في البدء أرجو الله السلامة لنا جميعًا، ثم أرجو ألا تظلمني أو تظلم نفسك بعدم التمعّن في المقال وقراءته حتى نهايته.
لم تغيّر الثورة كثيرًا مما كنّا نحلم بتغييره خصوصًا في الأفكار والتوجّهات والمخطّطات وأعني بهذا الكلام طوائف معينة داخل المجتمع المصري.
أخص منها الآن بالذكر طائفتين لهما توجّه متشابه يقرّ به كل منصف دارٍ بخبايا الأمور ومغبّاتها.
الطائفة الأولى : النصارى الأرثوذكس.. وعلى رأسهم بطريرك الكرازة المرقسية "شنودة الثالث".. وحاشيته وأتباعه في المجامع المقدّسة والأديرة والكنائس.. وفي المهجر.
اتخذت هذه الطائفة حتى ما قبل الثورة استراتيجية التغوّل بكل صوره وأشكاله.. غير معنيّة ولا مكترثة ولا مبالية بأي شئ سوى ما تراه يناسب مصلحتها ويحقّق مطامعها.. ويرسّخ نجاح خطواتها أو لنصدق ونقول "مخططاتها".. متخّذة في سبيل ذلك كل ما يلزم ! تماشى أو تنافى مع المبادئ العامة والأخلاقيات المتّفق عليها.
وجاءت الثورة وانكمشت الكنيسة برموزها الدينية على نفسها في كمونٍ متربّص تنتظر وتعيد تقييم الأمور.. لتبدأ في الخروج من جديد والمضيّ قدما في تنفيذ المخطط ذاته وكأن الثورة لم تكن!
كل ما اختلف لديهم هو أنهم باتوا أكثر تيقّظا وانتباها وخبثا ودهاءًا.. وأسرع انتهازًا للفرص وأبرع ليًّا لظواهر الأمور وتصنيفاتها بما يخدم توجّههم.. وجنّدوا لأجل ذلك أموالهم ورجالهم - منهم أو من مناصريهم -.. ليكملوا طريق التغوّل زحفًا نحو غايتهم المقدّسة التي لا يجهلها كل متابعٍ منصفٍ يقظٍ للملف القبطي المصريّ!
ولأنه قبل الثورة كان النظام وأجهزته الأمنية ترعى أو تقف أو تداهن أو تعاون (بحسب تنوع المواقف) الكنيسة وتوجهاتها.. فلم يكن هناك توجهٌ ذو تأثير يذكر يقف في مواجهة الكنيسة وأفاعيلها !
والآن – بعد الثورة – سقطت الأجهزة الأمنية سقطةً لن تقوم منها قريبا.. وهي وإن كانت تترنّح محاولةً النهوض من سقطتها إلا أنها ستعاود سقوطها قريبا وستعلمون معي في آخر المقالة السبب.
الآن بعد هذا السقوط.. ظهر توجّهٌ له تأثير او هكذا يحاول.. وهو لا يختلف كثيرًا في بعض أساليبه عن الكنيسة.. وهو ما سأعرض له في حديثي عن الطائفة الثانية.
الطائفة الثانية : هي الجماعات الإسلامية ذات التوجّه الصدامي أو المندفع (كـجماعة الجهاد، وجزء غير هيّن من الجماعة الإسلامية) والتي لا زالت ترى الأمور كما هي قبل وبعد الثورة.. الأنظمة القائمة يرونها لا زالت "كفرية".. التغيير بالقوة هو الأكثر حسمًا ونجعًا ! ولمن لا يعلم تركيبتهم النفسية؛ فهم يُستفزون سريعًا.. ويتأهبّون سريعًا.. وأيضًا يردّون سريعًا.. معتمدين المباغتة أو الصدام المنهك المرهق.. تكاد ترى هذا في مناقشاتهم وطرائق تفكير الكثير منهم قبل أن يتجسد واقعًا على الأرض! وإن كان الكبار والقدامي منهم صاروا الآن أكثر حنكة ورويّة.. ولكن الأمور كما هي عندهم.. ولا زالت!
وجدت هذه الطائفة ضالتها المناسبة لها في قضية "المسلمات المحتجزات لدى الكنيسة".. وإن كنت أوافقهم ككثير من الإسلاميين في رفض هذا الأمر وضرورة مواجهة الأمر وحسمه.. إلا أنهم ينفردون بفكرة استخدام القوة والتعجيل بذلك.. بل والتمهيد له.
وكانت لهم خلال الفترة الماضية عدة وقفات بالتنسيق مع غيرهم من المناصرين للقضية.. ولكن صدّرت الكنيسة لهم (الطرشة! والوشّ التلم!).. فتوجّهوا للمجلس العسكري الذي وعدهم بحل الأمر.. ولكن رغم محاولات المجلس العسكري.. ورئيس الوزراء نفسه خلال لقاءاتهم برأس الكنيسة.. حسم هذا الأمر وإنهائه إلا أنه تفضّل مشكورًا من كل متطرف.. تفضّل بالرفض الباتّ لكل هذه المحاولات المرموقة.
حسنٌ جدًا.. الآن لم يبق سوى خيار القوة لدى من يتبنّون "التعامل بالقوة" منهجًا.
وهذه هي الشرارة التي ستندلع قريبا جدا أقرب ممّا تظنون! لتحرق الزيت الذي يملأُ أرض مصر!
لمن يعلمُ كلتا الطائفتين جيدًا.. فكلتاهما لا تستبعد خيار القوة.. بل وترتّب له!
فقد توجه (الجهاديون وآخرون) للاعتصام أمام الكاتدرائية (والأمر عندهم ليس "جرّ شكل".. إذ يرون الكنيسة هي البادئة في العداء والاعتداء.. و "البادي أظلم"!).
ويبذل الجيش جهوده والسلفيون جهودهم لأجل احتواء الموقف..
لا أستبعد حينئذٍ أن تنطلق فرق الكشافة الكنسية (ذات التدريب الفائق في بيروت وأمريكا) للتعامل مع الأمر بشكل مباشر!
من قال أن الجهاديين لا يتوقعون هذه الفرصة؟!
فلتكن حربا أهلية إذن ابتداءً من لحظتها ! كما يريدها متطرفو الكنيسة.. ومتعصبو الجهاد !
وهذا ما سيحقّق لكليهما فرصة الروع في مخطّطه الخاص.. الكنيسة التي تروم الانفراد بحكم مصر على طريقة "مملكة السماء"! ولأنها أقلية فستتحرك القوى الخارجية المتفق معها لحفظ حقوق الأقلية المضطهدة كذبا وزورا وبهتانا في مصر !
والجهاديون الذين سيتخذون طريق القوة تصاعديًا حتى التمكّن من حكم البلاد.. وربما تكون عراقًا أخرى وربما ما هو أروع (من صفة "مروّع") فقد اعتبرنا أن التجربة لمصرية دائمًا تختلف!
قد يتساءل البعض عن الجيش والأجهزة الأمنية.. أين ساكون من كل هذا؟!
أقول حينئذٍ : أنه وإن بدت لنا مظاهر القوة في الجيش والأجهزة الأمنية.. فإن الجيش في حقيقة الأمر منهكٌ جدا.. والأجهزة الأمنية تتساقط في ترنّحها.. وهذا ما تلعب عليه كلتا الطائفتين المذكورتين!
وإن لم تندلع هذه الشرارة قريبا .. فهي مندلعةٌ لا محالة في غدٍ قريبٍ جدا.
ألا قد أنذرتكم!
اللهم فاشهد .. اللهم فاحفظ مصرنا ..
ومن العجب العجاب : أن مخطط الطائفتين معروفا من قبل ويعرفه القاصي والداني .
وأنا بصراحة أقولها لا دخل للمنهج السلفي في كل هذا ، فمن المعروف أن هناك ثلاث حركات لمنهج السلف منها الجهادية ، والتي أعلم جيدا أن السلفية العلمية تختلف معها تماما ومع كثير من أفكارها .
ومما يثير دهشتي ؟ هذه الحملة الشعواء على السلفية وأتباعها في مصر ، ويظهر هذا جليا في وسائل الإعلام العلمانية ، ووسائل الإعلام النصرانية ، والجرائد المشهورة المعروفة بالميل لليبرالية ، لا سيما أن وجد الكثير منهم أن المنهج السلفي الأقدر على ضم أكبر عدد من أفراد الشعب تحت راياته أو جماعته .
والكل يعلم يقينا أن السلفية على العكس تماما مما يتهمهم به هؤلاء .
فياليت قومي يعلمون بما يدبر لمصر وشعبها من مخططات ، سواء أكان من الطائفة الأرثوذكسية المسلحة التي تقوم بتعبئة الأديرة والكنائس بالأسلحة والمعدات من زمن طويل أم كان من الطائفة الجهادية الإسلامية التي تتعامل بالقوة مع كل الأمور وتنسى أو تتناسى كتاب ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم .
فاللهم سلم يارب من هؤلاء وغيرهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق