إن شباب الإسلام اليوم يتعرض لهجمة شرسة وحرب ضروس تريد أن تسلخَه عن هويته وتصدَّه عن دينه وتغرقه في المتع والشهوات؛ حتى تمكن أعداءُ الإسلام بعدَها أن يسيطروا على عالمه وأرضه ومقدراته، ولو أن هذه الحملة الشرسة والحرب الضروس قام بها أعداء الإسلام في الخارج لسهل التغلب عليها، ولكنَّ الشاهد أن الشباب الإسلامي يتعرض في كل أقطاره لتآمر داخلي وخارجي؛ مما يجعله يقع بين شقَّي رحَى تريد أن لا تُبقِيَ فيه أثرَ خيرٍ يُرتجى، وكان نتيجة ذلك أن وقع الشباب وسط سيل عرِمٍ من المشكلات التي ينبغي أن تواجَه وتعالج قبل أن يجرف هذا السيل كل جميل من موروثات شبابنا المسلم.
ومن أشر هذه المشكلات وأعظمها مشكلة البطالة وتداعياتها على الفرد والمجتمع والعالم ككل ، ومن هنا جاء موضوعنا الذي ليس بجديد في أوساط المشكلات التي تواجه الأمة الإسلامية ، ولكن نعيش سويا من خلال هذا المقال لنقف معا على بعض الأمور المتعلقة بمشكلة البطالة من حيث الأسباب والاثار المترتبة على المشكلة ، مع إقتراح بعض الحلول بصورة مختصرة حتى يتسنى لنا معالجة هذا الداء العضال ، والله المستعان .
مفهوم البطالة :
تحديد مفهوم البطالة تحديداً شاملاً ودقيقاً أمر ليس سهلاً، فعلى الرغم من سهولة إدراك الناس للعاطلين عن العمل، إلا أن محاولة التحديد العلمي والعملي لهذا المفهوم تواجه صعوبات جمة. فكما يقول أنتوني جيدنز: إن البطالة تعني أن الفرد يقع خارج نطاق قوة العمل، ويعني العمل هنا العمل مدفوع الأجر Paid work، كما يعني المهنة أيضاً. ومن صعوبات التحديد الدقيق للبطالة أن بعض الناس الذين يُسجلون عاطلين ربما يعملون في أنماط عديدة من الأنشطة، مثل الخدم والسائقين. كما أن عدداً من الناس يعملون بأجر لبعض الوقت، أو يعملون في وظائف على فترات متقطعة. وأخيراً، هل يدخل المتقاعد عن العمل في نطاق البطالة.
يرى عدد من الاقتصاديين أن مفهوم البطالة ينبغي أن يتضمن معياريين اثنين، هما:
1. العمالة المُحبطة: التي تتمثل في أولئك الذين يرغبون في العمل؛ ولكنهم فشلوا في العثور عليه، فكفوا عن البحث عنه.
2. العمالة التي تعمل إجبارياً لبعض الوقت: وهم مَن لا يستطيعون إيجاد عملاً كل الوقت، حتى لو أرادوا ذلك.
وبناءً على ذلك، فإن البطالة تعني هؤلاء الذين يرغبون في العمل ولا يجدونه حالياً، وتشمل كل الأشخاص الذين تجاوزوا سناً معينة.
وللبطالة ثلاثة شروط أساسية، هي:
1. عدم وجود عمل: أي لا توجد وظيفة مدفوعة الأجر، أو لا يوجد عمل في الأعمال الحرة.
2. البحث عن العمل: بمعنى اتخاذ إجراءات للحصول على وظيفة مدفوعة الأجر، مثل التسجيل بالمكاتب الخاصة والعامة للتشغيل، ومتابعة الإعلانات في الصحف والمجلات، أو إجراء مقابلات من أجل العمل أو الوظيفة.
3. الرغبة في قبول الوظيفة مدفوعة الأجر، أو العمل الحر.
وعلى هذا عُرِّفت البطالة في إطار القواميس المتخصصة بشكل عام بوصفها "الحالة التي يبحث فيها الفرد بدرجة كافية عن العمل المدفوع الأجر، ولكنه لا يجده؛ لأن عدد الأفراد يفوق عدد الوظائف الشاغرة أو المعلن عنها".
ويقترب من هذا التعريف، تعريف موسوعة علم الاجتماع للبطالة بأنها "حالة عدم قدرة الشخص على أن يبيع قوة عمله في سوق العمل، على الرغم من رغبته في ذلك".
تُعرف البطالة في إطار التراث الاقتصادي والاجتماعي المعاصر بمعنيين، هما:
المعنى الأول: عام وموسع، وينظر إلى البطالة بوصفها الحالة التي يكون الفرد فيها بلا عمل؛ بمعنى أن الفرد لم يمارس أي عمل لأية فترة من الزمن، ولم يكن متغيباً بصورة مؤقتة عن العمل.
أما المعنى الضيق، فيشترط استعداد الفرد للعمل حالياً، ويبحث عنه؛ ولكنه لا يجد العمل المناسب له.
يُلاحظ أن هذين التعريفين تنقصهما الدقة؛ لأن الفرد لا يُعد عاطلاً إلا بعد أن يصل إلى عمر معين، ويصبح قادراً على العمل. إضافة إلى ذلك فإن بعض الأفراد يعملون لبعض الوقت بغير إرادتهم، ويرغبون في العمل طوال الوقت، ومثل هؤلاء لا يدخلون ضمن العاملين لو كانوا يعملون ساعة واحدة في الأسبوع. ومن ثم لا تصلح هذه التعريفات الفضفاضة لتحديد مفهوم البطالة.
على هذا وضعت منظمة العمل الدولية (ILO) معياراً مهماً لتحديد مفهوم "المتعطل"، بأنه "الشخص الذي لا يعمل أكثر من ساعة واحدة أثناء اليوم الواحد، وخلال وقت التعداد، ولكنه قادر على العمل ويبحث بنشاط وجدية عن العمل". وبناءً على ذلك حُدد مفهوم البطالة بمعنى عدم توافر العمل لشخص راغب فيه وقادر على أداء مهنة تتفق مع استعداده، ويرجع ذلك إلى حالة سوق العمل. ولذلك تُقاس البطالة بنسبة العمال المتعطلين بالقياس إلى مجموع الأيدي العاملة. ويشمل المتعطلون جميع الأشخاص فوق سن معينة (تزيد عادة عن خمسة عشر عاماً)، منهم مَن لا يعملون بالأجر أو لا يعملون لحسابهم الخاص، والذين لديهم الاستعداد للعمل بأجر أو لحسابهم الخاص، واتخذوا خطوات محددة بحثاً عن العمل.
لعل هذا التعريف ـ على الرغم من شيوع استخدامه ـ يكاد يجمع غالبية الشروط الموضوعية، التي تتحقق في ظلها حالة البطالة، إلا أنه لم يوضح مدى قبول المتعطل لمستوى الأجر السائد، ولا يوضح فشله في الحصول على العمل.
وبناءً على ذلك يمكن الأخذ بتعريف منظمة العمل الدولية للبطالة، بأنها: "الحالة التي يكون فيها الفرد قادراً على العمل، وراغباً فيه، ويبحث عنه، ويقبله عند مستوى الأجر السائد، ولكن دون جدوى".
مفهوم البطالة في الشريعة الإسلامية :
فطنت الشريعة الإسلامية الغراء إلى مشكلة البطالة ، وبينت مفهومها وطرق الوقاية منها ومنهج الحد منها في إطار دقيق عز أن نجد له فلقد حث الإسلام أهله على العمل والكسب ونهى عن البطالة بقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو هريرة ( لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره ، فيتصدق منه ، فيستغني به عن الناس خير من أن يسأل رجلاً أعطاه أو منعه ذلك فإن اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول )
أنواع البطالة :
قسم العلماء البطالة إلى نوعين :-
الأول : البطالة الظاهرة
وتعنى أن الأفراد لا يجدون فرص العمل التي تتناسب مع قدراتهم وتخصصاتهم ومؤهلاتهم التي حصلوا عليها .
الثاني : البطالة المقنعة
وتظهر من خلال تعيين بعض الأشخاص في وظائف لا تعود بفائدة إنتاجية من ورائها ، فالعمل الذي يمكن أن ينجزه خمسة يوكل إلى عشرة ، أو خلق فرص عمل روتينية هامشية لا يجد فيها الإنسان قدراته وخبراته .
أسباب حدوث البطالة تتركز في:
1- عدم توافر فرص العمل.
2- نقص الكفاءات.
3- كساد الأسواق.
4- قلة المعرفة والخبرة والتدريب.
5- عجز الحكومات عن إدارة المشكلات
6-الفساد الإداري في الحكومات والقطاعات المختلفة
7- عجز الميزانيات بالدولة
8- عدم التسوية في الأجور وتفضيل بعض القطاعات أو الأعمال على بعض
وغير هذا .
أثار البطالة على الفرد والمجتمع :
إن البطالة مشكلة اقتصادية واجتماعية وإنسانية ذات خطر، فإذا لم تجد العلاج الناجح تفاقم خطرها على الفرد وعلى الأسرة وعلى المجتمع، يقول الراغب الأصفهاني - رحمه الله -: \"من تعطل وتبطل انسلخ من الإنسانية بل من الحيوانية وصار من جنس الموتى\".
إن آثار البطالة على الفرد تتركز فيما يلي:
اقتصادياً: تفقده الدخل.
صحياً: تفقده الحركة.
نفسياً: يعيش في فراغ.
اجتماعياً: ينقم على غيره.
وآثارها على الأسرة تتمثل في: فقد رب الأسرة الشعور بالقدرة على تحمل المسؤولية، والتوتر والقلق.
أما آثارها على المجتمع فتتمثل في:
اقتصادياً: تعطل طاقات قادرة على الإنتاج.
اجتماعياً: الشرور والجرائم نتيجة الفراغ والقلق.
البطالة في الشباب تؤدي لأمراض نفسية أو لإدمان مخدرات للهروب من الواقع الأليم ،وتؤدي لانتشار الجرائم والعنف، تؤدي لضعف الانتماء للبلد وكراهية المجتمع وهذا من أسوأ اثار البطالة على الإطلاق وتؤدي للعنف والإرهاب لأن الشاب العاطل منهار كاره للمجتمع، وتؤدي البطالة أيضا إلى تأخر سن الزواج ..مما يوصل إلى انتشار الزواج العرفي أو الزنا والانحلال الأخلاقي وفقد القيم في المجتمع.
- والبطالة أول نتيجة لها الفقر . والفقر والبطالة كلاهما من أشر الأمراض على العالم العربي والإسلامي بل والعالم أجمع .
ومن هنا ندرك تمام الإدراك أن مشكلة البطالة من أهم المشكلات التي يجب أن تهتم بها الحكومات ، بل ولابد أن يهتم بها المجتمع ككل ، والان نرى وسائل الإعلام يقولون عن البلطجي أنه إنسان غير سوي ، وكذلك يعيبون على الشباب عدم إنتمائهم لبلدهم أو عدم مراعاة مصلحة البلاد ، وتناسوا وتجاهلوا تماما أسباب المشكلة وطرق علاجها بدلا من القذف والتلفيق ، فنحن لا نقول بأن البلطجة هي ما يجب أن يلجأ إليه العاطلون ، ولا نبيح هذا مهما كانت الأسباب ، ولكن نحن نعيب على وسائل إعلامنا وعلى حكوماتنا في إتهام الشباب بالبلطجة وأنهم في غيبوبة أو أنهم يتقاضون الأموال لتخريب البلاد أو غير هذا ، بدلا من أن نبحث عن الأسباب التي أدت إلى وصول الشباب إلى هذا المستوى ، وما هي سبل العلاج لمثل هذه المشكلة وغيرها من المشكلات ، فالمجتمع والحكومات هم من أخرجوا لنا هذه الأمثلة ، وهم من أوصلوا شباب الأمة إلى ما هم فيه الان ، وما أحداث التخريب في مصر وغيرها من بلدان العرب ببعيد ، ترى الشباب يأخذون الأموال ويتقاضون المال من البعض في مقابل تخريب بلادهم وتراث بلادهم ، فقد أفجعني ما قام به مجموعة من الشباب عندما قاموا بإحراق المجمع العلمي المصري في أحداث مجلس الوزراء ، ليس هذا فحسب بل يحرقون كل ما تقع عليه أيديهم من تراث للأمة ومن مواقع استراتيجية تفيد الأمة ، وإن كان غالبية الشباب الذي يعتصم من البلطجية كما تعبرون أو من الشباب المغيب ، ولكن أنتم من أوصلتم البلاد لهذا ، ويجب عليكم قبل كل شيء أن تعالجوا ما أو قعتم الشباب فيه قبل أن تلوموا عليهم ، شباب محروم من التعليم ، وإن وجد التعليم لا يجد العمل ، وإن وجد العمل جعلتموه يضطر مع راتبه البسيط الذي لا يكفيها لفترة أسبوع يرتشي ويسرق كي يقضي حوائجه ، شيء محزن للغاية ، ورفعنا شعارات ونعارات الغرب وتركنا الإسلام وشعائره وادابه وأخلاقه وقيمه جانبا ، ورمى البعض منا الإسلام بالتخلف إن لم يكن علانية فيكون في سره ، ولهثتم وراء من يريد إستعمار بلادنا ونهب ثرواتنا والقضاء على شبابنا وتعاونتم معهم ضد الشعوب وضد الإسلام وسهلتم لهم الدخول إلى بيوت كل اسرة عربية وإسلامية ، وتركتم لهم المجال ليثقفوا شبابنا على كره الدين وحب الإنحلال ، وزينتم لهم الشهوات والملذات ، وجعلتم العبادات والدين شيء رخيص لا قيمة لها ، وظننتم بهذا أنكم تُعلون من شأن الحرية ، ومن شأن الديمقراطية ، الله عزوجل يُحارب على أرضه وتحت سمائه وتشوه كتبه كل هذا تحت مسمى الحرية والديمقراطية ، والشباب يهذي كالسكران ويترنح عقله ويتمايل لا يعرف إستقرار ، فإلى أي مدى تريدون الشباب أن يصل ، وإن وصل على حسب توجيهاتكم إلى ما وصلوا إليه اتهمتموهم بالبلطجة وبالتغييب وبالعمالة ، وأنتم من كان سببا فيما وصلوا إليه ، يجب على كل حكومات العالم ووسائل الإعلام المختلفة ، ودور التربية المتنوعة أن تلتفت إلى قضايا الشباب وتعي خطورة هذه المرحلة العمرية في عمر الإنسان وحياته ، وتبحثوا عن إحتياجات الشباب ومتطلباتهم وهموهم ، فهم حاملوا اللواء ، وهم سبب تقدم الأمم أو تأخرها .
بعض الحلول المقترحة لمعالجة المشكلة :
هناك الكثير من الإقتراحات لمعالجة هذه المشكلة ، وأعلم جيدا أن هناك من لديه معالجات تفوق هذه المعالجات ولكن نقدم بعض ما توصلنا إليه :
لقد عالج الإسلام ظاهرة البطالة عن طريق تعاون الأفراد مع ولي الأمر، حيث يسعى ولي الأمربكل جهده في تدريب وتعليم العامل وتوفير فرص العمل المناسبة. ومن نحو آخر حث ولي الأمر الناس على العمل ومنع التسول.
ولذا، وضع الإسلام مجموعة من القواعد والتنظيمات لمعالجة ظاهرة البطالة، ومن أجل الحث على العمل والبعد عن المسألة، وفي هذا رد على الذين يتهمون الشريعة الإسلامية بأنها تحبذ جانب الفقر على الغنى.
وبإيجاز، فقد عالج الإسلام ظاهرة البطالة من جانبين:
أحدهما: جانب وقائي، أي قبل وقوع ظاهرة البطالة وانتشار آثارها وأضرارها، بالحث على العمل وذم المسألة.
والثاني: جانب علاجي، أي بعد وقوع بعض أفراد المجتمع في أتون البطالة ومستنقع التعطل، ومواجهة ذلك، بالحث على التخلص من البطالة، ومن خلال أوامر صريحة وإجراءات ملزمة، تجعل من السهل التصدي لمعالجة ظاهرة البطالة ومشكلة العطالة في المجتمع.
وحتى لا يطول المقال ، سنكتب عن معالجة الإسلام لمشكلة البطالة بصورة مفصلة في مقالات تالية والله المستعان .
وهناك أيضا حلول متنوعة مثل :
الحلول فردية
الحلول سياسية
تطوير فكر الشباب
تطوير مستوي التعليم
فتح مجالات للعمل
تكامل الدول العربية فيما بينها
ومن الوسائل المعينة في معالجة ظاهرة البطالة:
أ- استغلال الأموال المعطلة والإفادة منها في المشروعات.
ب - تكريم العمل اليدوي وحض الناس عليه.
ج - إعانة الراغبين في العمل ولا يجدون إليه سبيلاً.
د - مسؤولية ولي الأمر والمجتمع في إعداد العاملين.
ع- إعانة العاطلين في الدول العربية والإسلامية حتى نخفف من حدة البطالة لديهم ومن اثارها عليهم .
غ- قبل كل شيء الإتجاه في دور التربية المتنوعة سواء أكانت نظامية أم غير نظامية إلى الإهتمام بالجانب الإيماني وتقوية الروابط بين الشباب وعقيدتهم ، لأنه من أهم الطرق والوسائل لحفظ الشباب من الإنزلاق في الأخطار الناجمة عن البطالة .
وهناك أيضا مجموعة من الإقتراحات لباحثة من الباحثات تتمثل فيما يلي:
1- الاهتمام بتوجيه أموال الصدقات والهبات في توفير فرص عمل واكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل .
2- التوسع في سياسات التدريب وإعادة التدريب للمتعطلين لمساعدتهم في تنمية مهاراتهم وقدراتهم .
3- تشجيع التقاعد المبكر حتى يتمكن توفير فرص عمل جديدة بدلاً من هؤلاء الذين أحيلوا إلى المعاش .
4- تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشروعات القطاع غير الرسمي وإزالة كل ما يعترضها من عقبات .
5- التركيز على المشروعات والفنون الإنتاجية ذات الكثافة العمالية نسبياً .
6- اهتمام الحكومات بإقامة خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل الحقيقية أمام كل قادر وراغب فيه .
7- ترشيد عملية استخدام العمالة الأجنبية وذلك من خلال حصرها في مهن محددة .
8- تفعيل بعض الدول العربية لبرنامج يحث المواطن نفسه على القبول بالعمل البسيط فصرنا نسمع عن التكويت والسعودة والبحرنة .
9- العمل على تطبيق نظام الحد الأدنى للأجور وذلك لدفع مؤسسات القطاع الخاص لتوظيف القوى العاملة الوطنية .
10- أقامت دولة الكويت بصرف أموال للعاطلين الذين لم يجدوا فرص عمل وظيفية بواقع مائة دينار لمدة سنة ، سيقوم العاطل بدفعها للدولة بعد توظيفه .
11- إعادة النظر في مكونات سياسات التعليم والتدريب بحيث يلبي سوق العمل .
12- الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذلك بخلق فرص عمل منتجة .
وهناك بعض الإقتراحات نالت إعجابي أقوم بنشرها هنا كي يتسنى لنا الإستفادة منها وتقويمها :
للأخ الكريم : محمد حاج عيسى الجزائري
علاج ظاهرة البطالة
إنَّ التصدي لهذه الظاهرة من الضرورياتِ الشرعية، ومن الواجبات الدينية، وهي مسؤولية ولاة الأمور كما المجتمع المسلم له جانب أيضا من هذه المسؤولية، وفيما يأتي محاولة لجمع عناصر العلاج الشرعي لهذه المشكلة.
وإننا إذا نظرنا إلى البطالة وجدناها على نوعين بطالة إرادية وبطالة قهرية، أما البطالة الإرادية فهي تعني إلف الكسل والقعود عن الكسب، ومن مظاهرها استكبار الشباب عن تولي بعض الوظائف والاستنكاف عن الحرف، وهذه الظاهرة إنما يكون علاجها بأمور نفسية وتربوية وتصحيح بعض المفاهيم الفكرية لدى الشباب، وتفصيل هذه الأمور فيما يأتي:
أولا: التربية على تحمل المسؤوليات
إنه من واجب الأبوين تربية النشء منذ صغره على تحمل المسؤوليات والقيام بالوظائف التي تناسبه ويقدر عليها في البيت وخارجه حتى يتعود على ذلك، لأن بعض الدراسات كشفت أن من أسباب البطالة الإرادية عدم الثقة في النفس، وإلف الاعتماد على الغير، والتهيب من مواجهة صعاب الحياة.
ثانيا: توجيه الشباب إلى تعلم الحرف
ومن واجب الأبوين وغيرهما توجيه الشاب إذا فشل في الدراسة إلى تعلم الحرف والصناعات، وهم بهذا التوجيه يكسبونه الحرفة التي تعتبر سلاحا يخوض به معركة العمل في المستقبل، كما يجنبونه الفراغ الذي يجعله يألف البطالة، وكذا يجنبونه الرفقة السيئة التي تقوده إلى اتخاذ الجريمة مهنة تصده عن التكسب وعن البحث عن العمل الشريف.
ثالثا: تربية الأولاد على أن العمل شرف
وعلى المربين أن يغرسوا في نفوس الأبناء أن العمل شرف مهما كان وضيعا في نظر بعضنا، وأن العمل الوضيع أشرف من القعود بلا عمل، وقد قال صلى الله عليه وسلم:" لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الْحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ" رواه البخاري (1471). قال ابن حجر في شرحه:« وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى التَّعَفُّفِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ وَالتَّنَزُّهِ عَنْهَا وَلَوْ اِمْتَهَنَ الْمَرْءُ نَفْسه فِي طَلَبِ الرِّزْقِ وَارْتَكَبَ الْمَشَقَّة فِي ذَلِكَ , وَلَوْلَا قُبْحُ الْمَسْأَلَةِ فِي نَظَر الشَّرْع لَمْ يُفَضَّلْ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَذَلِكَ لِمَا يَدْخُلُ عَلَى السَّائِلِ مَنْ ذُلِّ السُّؤَالِ وَمِنْ ذُلِّ الرَّدِّ إِذَا لَمْ يُعْطَ وَلِمَا يَدْخُلُ عَلَى الْمَسْئُولِ مِنْ الضِّيقِ فِي مَالِهِ إِنْ أَعْطَى كُلَّ سَائِل, وَأَمَّا قَوْلُهُ " خَيْر لَهُ " فَلَيْسَتْ بِمَعْنَى أَفْعَلِ التَّفْضِيل إِذْ لَا خَيْرَ فِي السُّؤَالِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاكْتِسَابِ, وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ سُؤَال مَنْ هَذَا حَاله حَرَام, وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَاد بِالْخَيْرِ فِيهِ بِحَسَبِ اِعْتِقَاد السَّائِلِ وَتَسْمِيَته الَّذِي يُعْطَاهُ خَيْرًا وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ شَرٌّ ».
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« إِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ » (رواه أهل السنن وصححه الألباني في الإرواء)، وكما حثنا نبينا صلى الله عليه وسلم على الكسب وعلى قبول العمل مهما كان متواضعا، فإنه حثنا أيضا على الإتقان والإخلاص في العمل واجتناب الغش والمخادعة فيه حيث قال:«إن اللّه يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» (رواه أبو يعلى وحسنه الألباني) وقال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الْكَسْبِ كَسْبُ يَدِ الْعَامِلِ إِذَا نَصَحَ» (رواه أحمد (2/234) وحسنه الألباني).
رابعا: تلقينهم أن أنبياء الله تعالى كانت لهم حرف
وعلينا أن نلقن أبناءنا أن أنبياء الله عز وجل الذين كان شغلهم الشاغل الدعوة إلى الله تعالى وكانت لديهم معجزات كانوا يعلمون ويتكسبون كما يتكسب الناس، فهم إن كانت دعوتهم وتعليمهم للناس عملا، إلا أنهم لم يتركوا الحرف لأنهم كانوا قدوة للناس، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم تاجرا، و"كَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا" –كما في صحيح مسلم (2379)-، وكان داود عليه السلام حدادا يصنع الدروع وغيرها مع أنه كان نبيا ملكا، قال سبحانه:(وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ) (الأنبياء: 80)، وقَالَ صلى الله عليه وسلم :«مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» رواه البخاري (2072).
خامسا : تربية الأولاد على تعظيم الوقت
وعلينا أن نربي أولادنا على تعظيم الوقت لأنه من أعظم نعم الله تعالى علينا، والله تعالى سيحاسبنا على أعمارنا وعلى جميع لحظات حياتنا، وإذا تربى الأولاد على ذلك كان من أعظم الدوافع إلى الجد واجتناب البطالة تسكعا في الشوارع أو جلوسا في المقاهي أو لهوا في الملاعب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:« لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ » رواه الترمذي (2417) وصححه، وقال ابن مسعود رضي الله عنه:" إني لأبغض الرجل أراه فارغا لا هو في أمر آخرته ولا أمر دنياه".
سادسا: التكسب مطلوب بدافع الشرع
وعلينا أن نلقن أبناءنا كبارا وصغارا، أن هذا العمل مطلوب منا ليس بدافع الحاجة فحسب بل بدافع الشرع والدين أيضا، وذلك من أوجه:
1-أن الله تعالى أمرنا بالسعي والكسب ودعا إلى الضرب في الأرض والانتفاع بخيراتها واستغلالها أحسن استغلال، فقال سبحانه: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك:15)
2-وأنه سبحانه أمرنا بالحفاظ على كياننا ووجودنا أمة مسلمة مستقلة، فقال جل جلاله: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ) (الأنفال:60) وليس هذا الإعداد بعد العدة الإيمانية إلا مجموعة من الأعمال والحرف والصناعات.
3-وأنه تبارك وتعالى لم يرد تركنا لحظة بلا سعي ولا عمل حتى في يوم الجمعة الذي هو عيد المسلمين قد أمرنا بالعمل أمر إباحة فقال: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (الجمعة:10), فمنع الله عز وجل من العمل أثناء وقت الصلاة ثم أباحه بعدها لئلا يتوهم الناس حرمة العمل مطلقا في هذا اليوم.
4-وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل على إحياء الأرض وغرس الأشجار, ولو كان ذلك قبل قيام الساعة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ" (رواه أحمد (3/191) وإسناده صحيح على شرط مسلم), فليغرسها في مثل هذه الحال وإن كان يعلم أنه لن يعيش حتى تؤتي ثمارها، وذلك يعلمنا أهمية العمل وأن لنا فيه أجرا.
5-أن هذه العمل الذي هو موجب الفطرة ينقلب إلى عبادة بالنية، نية إعفاف النفس عن السؤال، ونية النفقة على الأبوين والأولاد والزوجة، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص:« إنك لن تنفق نفقة تبتغي وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرتك» متفق عليه، هذا معنى قول القائل العمل عبادة وليس معناه أنه عبادة كالصلاة أو عبادة تقدم على الصوم والصلاة.
6-أن البطال الذي ألف البطالة إنما يعيش عالة على غيره ونبينا صلى الله عليه وسلم قد علمنا أن اليد العليا خير وأحب إلى الله من اليد السفلى، ونهى عن المسألة إلا في حالات محدودة، قَالَ صلى الله عليه وسلم يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكُ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ فَمَا سِوَاهُنَّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا» (رواه مسلم).
البطالة الاختيارية هي الغالبة
والذي اعتقده أن البطالة أكثرها اختيارية وقلما توجد بطالة قهرية بمعنى أنه قل أن تجد من بحث عن العمل فعلا ثم لم يجده، لأننا نرى في بلادنا التي يقال إنه ليس فيها فرص عمل يدا عاملة أجنبية رسمية وغير رسمية في الصناعة والتجارة وبالبناء والحرف وغيرها، لكن مشكلة شبابنا اليوم هي نظرتهم إلى العمل، لأن العمل عند بعضهم لا بد أن يكون في مكتب مكيف، لا بد أن يكون راتبه عاليا، لا بد أن يكون في قريته وقريبا من حيه حيث أصحابه وأحبابه، ثم يفضل القعود ريثما يجد العمل الذي يحلم به، وربما يفضل بعضهم الكسب المحرم لأنه سهل على الكسب الحلال الذي يتعب فيه.
وقد ذكرنا أن علاج هذا الأمر يكون بتنمية بواعثِ العمل وحوافزِ الكسب في نفسية شبابنا منذ نعومة أظفارهم، بصرفِ النظر عن مؤهلهم العلمي أو وضعهم الاجتماعي باعتبار أنَّ العملَ شرف، وأنه من أسباب العزة وأنه بالنية يؤجر عليه صاحبه إذا كان حلالا.
وإذا أنشأنا شبابا يحب العمل ويتفانى فيه نكون قد قضينا على أعظم أسباب البطالة، ولا أقول لنا مثال في اليابانيين كما يذكره كثير من الناس ولكن أقول لنا المثل في سلفنا الصالح، وفي آبائنا وأجدادنا إلى عهد قريب كانوا يحبون العمل ويسعدون بعرقهم في سبيل عيشهم ولم يكونوا يعرفون شيئا اسمه البطالة مع الظروف الصعبة التي عاشوها.
وإن الله تعالى جعل الرزق بيده حتى لا ييأس أحد في طلبه، وربط حصوله بالسعي في طلبه حتى لا يتكل أحد على مجرد القدر، فلابد على المؤمن من السعي ليقضي حاجاته، ويحفظ ماء وجهه، ويكون عزيز النفس، وعلى المسلم أن يستغل الوقت ويعمره بالعمل المتاح لديه، ولا ينبغي له أن يعرض عن عمل إلا إذا كان عملاً محرماً أو فيه مخالفات للشرع، وإن العاقل لا يبقى ينتظر الرزق من الله عز وجل دون بذل أسبابه، كما يحكى عن عمر بن الخطاب أنه نهر جماعة اعتكفوا في المسجد ورفضوا الاكتساب قائلا لهم: « لا يقعدنّ أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة».
علاج البطالة القهرية
وإذا عولجت الأسباب النفسية والتربوية المسببة للبطالة، بقيت بعض الآفات العارضة التي نسميها بطالة قهرية حيث لا يجد الشاب فرصة للعمل في مكان محدود وفي زمن معين وفي حالات خاصة، فهنا يتوجب على ولاة الأمور والمجتمع المسلم كله أن تدارك الأمر بعلاج هذه الآفات، وذلك من خلال النقط الآتية.
أولا: واجب بيت المال
إن نبينا النبي صلى الله عليه وسلم قد قال :«كلكم راع وكلم مسئول عن رعيته» (متفق عليه) وولاة الأمور مسؤولون على الرعية من عدة نواحي، ومنها توفير أسباب الرزق والتكسب أو فرص العمل كما يقال بالتعبير العصري، وقال عمر بن الخطاب لأحد ولاته:« إن الله استعملنا على الناس لنوفر حرفتهم ونستر عورتهم». وإذا كان من واجبهم الحفاظ على أمن المجتمع والحفاظ على سلامته من ظهور الانحرافات الأخلاقية فإنه من واجبهم قطع الأسباب التي تؤدي إلى اختلال الأمن وظهور الانحراف والجرائم ومنها البطالة التي لا يقدر الشباب على تفاديها.
ومنه فإن من واجبهم أن ينفقوا من بيت مال المسلمين ومن ميزانية الدولة إعانات تقدم للشباب العاطل عن العمل، إعانات تقدم لهم وهي من حقهم لا لينفقوها ولكن لاستثمارها في التجارة أو الرزاعة أو غيرها من الحرف، ولولاة الأمور سلطة تقدير هذه الإعانات كمية وكيفية.
ومن واجب ولاة الأمور أيضا تشييد مدارس لتدريب الشباب وتأهيلهم في مختلف المجالات مثل النجارة والحدادة الزراعة والصيد وغيرها من الحرف التقليدية والحديثة المهمة في المجتمع، فإن الحرفة أمان من الفقر كما يقال. ويروى عن عمر بن الخطاب أنه قال:«إني أرى الرجل فيعجبني فأسأل أله حرفه؟ فإن قيل لا، سقط من عيني».
ولا بد على ولاة الأمور أن يعتبروا هذه النفقات نفقات استثمارية من حيث المآل، لأن الدولة ستوفر بعد ذلك أموالا طائلة كانت ستنفقها في علاج الأوبئة التي توجبها البطالة.
ثانيا : دور الزكاة والأوقاف علاج للبطالة
إن الله تعالى قد افترض الزكاة على الأغنياء لترد على الفقراء، وهي من حق الفقراء ولا منة لمعطيها عليهم فيها، ويجب على ولي الأمر أن يحصل زكاة الأموال الظاهرة منهم ليعيد توزيعها، ومن أنكرها أو أبى أن يؤديها أخذت منه بالقوة وعوقب على ذلك، قال صلى الله عليه وسلم:« مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا بِهَا فَلَهُ أَجْرُهَا وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ» (رواه أبو داود والنسائي).
وتشريع الزكاة يعتبر تمويلا آليا للفقراء الذين لا يجدون الكفاف، كما أنها تمويل لمن أراد الاتجار والاستثمار من الفقراء، وكذلك قضاء لديون الغارمين بسبب الجوائح والإفلاس وغيرها من الأسباب.
ولا شك أن الهدف الأسمى للزكاة أن يتمكن الفقير من إغناء نفسه بنفسه، حيث يكون له مصدر دخل ثابت يغنيه عن طلب المساعدة أو الزكاة مرة أخرى.
ومثل الزكاة الأوقاف فإن من شأنها أن تساهم في توفير فرص عمل في المجتمع المسلم من خلال استثمار الأراضي والمباني التي يوقفها أصحابها طمعا في الصدقة الجارية، وقد قال صلى الله عليه وسلم:« إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» (رواه مسلم 1631).
ثالثا: الحث على التعاون وعلى القرض الحسن
ومما حث عليه الشرع التعاون بين أفراد المجتمع وطبقاته، فقال سبحانه: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة:2)، وقال صلى الله عليه وسلم:« مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رواه مسلم. ومن مظاهر هذا التعاون توظيف أرباب الأموال لإخوانهم الذين لم يجدوا عملا باستثمار أموالهم المدخرة، واستبعاد الفكر الرأسمالي الذي يجعل الربح هدفا للاستثمار على حساب نوعية الإنتاج وعلى حساب السعي إلى إيجاد مناصب الشغل.
ومن مظاهر هذا التعاون القرض الحسن لمن طلبه، سواء من أجل إنفاقه أو استثماره وقد جاء في الحديث:« مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا قَرْضًا مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً » رواه ابن ماجة (2430) وقوله:"وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" يدل على معنى القرض وعلى معنى انظار المعسر بالدين.
رابعا : الهجرة داخل البلاد الإسلامية
إن الله تعالى قد علق الرزق بالضرب في الأرض والانتشار فيها والمشي في مناكبها، والانتقال من بلد إلى بلد فقال سبحانه:(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (الملك/15). وجعل سبحانه من أسباب الرزق الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، قال تعالى : (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً) (النساء:100)، وإذا ضاقت أسباب الرزق على عبد في بلدته فلينتقل إلى على بلدة أخرى، مجاورة أو غير مجاورة قريبة أو بعيدة، فإن الله تعالى أمرنا بطلب الرزق ووعد به ولكن لم يحدد له مكانا، فما على المسلم أن يطلب هذا الرزق حيثما تيسر له، ولا يطغى على أحدنا حب العشيرة والحي حتى يجعله يرضي بحال الفقر والبطالة.
خامسا : إلزام النساء بترك العمل لإخوانهم الرجال
إن من أسباب البطالة التي لا يجرأ أكثر العصر على التصريح بها خروج المرأة من بيتها وتركها للوظيفة التي خلقت من أجلها، ومنافستها للرجل في جميع وظائفه بما فيها الوظائف الحكومية والعسكرية، فخالفت أمر ربها الذي قال لها: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) (الأحزاب/33) وخالفت نبيها صلى الله عليه وسلم الذي حدد لها مسؤوليتها فقال :« والمرأة راعية في بيت بعلها ومسؤولة عن رعيتها»(متفق عليه) فخرجت متبرجة ومتحجبة وخالطت الرجال في أماكن العمل وأخذت أماكن إخوانها العاطلين الذين أصبح يتجاذبهم الموت في البحر واحتراف الجريمة، إن هجوم المرأة المسلمة إلى ميدان الشغل يعتبر من أهم عوامل انتشار الفساد في المجتمع إضافة إلى ازدياد حدة البطالة القهرية.
ولو أن كل رجل أوقف أخته أو أمه أو ابنته عن العمل لوجد كل واحد منهم عملا، وأظن أن هذا التفكير أرقى بكثير من التفكير في فرض التقاعد المبكر على العمال النشطين والمنتجين الذين اكتسبوا الخبرات وما زالت لديهم طاقات يقدمونها لصالح مجتمعهم، واعتقد أن هذا التفكير يجعلنا نؤمِّن تربية أولادنا في بيوتنا، وسنكون في غنية عن بيوت إعادة التربية التي انتشرت في بلادنا أصبحت باسمها هذا سُبَّة يسب بها المجتمع الجزائري والإسلامي ككل، وبرجوع المرأة على بيتها وقيامها بدورها سنتخلص من كثير من هؤلاء المنحرفين الذين ملؤوا البلاد شرقا وغربا حتى تعجز الآلاف المؤلفة لقوات الأمن عن كبحهم وصد عدوانهم في حالات انتشار الفوضى وانعدام الأمن.
سادسا: إحياء الأرض والرجوع إلى الزراعة
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:« من أحيا أرضا ميتة فهي له» وهذا الإحياء كما ذكر الفقهاء يكون بالبناء وبالزراعة وبحفر الآبار ونحو ذلك من الأعمال، وهذا الحديث فيه تشجيع على خدمة الأرض والزراعة وعلى توسيع نطاق الأراضي المستغلة عموما، وتشجيع على الاستثمار في مادة أولية لا تنضب أبدا ولا يمكن للإنسان أن يستنفذها، على عكس ما تصوره بعض النظريات التي وضعها أناس لا يؤمنون بالله تعالى ولم يجوبوا أرض الله الواسعة فراحوا يصورون للناس ضيق الأرض كما ضاق أفقهم وعقولهم وأن خيراتها على وشك النضوب.
وبلاد الإسلام والحمد الله تعالى واسعة إلا أننا الناس منحصرين في تجمعات سكنية معدودة الأمر الذي سبب لهم مشاكل السكن والنظافة والأمن والبطالة، وعدم الاكتفاء الذاتي في جانب الغذاء الذي مصدره الأرض، وإن من أسباب انتشار البطالة في بلادنا ما سمي قديما بالنزوح الريفي الذي كان متمثلا في هجرة الناس من المناطق الريفية الفلاحية إلى المدن الكبرى للاشتغال في القطاع الصناعي والإداري، ولقد كان من نتيجة ذلك في بلادنا ترك كثير من الأراضي دون استغلال وهلاك كثير من الأشجار المثمرة دون تجديد لغرسها حتى تراجع الإنتاج الرزاعي بشكل رهيب بحيث إننا في الجزائر وبعد قرابة خمسين سنة من الاستقلال لم نصل بعد إلى محاصيل سنة 1962م، رغم أن عدد السكان قد تضاعف ثلاث مرات.
إعداد : طه كمال خضر الأزهري
هناك 6 تعليقات:
ممتااااز
اشكركم شكر من اعماق قلبي
الشكر لله ، مرحبا بك بيننا ، ويسعدنا أن تناول موضوعاتنا إعجابكم ورضاكم ، خالص التحية والتقدير لشخصكم الكريم
حرااام عليك فيه ناااس عندهم بحوث والنسخ يرفض ومع ذالك فان المعلومات امكن غير دقيقة
والله يعز الكتب في المكاتب
هههههههههاي
ممتاز اشكركم
ممتاز
ممتاز اشكركم
إرسال تعليق