بدون تعليق |
اتصالات مكثفة يجريها مسئولون أمريكيون لإقناع الرياض بتزويد الثوار الليبيين بأسلحة متطورة لتمكينهم من الإطاحة بنظام معمر القذافي الذي يحكم البلاد منذ اربعين عاما، مقابل صمت واشنطن عن أي إجراءات تتخذها السعودية ضد الإصلاحيين والمعارضين للأسرة الحاكمة.
ولتجنب تدخل عسكري في ليبيا على ضوء الثورة "المسلحة" التي تدخل أسبوعها الثالث، ولمحاولة ايجاد حلفاء لها من المعارضة الليبية، فقد طلبت الولايات المتحدة من المملكة العربية السعودية تزويد الثوار في بنغازي بالسلاح اللازم لمقاومة الكتائب الموالية للنظام الليبي، وذلك بعد الإدانة الدولية للجرائم التي ترتكبها القوات الموالية لحكومة طرابلس.
ورغم من أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبدالعزيز لا تربطه علاقات جيدة بالزعيم الليبي معمر القذافي وكذلك حاجته للدعم الأمريكي في مواجهة محاولات الطائفة الشيعية وإصلاحيين تنظيم احتجاجات في البلاد الأمر الذي يهدد دولا أخرى في الخليج العربي، الا أن تقارير غربية أكدت أن الرياض لم تستجب حتى الآن لطلب واشنطن الذي صُنف بـ"سري للغاية".
وتواجه السعودية تهديدات بمظاهرات غاضبة يوم الجمعة القادم بما سمي بـ"يوم الغضب" دعت إليه الأقلية الشيعية شرق البلاد واصلاحيون، وأصدرت السلطات هناك فتاوى دينية تحرم المظاهرات تجنبا لمواجهات قد تقود البلاد الى احتجاجات كالتي حدثت في تونس ومصر ومؤخرا ليبيا.
يأتي طلب واشنطن في إطار التعاون العسكري الوثيق مع الرياض، حيث سبق للأخيرة وأن مولت المجاهدين الأفغان إبان حربهم ضد الاتحاد السوفيتي السابق في ثمانينات القرن الماضي، ولعبت السعودية دورا استراتيجيا في تلك الحرب بالوكالة عن إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان. كما دعمت الرياض حكومة حركة طالبان بعد هزيمة السوفييت بالسلاح والأموال.
وتعتبر السعودية الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة الوحيد الذي بمقدوره تقديم أسلحة للمقاتلين الليبيين. وبحسب المراقبين فإن الطلب الأمريكي يعفي واشنطن من أي تورط عسكري حتى لو كان عن طريق تزويد المعارضة الليبية بالسلاح، على الرغم من أن الأسلحة الأمريكية ستكون مدفوعة الثمن من قبل السعوديين.
وبحسب الكاتب الصحفي روبرت فيسك في تقرير نشرته "الاندبندنت" البريطانية في عددها الصادر اليوم الاثنين، فإن واشنطن أبلغت السعوديين أن معارضي القذافي بحاجة الى صواريخ مضادة للدبابات وقذائف هاون كأولوية لصد هجمات كتائب القذافي، وصواريخ ارض جو لاسقاط طائراته المقاتلة، وما زالت تنتظر رد الرياض.
وذكر التقرير أن إمدادات الأسلحة يمكن أن تصل بنغازي في غضون 48 ساعة، ولكنها يجب أن تُسلم في القواعد الجوية في ليبيا أو في مطار بنغازي، وعندها سيتمكن المقاتلون الليبيون من التقدم ومهاجمة معاقل القذافي غرب البلاد، مما قد يخفف الضغط الدولي على الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي "الناتو" لفرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا.
المخططون العسكريون الأمريكيون كانوا قد أوضحوا سابقا أن فرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا سيتطلب اعلان استنفار المضادات الجوية والطائرات المقاتلة لحلف الناتو لمواجهة أي اختراق، الأمر الذي قد يُورط واشنطن في حرب مباشرة مع القذافي لصالح معارضيه.
وكانت طائرات المراقبة الأمريكية "أواكس" قد حلقت لعدة أيام بمحاذاة الحدود الليبية في المياه الدولية وقامت بالتنسيق مع المراقبة الجوية في مالطا لإفادتها بتفاصيل عن الحركة الجوية فوق الأراضي الليبية ، بما في ذلك تقارير رحلات طائرة القذافي الخاصة خلال الـ 48 ساعة الماضية حين توجهت الى الاردن وعادت الى ليبيا قبل العطلة الأسبوعية.
وتدخل البيانات التي تبثها طائرات الاواكس في منظومة مكافحة الإرهاب التي فُرضت على منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بعد احداث 11 سبتمبر والتي تتيح لدول الناتو وحلفائها الاطلاع عليها وتحليلها.
وبما أن القذافي تم اعادة تصنيفه من قبل الغرب على انه "رأس الارهاب" وذلك بعد الهجمات الدامية التي شنتها كتائبه على الشعب الليبي، فإن تلك البيانات تتيح للناتو تسهيل تحديد الأهداف على الأراضي الليبية في حال تم اقرار ضربة عسكرية.
لكن السعودية تواجه بالفعل مخاطر من "يوم غضب" تشمل احتجاجات غاضبة دعى لها مواطنون من الطائفة الشيعية ضد الأسرة الحاكمة يوم الجمعة وتعتبر امتدادا للاحتجاجات التي شهدتها مملكة البحرين، الجزيرة المجاورة.
وبعد انتشار كثيف لقوات الأمن والشرطة في محافظة القطيف الأسبوع الماضي ، وأعلنت السلطات السعودية حظرا على كل المظاهرات وصل الى حد إصدار فتاوي دينية بتحريمها.
ويزعم منظمو "يوم الغضب" أن عدد المشاركين يصل إلى 20000 شخص، كما يخطط المنظمون لجعل النساء تتصدر مقدمة المظاهرات لمنع قوات الأمن السعودية من فتح النار على المتظاهرين.
ويرى المراقبون أنه في حال قبلت السعودية بالطلب الأمريكي لتزويد المقاتلين الليبيين بالسلاح والصواريخ، فإن صفقة غير معلنة سيتم تنفيذها من خلال صمت واشنطن على أي قمع سيمارسه النظام في الرياض ضد المعارضين في البلاد.
وإذا نجحت الولايات المتحدة في إقناع السعودية بهذه الصفقة، فإن واشنطن ستنجح ايضا بالإطاحة بحكم القذافي وايجاد حلفاء لها في المعارضة الليبية وستضمن استمرار تدفق النفط اليها من شمال إفريقيا، كما أنها ستحبط اية محاولة لزعزعة استقرار حلفائها في الرياض ودول الخليج العربي وعدم تكرار اية محاولات لـ"التغيير" في منطقة تتربع على 60 بالمئة من نفط العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق