الجمعة، 3 سبتمبر 2010

هل كان الجن يسترق السمع ؟ وهل نتخذ من الجن حرسا ؟

استراق الجن للسمع


المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
القرآن الكريم وعلومه/التفسير الموضوعي
التاريخ 17/04/1427هـ
السؤال
سؤالي بخصوص قوله تعالى في سورة الجن "وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا" بحسب ما فهمته منها فإن الجن كانوا يسترقون السمع من السماء، وبهذا تمكنهم مساعدة العرافين وإخبارهم بالغيب.
وبعد بعثة رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- لم يقدر الجن على سرقة أي معلومات من السماء، لكل من قراءتي لتفسير ابن كثير فهمتُ أن الجن قد حجبوا وقت تنزيل القرآن حماية له، ثم أخلي عنهم بعد ذلك، ويمكنهم الآن سماع ما يدور في السماء كما كان الوضع قبل نزول القرآن. فهل فهمي صحيح؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قال الله تعالى: "وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ" [الحجر:16-18].
وقال تعالى: "إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإٍ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ" [الصافات:6-10].

ففي هذه الآيات دلالة على أن السماء محفوظة محروسة من الشياطين، فلا ينفذون منها ولا ينالون منها شيئاً، إلا ما يخطفه مسترق السمع من كلام الملائكة مما أوحى الله به، وتكلم به، فيصيب الملائكة من ذلك الغشي، فإذا أفاقوا تساءلوا عما قال الله، فيخبرون بذلك كما قال تعالى: "حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ" [سبأ:23].
ومسترق السمع إذا سمع شيئاً من كلام الملائكة ألقاه إلى من تحته، ثم يلقيه الآخر إلى من تحته، إلى أن تبلغ الكاهن، ولابد أن يرمى مسترق السمع بالشهاب المحرق، فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقي الكلمة، وربما ألقاها قبل أن يدركه، كما ثبت في صحيح البخاري (4800) عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: قال: إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله، كأنه سلسلة على صفوان، فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال: الحق وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترق السمع، ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض -ووصف سفيان (أحد رواة الحديث) بكفه فحرفها، وبدد بين أصابعه- فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته، ثم يلقيها الآخر إلى من تحته، حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن، فربما أدرك الشهابُ قبل أن يلقيها، وربما ألقاها قبل أن يدركه، فيكذبُ معها مائة كذبة، فيقال: أليس قد قال لنا: يوم كذا وكذا، كذا وكذا، فَيُصَدَّقُ بتلك الكلمة التي سمع من السماء".
وأما قوله تعالى : "وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا " [الجن:8-9].

فهذا خبر من الله عن الجن أنهم قالوا ذلك، وكلامهم هذا يدل على أنهم كانوا أولاً يتمكنون من الاستماع، ثم حيل بينهم وبين ذلك بسبب تشديد الحراسة على السماء، ومضاعفة الرمي بالشهب، وذلك عندما يوحى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حفظاً للوحي من أن تدرك الشياطين شيئاً منه، أو تخطف منه كلمة، وهذا الأمر مختص بوقت نزول القرآن مدة حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن حجب الشياطين عن استراق السمع مستمر، فهم الآن لا يستطيعون أن يقتربوا من السماء، وأن يسترقوا شيئا من كلام الملائكة.
وقال بعض العلماء: إن عزل الشياطين عن قربان السماء واستراق السمع مختص بوقت نزول الوحي على النبي -صلى الله عليه وسلم- صيانة وحفظا لما كان ينزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- من الكتاب والحكمة، ولما انقطع الوحي بوفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- عاد الأمر إلى ما كان عليه. وهذا والله أعلم- أظهر، وهو الذي ذكرته عن الإمام ابن كثير رحمه الله. والله أعلم.



اتخاذ حرس من الجن!
المجيب محمد الصادق مغلس المراني
قاضي في وزارة العدل اليمنية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 16/11/1426هـ
السؤال
هل يحق لي أن أتخذ من الجن مرافقين وحرساً لي ولأسرتي؟ مع العلم أنني أعاني الكثير منهم، ومن الذين يرسلونهم إليَّ ليخربوا عليَّ حياتي، ويخيفوا أسرتي، ويتجسسوا على عملي، فحتى قراءه القرآن أصبحت صعبة، والصلاة أيضاً أصبحت صعبة، فهم لا يحبون هذه الأشياء، ولا يكادون يفارقوني، أفتوني أثابكم الله.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاتخاذ حرس من الجن معناه الاستسلام لهم والاعتقاد فيهم وهذه فتنة، وهذا يزيد من تسلطهم على الإنسان، قال تعالى: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً" [الجن:6]، ولا يجوز الاطمئنان إلى الجن، فهم يخادعون الإنس كثيراً مستغلين عدم رؤيتهم لهم، حتى لو زعموا أنهم صالحون؛ لأنه يصعب التأكد من صدقهم وعدالتهم، لا سيما وعندهم قدرة على التمثيل والتشكل، ومما يدل على عدم عدالتهم تقربهم من الإنس ومحاولة الاختلاط بهم.
ولو كان في مخالطتهم خير لفعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والسلف الصالح، ولم يثبت أن أحداً منهم خالط الجن، بل جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- خطاً لابن مسعود ومنعه من تجاوزه في الليلة التي قابل فيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- الجن، وهذا الخط معناه منع التعامل مع الجن؛ سداً لذرائع الافتتان بهم، وإيقافاً لأضرارهم وتحكمهم في البشر.
ومن يزعم أنه يمكن أن يتحكم فيهم فهو كاذب؛ لأن الله لم يجعل ذلك لأحد غير سليمان صلى الله عليه وسلم.
وعندما يؤذوا الإنسان فليطردهم بالذكر والقرآن ومن ذلك المعوذتان، فإن عجز هو فليجعل من أصحاب الخبرة من يرقيه، قال الله تعالى: "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا" [النحل:98]، وقال تعالى: "إن كيد الشيطان كان ضعيفاً" [النساء:76]. والله الموفق.








اتهامات بشهادة الجن


المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ 15/05/1427هـ
السؤال
أنا رجل متزوج ولي أخت أصيبت بما يشبه الصرع، ونطق عليها الجن، وقال: إن زوجتي هي التي أرسلته إلى أختي! علماً أني أنا وزوجتي ملتزمان -ولله الحمد- وأمي تطلب منى طلاق زوجتي، وإلا فستقتلها؛ لأن الجن قال: إن زوجتي هي التي تقوم بعمل السحر، وقد سحرتني، لكي تجعلني أقسو على أخوتي وأمي، وسحرت أختي لكي لا تتزوج، وكلام كثير آخر، المهم إن أمي مقتنعة تمامًا بكلام الجن وتصدق ما يقول، فماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن وآله، وبعد:
فإن تصديق والدتك لادعاء الجن تعمد زوجتك إيذاء أختك دون بينة، مصيبة كبيرة، وفرية عظيمة، إذ لا يجوز للمسلم أن يتهم أحداً بمجرد دعوى ليس عليها بينة قاطعة؛ فإن هذا باب شر عظيم؛ فعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" متفق عليه صحيح البخاري (4552)، وصحيح مسلم (1711). وهذا إذا كان المدعي من الإنس، يشاهد، ويعرف، ويمكن أن يؤاخذ إذا تبين كذبه، فكيف إذا كان غير معروف، ولا مشاهد، ومن طائفة يكثر بين أفرادها الكذب، وتعمد إيذاء الناس، والتفريق بينهم، كالجن والشياطين؛ وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذبهم، كما ثبت من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بقوله: "صدقك وهو كذوب" أخرجه البخاري (3275) وغيره.
فلتتق الله أمك، ولا تلتفت لمثل هذا الاتهام الخطير، ولا تتعرض لزوجتك بسوء لمجرد هذه الدعوى الواهية؛ قال تعالى: "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً" [الأحزاب:58]. أسأل الله أن يصلح أحوالكم، وأن يشفي أختك وجميع مرضى المسلمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.








مراجع الموضوع الباحث : طه كمال الأزهري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


بث مباشر للمسجد الحرام بمكة المكرمة