إذا كنت ترغب في الزواج ولا تمتلك إمكانيات مادية , إذا كنت قد تجاوزت السن وتخشى أن " يفوتك القطار ".. هل تملكتك رغبة متوحشة والكبت يطاردك ؟ هل تعاني من ارتفاع " المهور " ومغالاة الاباء في متطلباتهم ؟ هل " زهقت " من رغبة " خطيبتك " في امتلاك وشراء كل شيء؟ ..
الاجابات على هذه التساؤلات هي حلول وضعتها الصين لترغيب الشباب في الزواج من صينيات , لتثبت للجميع انها تستطيع توفير كل ما يحتاجه العالم , وانها لا تعرف المستحيل..
فقد انتشرت في الفترة الاخيرة بعض الاعلانات على شبكة الانترنت للترويج لعرائس صينية بمواصفات جيدة وباسعار زهيدة وبدون شروط و متطلبات , تلعب على وتر الازمة التي يعانيها الشباب في الزواج , وتخاطب الغريزة لديهم , رافعة شعار " تزوج باقل التكاليف وبالمواصفات التي تريدها "..
فكرة غريبة على المجتمع المصري , ولكنها ليست غريبة على مجتمع رأسمالي (الصين ) هدفه الاول السيطرة على اسواق الشرق الاوسط وامتلاك زمام التجارة والصناعة فيها.
ولكن هل هناك خطوة من انتشار هذه العرائس ؟ وهل شبابنا سينخرط في هذا التيار ليصبح المجتمع " هجين " وخليط بين الفرعون المصري و النمر الاسيوي ؟ وكيف سيصبح مستقبل الاجيال القادمة في حالة " التطبيع " المصري الصيني ؟
استطلعنا اراء الخبراء عما قد يحدث في المجتمع في حالة انتشار هذه الفكرة وتطبيقها , وتأثيرها على العنوسة في مصر , وطرح عليهم تساؤل " هل تصبح الزوجة الصينية هي الحل لازمة الزواج في مصر؟
فهل تسطيع العروسة الصينية ان توقف قطار العنوسة بالنسبة للشباب ؟ هل هي نوع من الغزو الاقتصادي الجديد تحاول من خلاله الصين التي تعتبر اكبر دولة صناعية وتجارية في العالم , اختراق الاقتصاد المصري ؟ بعد ان فشلت في اغراق الاسواق المصرية بغشاء البكارة الصيني , وهو سلعة مرفوضة دينيا واخلاقيا ومجتمعيا , وتساعد على نشر الذيلة , ام انه نوع من الاحتلال لفرض سيطرة منتجات " صنع في الصين " ؟
فبعد ان انتشر شباب وفتيات من الصين حاملين فوق اكتافهم بضائع صينية يجوبوا بها القرى والنجوع في محافظات مصر , ومن خلال احتكاكهم بالشباب وتعاملهم مع الفتيات من خلال عمليات البيع والشراء , اكتشفوا ان مشكلة الزواج هي الشاغل الاول الذي يؤرق عدد كبير من الشباب المصري , وانهم يعانون الكبت , بسبب تأخر سن الزواج لظروفهم الاقتصادية الصعبة , وبسبب مغالاة الاسر المصرية والفتيات ايضا في متطلباتهم , مما يجعل الكثيرين غير قادرين على الزواج , فقرروا توفير عروسة صينية لكل شاب مصري , فرفعوا شعار عروسة صينية لاتكلفك سوى 1500 جنيه .
ناقوس الخطر
ففي ظل الهيمنة الصينية التي تخيم على حياتنا وأسواقنا ومنتجاتنا التي اصبح جميعها مصنوع في الصين , فهل جاء يوم الذي تقوم الصين بتصدير عرائس صينيات للمواطنين لتوفر للشباب في بلدنا مصاريف الزواج من شبكة ومهر وبيت وحفل زفاف.
فهل تقضي العروسة الصيني على " سوق " البنات في مصر وتزيد من معدلات العنوسة بين الفتيات التي هي في ارتفاع دائم ؟ ..
فقد انتشرت في الفترة الاخيرة بعض الكليبات التي تروج للزوجة الصينية ومميزاتها لترغيب الشباب في الارتباط بالصينيات , ويلعب الكليب على وتر العنوسة وتأخر سن الزواج , وعلى رغبات الشباب وشهواتهم التي تملكت منهم خاصة مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشعها البلاد , حيث يبدأ الكليب بأسئلة عما إذا كنت تشعر برغبة في الزواج وظروفك لا تسمح؟.. أو أن العمر قد مضى وتشعر أنك قد كبرت في السن ومازلت تبحث عن بنت الحلال ولم تجدها ؟
بعدها يبدأ المتحدث في شرح مميزات الزوجة الصينية في أنها قليلة الكلام وقليلة الأكل، فتوفر في الطعام وأيضاً قليلة الحجم وبالتالي لا تأخذ حيزاً في الشقة لو كانت ضيقة، وبالتالي فإنك لن تهتم بإقامة عرس أو الحصول على شبكة بآلاف الجنيهات؛ لأنهم في الصين لا يهتمون بالذهب أو المال ولا تحصل على نفقة عند طلاقها وليس لها أهل سيأتون لزيارتها فبالتالي ستتخلص من حماتك ومشاكلها , مما يعني ان الزوجة الصينية سلعة جيدة و " بيعة وكلها منافع " !
كما انتشرت على صفحات الفيس بوك إعلانات عن دخول العروسة الصينية لمصر لسد حاجة الشباب غير القادرعلى متطلبات الزواج بأقل تكلفة ممكنة، حيث تصل العروسة بـ"الدليفرى" حتى باب المنزل بتكلفة تتراوح من 1200 جنيه حتى 1500 جنيه فقط.
وذكرت الإعلانات إن الزوج يستطيع أن يختار مواصفات العروسة الصينية من حيث الشكل والقدرات، مع العلم أن جميع العرائس الصينيات يجدن فنون الطهى والأعمال المنزلية المختلفة، وغالباً ما يكون حجم العروسة صغير وقصيرة للتوفير على زوج المستقبل عند شراء الملابس.
كما وضعت الاعلانات عبارات لجذب الشباب من خلال وضع مميزات الزوجة الصينية بانها لا تشترط سناً معيناً للزوج، كما أنها تقبل بأى رجل، وذلك لأنها زوجة مثالية ومطيعة ولا تناقش زوجها فى أى شئ كما أن صوتها لا يعلو ولا تنطق إلا بأمر من زوجها على خلاف الزوجة المصرية التى تشتهر بارتفاع نبرة صوتها وبغضبها المتكرر، بسبب وبدون سبب، كذلك لا تشترط الصينية شبكة ولا مهر ولا شقة ولا فرح .
هذه الفكرة الغريبة تدق ناقوس الخطر في المجتمع المصري , فقد استغلت الصين ازمة الزواج في مصر وارتفاع نسبة العنوسة وتحاول ادخال الزوجة الصينية بمواصفات تجعل كل شاب قادر على الزواج باحداهن , مع ترحيب الشباب بالفكرة.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة , ومع تفاقم ازمة الزواج في مصر , فان النتيجة ستكون مجتمع متفكك , تنهار فيه القيم , وتزداد فيه نسبة العنوسة , بالتالي تكثر حالات الانتحار بين الفتيات المصريات.
ففي أخر إحصائية صادرة عن المركز القومي للسموم اكدت إقدام 2700 فتاة مصرية على الانتحار كل عام بسبب العنوسة.
وكشفت دراسة حديثة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن نسبة غير المتزوجين من الشباب من الجنسين بلغت بشكل عام حوالي 30%، وبالتحديد 7. 29% للذكور و4. 28% للإناث .
ترحيب واستنكار
رحب عدد كبير من الشباب بفكرة الزواج من عروسة صينية رافعين شعار " التغير مطلوب " واعتبروا انها ستكون سببا في " خفض " اسعار وتكاليف الزواج في مصر , واكدوا ن الاباء سيدقون ناقوس الخطر من عدم الاقبال والطلب على بناتهم مما يجعلهم عرضة للعنوسة , فتكون النتيجة التيسير في المهر والشبكة وغيرها من متطلبات الزواج ..
يقول محمد نشأت - طالب - ان العروسة الصينية هي فكرة جيدة لحل ازمة الزواج في مصر , فالشاب عندما يتخرج من الجامعة يظل يبحث عن عمل وان وجد , فإن عائده يكفيه بالكاد , مما يجعل العمر يتقدم به ولا يستطيع الزواج , وعندما تتيسر اوضاعه ويفكر في التقدم للزواج من احدى الفتيات يصطدم بواقع مرير ممتلئ بالمتطلبات والمغالاة في الاحتياجات , ويجد الفتاة التي تقدم لزواجها تضع شروطها التي تعتبر " تعجيزية " بالنسبة للكثيرين , اما الزوجة الصينية فهي غير مكلفة , وليس لديها اي شروط واية متطلبات , كما انها قليلة استهلاك الطعام , ولديها رغبة ان تعيش في اي مكان .
ويحذر احمد جمال - حاصل على بكالريوس تجارة - الفتيات المصريات من هذا الغزو الصيني الذي سيقلل من فرص زواجهن , ويجعل العنوسة شبح "عملاق " يطاردهن , والسبب في ذلك " المظهرية " الكاذبة التي تملأ حياة معظم الفتيات ,قائلا "خلي البنات تخلل فى البيوت علشان اهلهم بيشرطوا ..
وسيد علي تخرج من الجامعة منذ 5 سنوات وعمل مدرسا باحدى المدارس الخاصة , فله تجارب كثيرة في الإقدام على الزواج وفشلت جميعها , فمرتبه لا يتجاوز 500 جنيه واستطاع بمساعدة والده ان يجد شقة صغيرة مكونة من غرفتين وصالة , وكلما تقدم " لخطبة " فتاة انهالت عليه " سيل " من الشروط والمتطلبات , ويبدي " سيد " رغبته الشديدة في الزواج من فتاة صينية ما دامت لا تغالي في الشروط , وهذا يمثل صفعة كبيرة لاغلب الفتيات المصريات " المتعجرفات " .
اما شيماء صادق - طالبة - فعبرت عن استيائها الشديد مما اسماه البعض العروسة الصيني مؤكدة انها فكرة غريبة نوعاً ما على المجتمع المصري، ولكنها ليست غريبة على الصين التي تصدر لنا كل شيء من الإبرة للصاروخ، ومن يريد الزواج من صينيات فليذهب ولكن حياته الزوجية ستفشل لاختلاف اللغة والعادات والطباع والتقاليد ولن تستطيع الصينية التكيف مع الشاب المصري .
وتتفق معها سارة سعيد التي تعمل سكرتيرة باحدى الشركات الخاصة في ان العروسة الصيني لن تصلح مع الشاب المصري الذي يريد ان يأمر فيطاع , وتقول بتهكم "بضاعة الصين كلها مضروبة.. ياريت ما تطلعش العروسة كمان مضروبة , وقد تنشر أمراض جديدة في مصر"، ولذلك تنصح نهى الشباب وتقول لهم "خلو بالكم".
مؤشر غير ايجابي
أرجعت الدكتورة سامية خضر استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس زيادة نسبة العنوسة في مصرإلى تفتح المرأة على المجتمعات الغربية وميلها لتحقيق استقلالها المادي والمعنوي إضافة لسعيها للتحرر الاجتماعي هذا إلى جانب تفضيل فئة منهن العيش خارج الروابط الزوجية التقليدية، مشيرة إلى خروج المرأة للعمل وتحملها مسؤوليات مهمة جعل سن الزواج يتأخر اضطرارا أو اختيارا أو يفوتهن قطار الزواج نهائيا.
وشددت خضر على ان سلوكيات وتعاملات الفتيات مع الشباب اصبحت تتسم بالعدوانية والندية , ولم يعد الخجل الذي يخلو من الضعف موجود في سلوكياتهن , ولم تعد الرقة المعهودة عن الفتيات متوافرة لدى معظمهن , كما ان مغالاة الاباء في الأمور المادية المتعلقة بالزواج له دور كبير في زيادة نسبة العنوسة , مما يجعل الشباب يرحبون باي بديل , حتى وان كان صيني .
وتعتبر الدكتورة سامية هذه الفكرة بانها حل مؤقت لازمة الزواج في مصر , ولكن انتشارها يعتبر مؤشر غير ايجابي قد يضر المجتمع بعد ذلك , معددة مميزات المرأة الصينية من خلال تعاملها المباشر معهن اثناء رحلتها العلمية الطويلة الى الصين واليابان , قائلة انها تأكل قليلا جدا وتتسم بالبساطة في ملبسها ومظهرها , وتتميز بالاناقة والنظافة المبالغ فيها , كما أنها طباخة جيدة , والدليل على ذلك المثل العالمي القائل " خادمة تايلاندية وطباخة صينية وزوجة يابانية " , كما انها مديرة جيدة لزوجها وتتمتع بالاخلاص والوفاء غير المتناهيين , وتتسم بالرضا والقناعة , ولديها قدرة على تحمل الصعاب , والعيش في احلك الظروف .
وتلفت الدكتورة داليا الشيمي استاذ الاجتماع الى ان العروسة الصيني هي فكرة تأتي نتيجة العولمة الثقافية , لان دول شرق آسيا خاصة الصين تبحث جاهدة كيفية دخول مجتمعات دول العالم الثالث واحتلال اسواقها لتحقيق رواج اقتصادي واجتماعي وثقافي, فعندما توغلوا في الثقافة المصرية و تفقدوا الأحوال والأوضاع التي يعيشها الشباب وما ينقصهم وما يأملوا في تحقيقه , فوجدوا قبل ذك ان اهم مشكلة تؤرق الفتيات في مصر والعالم العربي هي غشاء البكارة , وان المصريين يربطون عفة الفتاة بغشاء البكارة , فحاولوا ادخال غشاء بكارة صيني الى البلاد.
وتضيف الدكتورة داليا أنهم عندما فشلوا تطرقوا الى مشكلة اكبر هي ازمة زواج الشباب , فكانت النتيجة محاولة غزو نسائي صيني لشباب مصر , لاعبين على وتر الكبت الذي يعانيه الشباب , والكثير من الشباب في مجتمعنا أصبحوا يروا أن مثل هذا النوع من الزواج من جنسيات أخرى أبسط وأسهل ليتفادى ما يخوفه من الأوضاع الاقتصادية الصعبة من صعوبة الحصول على شقق وضعف المرتبات وارتفاع المهور لكنه في واقع الأمر فكر خاطيء لاختلاف الديانة والثقافة , مؤكدة أنه غالبا ما تنتهي هذه الزيجات بالفشل , ويندم الشباب بعدها , ومن هنا ياتي دور الأسر المصرية منذ بداية تربية أولادهم أن تعتمد تربيتهم على القيم والانتماء والهوية الشرقية التي تخلق لديهم الفكر السليم لاختيار شريكة حياتهم.
غزو اقتصادي جديد
الدكتور محد السعيد استاذ الاقتصاد يصف فكرة العروسة الصيني بانها نوع من الغزو الاقتصادي الجديد , فالصين دولة رأسمالية كبيرة وتعداد سكانها يتجاوز المليار و300 مليون نسمة , فعندما تقدم على خطوة فانها تعلم جيدا ابعادها وفوائدها ومنافعها , فتوريد عرائس الى مصر , هو الباب الخلفي للسيطرة على الاسواق المصرية واسواق المناطق المجاورة في الشرق الاوسط , فمعنى ان يتزوج شاب مصري فتاة انه يتعلم منها كل شئ , خاصة ان هؤلاء العرائس لديهن خبرة بكل انواع الصانعات اليدوية , ومكوثها في مصر يعني انها سوف تعمل وتساعد زوجها بصناعات جديدة , مما يضر بالصناعة الوطنية , وخطوة تلو الاخرى ومع مرور الوقت نجد الاسواق المصرية قد غرقت بالمنتجات الصينية , واختفت الصناعة الوطنية مما يؤثر على الاقتصاد المصري.
ويضيف السعيد ان الزوجة الصينية تستطيع ان تعمل وتساعد زوجها ولا تحمله اعباء اضافية وتكاليف ليس لها فائدة , على العكس من الزوجة المصرية التي لا يهمها سوى المظاهر , " والفشخرة " والنفاق الاجتماعي , فالصينيات لديهن قدرة كبيرة على العمل في اقسى الظروف والدليل على ذلك انتشارهم في المحافظات النائية لبيع المتجات التي يصنعونها , لذلك اطلق عليهم البعض " النمل الابيض " لانتشارهم غير المحدود في مصر.
اما عن راي الدين فان الدكتور طه ابو كريشة الاستاذ بجامعة الازهر وعضو مجمع البحوث الاسلامية يحذر الاسر المصرية من المغالاة في الشروط والمتطلبات , وعدم القسوة على الشباب المقبلين على الزواج , ويطالبهم بان ييسروا ولا يعسروا , اعمالا بحديث الرسول " اذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه " , حتى لا تدخل بناتنا في منافسة غير متوازنة مع الصينيات اللاتي سيكتسحن " سوق " الزواج في مصر في حالة دخولهم اليها، وسيساعدهن على ذلك الظروف الصعبة التي يعاني منها الشباب الذي يرغم في الارتباط والاستقرار.
ولا يعترض الدكتور ابو كريشة على الزواج من صينيات ولكنه يؤكد على ضرروة أن تكون مسلمة او من اهل الكتاب , اما اذا كانت ليست من اهل الكتاب وليس لها ديانة , فلا يجوز الزواج منها حتى تدخل الاسلام وتصبح مسلمة , ولكنه يخشى من عواقب انتشار هذه الظاهرة في المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق