتحدَّث المؤلف عن الجدال حول القراءة
الحرفية للإنجيل، وأنَّ هناك عددًا كبيرًا من الباحثين الأمريكيين وغيرهم
لا يعتقدون بصحة هذه النبوءات، وبأن الأصوليين المسيحيين واليهود قد
استغلوها خدمةً لأطماع سياسية؛ يقول الدكتور ج. كالفن كين، الرئيس السابق
لقسم الدراسات الدينية في جامعة سانت لورنس في نيويورك: "إن النصوص
الكتابية التي تَرِد فيها هذه النبوءات المفترَضة قليلةٌ جدًّا، كما أنَّ
نظرةً فاحصة لها تدلُّ على أنها؛ إما غامضة جدًّا في دَلالاتها، وبالتالي
غير مقنعة، أو أنها نبوءات لأحداث وقعَت بالفعل بعد كتابتها بوقتٍ قصير، أو
أنها انتُزِعتْ من سياقها وأُعْطيِت دَلالاتٍ ليست واردة أبدًا في ذلك
السياق".
وعمَّا يسمى بـ"خُطة الله للدهر"
يَذكر المؤلف أنَّ المؤمنين بالنبوءات المستقاة من بعض نصوص أسفار العهدين
القديم والجديد، يرون أنَّ الله وضَع خُطة سوف يتحقَّق فيها الفصل الأخير
من هذا الكون، وأنَّ الله قد وضَع خُطَّتَه للكون وَفقًا لعلاقته بإسرائيل،
والأحداث الأخيرة في خُطَّة الله هي كالآتي:
1-
الحدث الرئيسي الارتقاء؛ حيث يظهر المسيح في الغيوم، فيَصعد المؤمنون به
إلى السماء: الأموات فالأحياء، وهؤلاء هم المؤمنون بالمسيح الذين وعدَ
المسيحُ أن يعود فيَظهر في الغيوم؛ لكي يأخذَهم إلى نفسه.
2-
الحَدَث الرئيسي الثاني: هو المحنة الكبرى، وهي فترة تمتد سبع سنوات يحكم
أثناءَها المسيحُ الدجَّال العالَم من الهيكل في القدس، وتحدث في هذه
الفترة آلامٌ ومُعاناة ومآسٍ كثيرة، وفي آخر المحنة يأتي المسيح في مجده أو
جلاله ويقود جيش القدِّيسين والمؤمنين، ويَهزم جيوش الشيطان: جيوش الشر
والمسيح الدجال، في معركة "مجيدو"(Armageddon) في فلسطين قرب حيفا.
3-
ثم بعد ذلك تبدأ الفترة الألفيَّة، وهي فترة ألف عام يحكم خلالها المسيحُ
العالَم من الهيكل؛ حيث يقعد على العرش، ويسود العالَمَ السلامُ والمودَّة.
5- الباب الخامس: الملاحق.
في هذا الفصل الأخير يضع المؤلف ثلاثة ملاحق: ملحق لشرْح التعابير المستعملة في هذا الموضوع، وهذا الملحق في غاية الأهميَّة.
وملحق للنبوءات والإنجيل، فيه تعريف مختصر
لبعض أسفار الإنجيل ذات الصلة الوثيقة بموضوع النبوءات التي تَرفِد التراث
اليهودي - المسيحي في الغرب، وملحق فيه أمثلة قليلة عن الألفية والنبوءات
حول نهاية الزمان ومَجيء المسيح.
وبعد فهذا الكتاب يسدُّ ثغرةً كبيرة في
الموضوع الذي تطرَّق إليه، وأنَّ كلَّ معنيٍّ بالصراع بين الإسرائيليين
والعرب عامَّة والفلسطينيين خاصةً، جديرٌ به أن يكون هذا الكتاب ضمن
اهتماماته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق